أكد الدكتور عيسى محمد، استشاري الأورام والمعالجة بالإشعاع في مركز الحسين للسرطان في الأردن، أن دراسة ARCHERY الدولية المتقدمة، والتي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي في التخطيط الإشعاعي، تقترب من الانتهاء. تهدف الدراسة إلى تحسين الوصول إلى العلاج الإشعاعي في الدول التي تعاني من نقص الموارد، وتحديداً من خلال تسريع وأتمتة عملية التخطيط للعلاج. ومن المتوقع أن تُعرض نتائج هذه الدراسة الهامة خلال العام المقبل.
جاء الإعلان عن قرب انتهاء الدراسة خلال مشاركة الدكتور عيسى في المؤتمر الرابع لجمعية الشرق الأوسط للعلاج الإشعاعي والأورام (MESTRO 2025) الذي تستضيفه جامعة الفيصل بالرياض، المملكة العربية السعودية. وقد وصلت الدراسة حتى الآن إلى مشاركة 950 مريضًا، ومن المقرر إتمامها بحلول نهاية عام 2025. هذا التقدم يمثل خطوة مهمة نحو إيجاد حلول مبتكرة لتحديات الرعاية الصحية العالمية.
أهمية الذكاء الاصطناعي في التخطيط الإشعاعي
تُعد المعالجة الإشعاعية ركيزة أساسية في علاج العديد من أنواع السرطان، إلا أن الوصول إليها لا يزال محدودًا في العديد من المناطق حول العالم. وفقًا للدكتور عيسى، لا يحصل سوى 10% إلى 40% من مرضى السرطان في الدول ذات الدخل المتوسط والمنخفض على العلاج الإشعاعي، على الرغم من أن حوالي نصفهم يحتاجون إليه كجزء من خطة العلاج الشاملة.
يعزى هذا النقص بشكل كبير إلى محدودية عدد الأطباء والمتخصصين المدربين في مجال العلاج الإشعاعي. ولمعالجة هذا التحدي، تسعى دراسة ARCHERY إلى الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتسهيل وتبسيط عملية التخطيط الإشعاعي، مما يجعلها أسرع وأكثر دقة وأقل تتطلبًا للموارد البشرية.
كيف تعمل تقنية الذكاء الاصطناعي في الدراسة؟
تستخدم الدراسة خوارزميات الذكاء الاصطناعي لرسم الأعضاء المستهدفة وتحديد حجم وشكل الحزم الإشعاعية بشكل تلقائي. تقليديًا، تتطلب هذه العملية أسابيع من العمل الدقيق من قبل المتخصصين، ولكن تقنيات الذكاء الاصطناعي قادرة على إنجازها في غضون دقائق معدودة.
بالإضافة إلى توفير الوقت، يمكن أن تساهم هذه التقنيات في تحسين دقة العلاج وتقليل الجرعات الإشعاعية التي يتعرض لها الأنسجة السليمة المحيطة بالورم. كما أنها قد تساعد في خفض التكاليف الإجمالية للعلاج، مما يجعله أكثر سهولة للمرضى في الدول ذات الموارد المحدودة. هذا التطور يتماشى مع الجهود العالمية المتزايدة لدمج الابتكارات التكنولوجية في مجال علاج الأورام.
نطاق الدراسة والتعاون الدولي
تركز دراسة ARCHERY على تقييم جودة التخطيط الإشعاعي الآلي وتأثيره الاقتصادي في علاج ثلاثة أنواع شائعة من السرطان: سرطان عنق الرحم، وسرطانات الرأس والعنق، وسرطان البروستاتا. ويشارك في الدراسة ما مجموعه 990 مريضًا، ويتم جمع البيانات وتحليلها من قبل فرق بحثية في عدة دول.
تُنفذ الدراسة بالتعاون بين مستشفيات حكومية في الهند (مستشفيان)، الأردن (مستشفى واحد)، ماليزيا (مستشفى واحد)، وجنوب أفريقيا (مستشفيان). ويهدف هذا التعاون إلى ضمان أن تكون النتائج قابلة للتطبيق في مجموعة متنوعة من الإعدادات السريرية والثقافية. هذا الجهد المشترك يعزز تبادل الخبرات والمعرفة في مجال الرعاية الصحية.
الآثار المحتملة والتوقعات المستقبلية
يعتقد الدكتور عيسى أن نتائج دراسة ARCHERY قد تحدث “نقلة نوعية” في قدرة الأنظمة الصحية على توسيع نطاق العلاج الإشعاعي، خاصة في الدول التي تعاني من نقص في الخبرات. من خلال أتمتة وتسريع عملية التخطيط، يمكن للمستشفيات علاج المزيد من المرضى، وتحسين فرص البقاء على قيد الحياة، وتعزيز جودة الرعاية الشاملة.
ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في الممارسة السريرية يتطلب تخطيطًا دقيقًا وتدريبًا كافيًا للعاملين في المجال الطبي. بالإضافة إلى ذلك، يجب التأكد من أن هذه التقنيات آمنة وفعالة وتتوافق مع المعايير الأخلاقية والقانونية. يرجح أن يكون هناك حاجة لإجراء تقييمات إضافية للتحقق من النتائج وتحديد أفضل الممارسات لتطبيق الذكاء الاصطناعي في مجال العلاج الإشعاعي.
الخطوة التالية المتوقعة هي تحليل البيانات الكاملة من دراسة ARCHERY بعد اكتمال تجنيد المرضى في نهاية عام 2025. ثم سيتم نشر النتائج خلال العام المقبل، مما سيوفر للباحثين والأطباء معلومات قيمة حول إمكانات الذكاء الاصطناعي في تحسين رعاية مرضى السرطان على مستوى العالم. يتعين مراقبة مدى سرعة تبني هذه التقنيات في مختلف الأنظمة الصحية، والتحديات التي قد تواجه تطبيقها على نطاق واسع.


