في تطور مثير للجدل، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن نيته إنهاء وضع الحماية المؤقتة (TPS) للمهاجرين الصوماليين في ولاية مينيسوتا، مما أثار ردود فعل واسعة النطاق. هذا القرار، الذي اتُخذ في 22 نوفمبر 2025، يمثل تسريعًا لإنهاء برنامج بدأ في عام 1991، ويطرح تساؤلات حول مستقبل الجالية الصومالية في الولايات المتحدة. يركز هذا المقال على تفاصيل هذا الإعلان، الأسباب المعلنة، والآثار المحتملة على المستفيدين من الحماية المؤقتة للصوماليين.
قرار ترامب بإنهاء الحماية المؤقتة: تفاصيل وخلفيات
أعلن ترامب، عبر منصته “تروث سوشيال”، عن عزمه إنهاء الحماية المؤقتة للصوماليين في مينيسوتا “على الفور”. وقد برر قراره بادعاءات حول “عصابات صومالية” ترهب سكان الولاية، وتسبب خسائر مالية كبيرة، دون تقديم أي أدلة ملموسة تدعم هذه الادعاءات. كما اتهم الولاية بأنها “مركز لغسل الأموال” في عهد الحاكم الديمقراطي تيم والز، مستندًا إلى تقارير إعلامية لم يتم التحقق منها.
هذا القرار يأتي في سياق تصريحات سابقة لترامب حول الهجرة واللاجئين، ويعكس موقفه المتشدد تجاه هذه القضايا. من الجدير بالذكر أن برنامج الحماية المؤقتة (TPS) أُطلق في عام 1991 في عهد الرئيس جورج بوش الأب، بهدف توفير الحماية للأفراد الذين لا يستطيعون العودة إلى بلدانهم بسبب الحروب الأهلية أو الكوارث الطبيعية أو الظروف الخطيرة الأخرى.
ردود الفعل على القرار
أثار إعلان ترامب ردود فعل متباينة. الحاكم تيم والز وصف القرار بأنه استهداف عشوائي لجالية بأكملها. جايلاني حسين، المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية في مينيسوتا، أعرب عن خيبة أمله، مؤكدًا أن الصوماليين المعنيين هم مهاجرون نظاميون ولا ينبغي أن يعانوا بسبب “لعبة سياسية تستهدف المسلمين”. وأضاف أن هذا الإجراء قد يؤدي إلى تفكك العائلات.
بالإضافة إلى ذلك، أثار القرار مخاوف بشأن التمييز ضد الجالية الصومالية، وتأثيره على التنوع الثقافي في مينيسوتا. العديد من المنظمات الحقوقية انتقدت القرار، واعتبرته غير عادل وغير قانوني.
نظرة على وضع الصوماليين في مينيسوتا وبرنامج الحماية المؤقتة
تضم ولاية مينيسوتا أكبر جالية صومالية في الولايات المتحدة، حيث فر العديد منهم من الحرب الأهلية الطويلة في الصومال واستقروا في الولاية، مستفيدين من البرامج الاجتماعية الترحيبية التي تقدمها. معظم الصوماليين في مينيسوتا أصبحوا مواطنين أمريكيين، ولكن لا يزال هناك عدد قليل منهم يعتمدون على الحماية المؤقتة للصوماليين للبقاء بشكل قانوني في البلاد.
وفقًا لتقرير صادر عن خدمة أبحاث الكونغرس، يوجد حاليًا 705 شخصًا ولدوا في الصومال يتمتعون بوضع الحماية المؤقتة في جميع أنحاء الولايات المتحدة. بالمقارنة، هناك أكثر من 330 ألف شخص من هايتي و 170 ألفًا من السلفادور يتمتعون بنفس الوضع. هذا يوضح أن عدد المستفيدين من البرنامج من الصوماليين صغير نسبيًا.
تأثير إنهاء البرنامج على المستفيدين
إنهاء برنامج الحماية المؤقتة سيؤثر بشكل مباشر على هؤلاء الـ 705 شخصًا، الذين قد يواجهون خطر الترحيل إلى الصومال. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤثر القرار على أسرهم وأطفالهم، الذين قد يكونون مواطنين أمريكيين. هذا يثير تساؤلات حول مستقبل هؤلاء الأفراد، وحقوقهم الإنسانية.
من المهم الإشارة إلى أن إدارة الرئيس جو بايدن كانت قد مددت أهلية الصوماليين للاستفادة من البرنامج حتى 17 مارس 2026. إلغاء هذا التمديد يمثل تغييرًا كبيرًا في السياسة، وقد يؤدي إلى حالة من عدم اليقين والقلق بين أفراد الجالية الصومالية.
الآثار المحتملة والتحديات المستقبلية
قرار ترامب بإنهاء الحماية المؤقتة للصوماليين يثير العديد من التحديات المستقبلية. قد يؤدي إلى زيادة الدعاوى القضائية، والاحتجاجات، والضغط السياسي على الحكومة الأمريكية. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤثر القرار على العلاقات بين الولايات المتحدة والصومال.
من ناحية أخرى، قد يشجع هذا القرار الإدارات المستقبلية على تبني سياسات هجرة أكثر تشديدًا. ومع ذلك، من المهم التأكيد على أن الهجرة هي قضية معقدة تتطلب حلولًا شاملة ومستدامة، تأخذ في الاعتبار الجوانب الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية. كما أن سياسات الهجرة يجب أن تكون عادلة ومنصفة، وتحترم حقوق الإنسان.
في الختام، قرار إنهاء الحماية المؤقتة للصوماليين في مينيسوتا هو قرار مثير للجدل له تداعيات كبيرة على الجالية الصومالية في الولايات المتحدة. يتطلب هذا القرار نقاشًا عامًا واسعًا، وتقييمًا دقيقًا لآثاره المحتملة، والبحث عن حلول تضمن حماية حقوق جميع الأفراد، بغض النظر عن أصلهم أو وضعهم القانوني. نأمل أن يؤدي هذا المقال إلى زيادة الوعي بهذه القضية الهامة، وتشجيع المشاركة الفعالة في الحوار حول مستقبل الهجرة في الولايات المتحدة.


