في ظل الظروف المناخية المتغيرة، تواجه فيتنام تحديات متزايدة من الكوارث الطبيعية. فقد أعلنت الوكالة الحكومية لمواجهة الكوارث في فيتنام، يوم السبت، عن ارتفاع عدد ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية في وسط البلاد إلى 55 شخصًا، مع بقاء 13 شخصًا آخرين في عداد المفقودين. هذا الحادث المأساوي يسلط الضوء على الأثر المدمر للتغيرات المناخية وضرورة الاستعداد لمواجهة مثل هذه الكوارث.
تدهور الوضع في فيتنام: ارتفاع حصيلة الضحايا بسبب الفيضانات
شهدت مناطق وسط وجنوب فيتنام موجة أمطار غزيرة لم تتوقف منذ أواخر شهر أكتوبر/تشرين الأول، مما أدى إلى فيضانات واسعة النطاق. تجاوزت كمية الأمطار المتساقطة في بعض مناطق وسط فيتنام 1900 مليمتر، وهو معدل غير مسبوق ساهم في غرق العديد من المناطق، بما في ذلك الوجهات السياحية والمواقع الأثرية الهامة.
إقليم داك لاك كان الأكثر تضررًا، حيث وصل عدد الوفيات فيه إلى 27 شخصًا. يلي ذلك إقليم خانه هوا الذي سجل 14 حالة وفاة. أما بقية الضحايا فتوزعوا على أربعة أقاليم أخرى، مما يؤكد على النطاق الجغرافي الواسع لهذه الكارثة. فرق الإنقاذ تعمل على قدم وساق للعثور على المفقودين وتقديم المساعدة للمتضررين.
جهود الإنقاذ المستمرة والعوائق التي تواجهها
فرق الإنقاذ الفيتنامية تواجه صعوبات جمة في عمليات البحث والإنقاذ، حيث لا تزال بعض المناطق معزولة بسبب ارتفاع منسوب المياه وتضرر البنية التحتية. لا يزال العديد من الأشخاص عالقين على الأشجار وفي أسطح المنازل، مما يتطلب جهودًا مضاعفة لإنقاذهم.
بالإضافة إلى الفيضانات، تسببت انزلاقات الطين في أضرار جسيمة، خاصة في مركز دا لات السياحي. حيث اجتاحت هذه الانزلاقات الطرق الجبلية، مما أدى إلى إغلاقها وتعطيل حركة المرور.
الأضرار المادية والخسائر الاقتصادية الناجمة عن الكارثة
تجاوزت الأضرار المادية الناجمة عن الكوارث الطبيعية في فيتنام ملياري دولار حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول، وفقًا لمكتب الإحصاء الوطني. وحسب بيانات وكالة الكوارث الفيتنامية، غمرت المياه أكثر من 235 ألف منزل، وتضرر ما يقرب من 80 ألف هكتار من الأراضي الزراعية.
كما أدى انقطاع التيار الكهربائي إلى تعقيد الأوضاع، حيث بقي حوالي 300 ألف شخص محرومين من الكهرباء، بعد أن انقطع التيار عن أكثر من مليون شخص في وقت سابق. وتشير التقارير إلى أن العديد من الطرق السريعة لا تزال غير صالحة للاستخدام، مما يعيق وصول المساعدات إلى المناطق المتضررة.
دور التغير المناخي في تفاقم الأوضاع
يعزو الخبراء الزيادة في حدة ووتيرة الأمطار الغزيرة إلى الاحترار المناخي الناتج عن الأنشطة البشرية. هذا الاحترار يؤدي إلى تفاقم الظواهر المناخية المتطرفة، مثل الفيضانات والجفاف والأعاصير، مما يزيد من خطر الكوارث الطبيعية.
فيتنام، كغيرها من الدول النامية، تعتبر من أكثر الدول عرضة لتأثيرات تغير المناخ نظرًا لطول ساحلها المنخفض وارتفاع الكثافة السكانية في المناطق الساحلية. هذا يجعلها عرضة لأضرار جسيمة نتيجة لارتفاع منسوب سطح البحر والأمطار الغزيرة.
الاستعداد والتخفيف من حدة الكوارث: ضرورة ملحة
انطلاقًا مما حدث، أصبح الاستعداد للكوارث والتخفيف من حدتها أمرًا بالغ الأهمية في فيتنام. يتطلب ذلك الاستثمار في البنية التحتية المقاومة للكوارث، مثل السدود وشبكات الصرف الصحي، وتحسين أنظمة الإنذار المبكر، وتنفيذ خطط للاستجابة السريعة في حالات الطوارئ.
بالإضافة إلى ذلك، يجب على الحكومة الفيتنامية العمل على رفع مستوى الوعي العام حول مخاطر الكوارث الطبيعية وتعزيز ثقافة السلامة في المجتمعات المحلية. كما أن التعاون الدولي يعتبر ضروريًا لتقديم الدعم والمساعدة للفيتنام في جهودها للتكيف مع تغير المناخ وتقليل الأضرار الناجمة عن الكوارث.
ختامًا، إن الفيضانات والانهيارات الأرضية في فيتنام ما هي إلا تذكير آخر بالأثر المدمر لتغير المناخ وضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة والاستثمار في التكيف مع الظروف المناخية الجديدة. إن التعافي من هذه الكارثة يتطلب جهودًا مشتركة من الحكومة والمجتمع الدولي، مع التركيز على بناء مستقبل أكثر استدامة ومرونة. نأمل في أن تتوفر المزيد من المعلومات حول عمليات الإنقاذ وتقديم المساعدة للمتضررين في الأيام القادمة.



