أصدرت المحكمة التونسية أحكامًا بالسجن على معارضين بارزين، مما أثار موجة من الانتقادات الداخلية والخارجية. وفي هذا السياق، صرح أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني، بأن هذه الأحكام هي “جائرة” و”مبنية على تهم ملفقة”، مؤكدًا أن القضاء في تونس أصبح أداة في يد السلطة. هذا المقال يتناول تفاصيل هذه القضية، ردود الفعل عليها، ومستقبل الحراك السياسي في تونس.
الأحكام القضائية الأخيرة وتصريحات أحمد نجيب الشابي
أصدرت محكمة استئناف تونس الأسبوع الماضي أحكامًا بالسجن تصل إلى 45 عامًا على قادة معارضين، ورجال أعمال، ومحامين، بتهمة التآمر للإطاحة بالرئيس قيس سعيد. هذه الأحكام، التي وُصفت بالقاسية، طالت شخصيات بارزة مثل جوهر بن مبارك، وعصام الشابي، وغازي الشواشي، بالإضافة إلى أحمد نجيب الشابي نفسه.
وقد خفّضت المحكمة حكم الشابي من 18 إلى 12 عامًا، بينما رفعت عقوبة بن مبارك والشابي والشواشي من 18 إلى 20 عامًا. إلا أن الشابي رفض الاعتراف بشرعية هذه المحكمة، معتبرًا إياها “مجرد أداة لتنفيذ أوامر السلطة”. وفي مداخلة مع قناة الجزيرة، أعلن الشابي أنه قاطع محاكمته لأنه “القضاة موظفون لدى السلطة”. وأضاف أن عناصر الأمن تحاصر منزله استعدادًا لإيقافه، معربًا عن خوفه من نقله إلى السجن لقضاء مدة عقوبته.
اتهامات بالتسييس ورفض الاعتراف بالقضاء
الشابي لم يتردد في توجيه اتهامات صريحة للقضاء التونسي بالانصياع للسلطة الحاكمة. وأكد أنه حتى الطعن بالتعقيب على الحكم الصادر بحقه مرفوض، لأنه “ليس لدينا قضاة.. لنا موظفون تحت إمرة السلطة السياسية، توظفهم للانتقام من الخصوم السياسيين”. هذه التصريحات تعكس عمق الأزمة الثقة بين المعارضة والقضاء في تونس.
وأضاف الشابي أن القضية تحولت من مسار قضائي إلى معطيات سياسية، مشيرًا إلى أنه يتهم في آخر حياته (82 عامًا) بالإرهاب، وهو الذي قضى 50 عامًا في إطار الشرعية والسلمية. لكنه استطرد بالقول إن هذا الوضع قد يؤدي إلى تغيير في موازين القوى بين المجتمع والسلطة. الوضع السياسي في تونس يشهد تصاعدًا في التوترات، وتزايدًا في الاعتقالات، وتقييدًا للحريات.
خلفية القضية وتطوراتها الأخيرة
تعود جذور قضية “التآمر على أمن الدولة” إلى شهر فبراير/شباط 2023، عندما أوقفت السلطات التونسية مجموعة من السياسيين المعارضين، والمحامين، وناشطي المجتمع المدني. واتُهم هؤلاء الأشخاص بالتخطيط لزعزعة الاستقرار وإسقاط الرئيس قيس سعيد.
وفي تطورات حديثة، ألقت الشرطة التونسية القبض على المحامي والمعارض البارز العياشي الهمامي، لتنفيذ حكم نهائي بالسجن لمدة 5 سنوات، وهو ما أثار غضبًا واسعًا في الأوساط الحقوقية والسياسية. هذه الاعتقالات المتتالية تزيد من حدة الأزمة وتعمق الانقسامات في المجتمع التونسي. الاعتقالات السياسية في تونس أصبحت سمة بارزة في المشهد السياسي الحالي.
تفاؤل حذر ومستقبل الديمقراطية التونسية
على الرغم من الظروف الصعبة والأحكام الجائرة، أعرب أحمد نجيب الشابي عن تفاؤله بمستقبل تونس. وقال إنه سيذهب إلى السجن بضمير مرتاح، لأنه شاهد “روحًا جديدة ومعنويات مرتفعة” في صفوف الطيف المدني والسياسي خلال المظاهرات الأخيرة. وأشار إلى أن هناك “ألفة لم تكن معهودة” بين مختلف القوى المعارضة والمجتمع المدني.
كما أشار الشابي إلى أن تونس تشهد اضطرابات اجتماعية، مثل تلك التي تحدث في محافظة قابس جنوب شرقي البلاد. وأضاف أن الحكومة “مضطربة في إدارة الملف الداخلي وفي علاقاتها الخارجية”، وأنها في “معركة مفتوحة ورسمية مع الاتحاد الأوروبي”.
ويرى الشابي أن هناك حراكًا اجتماعيًا كبيرًا في تونس، وأن الاتحاد العام التونسي للشغل يستعد لإعلان إضرابات قطاعية وجهوية، وربما إضراب عام في البلاد. كما أن هناك احتقانًا في أوساط الشباب التونسي. هذه العوامل مجتمعة قد تؤدي إلى تغييرات جذرية في المشهد السياسي التونسي.
الخلاصة: تحديات جمة ومستقبل غير واضح
الأحكام القضائية الأخيرة التي طالت المعارضين التونسيين تمثل ضربة قوية للديمقراطية والحريات في البلاد. تصريحات أحمد نجيب الشابي تعكس قلقًا عميقًا بشأن استقلالية القضاء وتسييس السلطة. على الرغم من التحديات الجمة، لا يزال هناك أمل في مستقبل أفضل لتونس، خاصة مع وجود حراك اجتماعي متزايد وتعبئة شعبية واسعة.
من الضروري متابعة التطورات في تونس عن كثب، ودعم جهود الحفاظ على الديمقراطية والحريات، وضمان حقوق الإنسان للجميع. هذه القضية ليست مجرد شأن داخلي تونسي، بل هي قضية تتعلق بمستقبل الديمقراطية في المنطقة العربية بأكملها. شارك هذا المقال مع أصدقائك وعبر عن رأيك في التعليقات.



