في ظل الظروف الإنسانية المأساوية التي يعيشها قطاع غزة، يمثل البرد القارس تهديدًا مباشرًا لحياة النازحين، خاصةً الأطفال وكبار السن والمرضى. حذّر مدير عام وزارة الصحة بقطاع غزة، منير البرش، من تزايد خطر الوفاة بسبب انخفاض درجات الحرارة وتفاقم الأوضاع الصحية داخل خيامهم التي غمرتها مياه الأمطار نتيجة المنخفض الجوي الذي يضرب القطاع. هذا الوضع يضاف إلى سلسلة المعاناة التي يعيشها السكان جراء الحصار الإسرائيلي المستمر والقيود المفروضة على إدخال المساعدات.
تدهور الأوضاع الإنسانية مع اشتداد المنخفض الجوي
يشهد قطاع غزة منذ فجر الأربعاء اشتداد تأثير المنخفض الجوي، مما أدى إلى غرق آلاف خيام النازحين في مناطق مختلفة. وقد تلقى جهاز الدفاع المدني بغزة خلال الـ 24 ساعة الماضية أكثر من 2500 مناشدة من نازحين تضررت خيامهم بسبب الأمطار الغزيرة. هذه المناشدات تعكس حجم الكارثة التي تتفاقم مع كل ساعة تمر، خاصةً مع توقعات باستمرار سوء الأحوال الجوية حتى مساء الجمعة.
الخيام المتضررة: واقع مأساوي
لم يكن هذا المنخفض الجوي هو الأول الذي يضرب قطاع غزة، بل هو حلقة في سلسلة من الكوارب الطبيعية التي تزيد من معاناة السكان. فقد أشار المكتب الإعلامي الحكومي بغزة في نهاية سبتمبر الماضي إلى أن نسبة الخيام التي لم تعد صالحة للإقامة بلغت حوالي 93%، أي ما يعادل 125 ألف خيمة من أصل 135 ألفًا. هذا يعني أن غالبية النازحين يعيشون في مأوى غير آمن وغير مناسب، مما يجعلهم عرضة بشكل خاص لمخاطر البرد والأمطار.
البرد القارس: قاتل صامت يهدد حياة النازحين
الوضع الحالي ليس مجرد صعوبة في المعيشة، بل هو إبادة حقيقية، كما وصفها الدكتور منير البرش. فالبرد والمطر ليسا مجرد عوامل جوية، بل هما تهديد مباشر للفئات الهشة التي تعيش بلا مأوى ولا تدفئة. البرد القارس ينهش أجساد الأطفال وكبار السن والمرضى، ويؤدي إلى رجفة شديدة وفقدان حرارة الجسم وتدهور في التنفس، وقد يصل الأمر إلى الوفاة، خاصةً مع انتشار المجاعة وضعف المناعة.
الأمراض والبرد: حلقة مفرغة
تساهم الرطوبة والمياه المتجمعة داخل الخيام في خلق بيئة مثالية لانتشار الأمراض، وعلى رأسها الالتهاب الرئوي والتهابات الجهاز التنفسي. في الوقت نفسه، يعجز المرضى عن الحصول على الدواء أو الرعاية الصحية اللازمة بسبب نقص الإمدادات الطبية وتدهور الخدمات الصحية في القطاع. هذه الحلقة المفرغة من المرض والبرد تزيد من خطر الوفاة وتجعل حياة النازحين أكثر صعوبة.
صمت دولي وتجاهل للمعاناة
يستمر العالم في مراقبة الوضع في غزة بصمت، بينما يعاني الشعب الفلسطيني من المجاعة والقصف والبرد في آن واحد. المنظمات الدولية مطالبة بالتحرك العاجل لتقديم المساعدة الإنسانية اللازمة وتوفير المأوى والتدفئة للنازحين. كما يجب عليها الضغط على إسرائيل لرفع الحصار والسماح بإدخال شاحنات المساعدات بشكل كافٍ لتلبية احتياجات السكان.
قصص مأساوية من قلب المعاناة
تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر وفاة رضيعة في مدينة خان يونس بسبب البرد. وقد ظهر أحد أفراد عائلتها في المقطع وهو يناشد العالم، قائلًا: “قتلها البرد، يا عالم ما حد مدور عليهم، الأطفال بموتوا واحد واحد”. هذه القصة المأساوية ليست الوحيدة، بل هي جزء من سلسلة طويلة من القصص التي تعكس حجم المعاناة التي يعيشها سكان غزة. البرد أصبح عاملاً إضافيًا في معادلة الموت اليومي، يهدد مئات الآلاف الذين لا يطلبون سوى خيمة تحميهم من قسوة الطقس.
تداعيات وقف إطلاق النار والقيود المستمرة
على الرغم من انتهاء حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة مع سريان وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر الماضي، إلا أن واقع المعيشة لم يشهد أي تحسن. فالقيود المشددة التي تفرضها إسرائيل على دخول شاحنات المساعدات تعيق جهود الإغاثة وتزيد من معاناة السكان. هذا يشكل انتهاكًا واضحًا للبروتوكول الإنساني للاتفاق.
الخيام المدمرة: أثر الحرب المستمرة
على مدى العامين الماضيين، تضررت عشرات الآلاف من الخيام بفعل القصف الإسرائيلي الذي استهدفها بشكل مباشر أو استهدف محيطها. بالإضافة إلى ذلك، اهترأ العديد من الخيام بسبب عوامل الطبيعة، مثل حرارة الشمس المرتفعة في الصيف والرياح القوية في الشتاء. هذا الوضع يجعل النازحين أكثر عرضة لمخاطر الطقس البارد ويؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية.
في الختام، الوضع في غزة يزداد سوءًا مع كل منخفض جوي يضرب القطاع. البرد القارس يمثل تهديدًا حقيقيًا لحياة النازحين، خاصةً الأطفال وكبار السن والمرضى. يتطلب هذا الوضع تدخلًا عاجلًا من المجتمع الدولي لتقديم المساعدة الإنسانية اللازمة والضغط على إسرائيل لرفع الحصار والسماح بإدخال المساعدات. يجب ألا ننسى أن حياة هؤلاء الناس تستحق أن تُحترم وأن تُحمى. شارك هذه المقالة لزيادة الوعي حول هذه الكارثة الإنسانية.


