أكد مسعد بولس، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون الأفريقية والعربية، أن الأزمة السودانية أصبحت من أهم أولويات الرئيس دونالد ترامب، مشدداً على ضرورة المباشرة الفورية بهدنة إنسانية قد تمتد ثلاثة أشهر للسماح بدخول المساعدات إلى كافة الأراضي السودانية. هذا التصريح يمثل تحولاً مهماً في الاهتمام الدولي بالوضع المتدهور في السودان، ويأتي في وقت يواجه فيه الشعب السوداني كارثة إنسانية حادة.

تصعيد الاهتمام الأمريكي بالأزمة السودانية

كشف بولس، خلال مقابلة مع الجزيرة، أن الرئيس ترامب عبّر عن اهتمامه العميق بالوضع الإنساني في السودان، واصفاً إياه بأنه “أكبر كارثة إنسانية على الإطلاق”. هذا الاهتمام الشخصي للرئيس ترامب، بحسب بولس، هو ما جعله ضمن الأولويات الأمريكية الملحة. ورحب المسؤول الأمريكي بالردود الإيجابية التي وردت من طرفي الصراع السوداني، بالإضافة إلى ترحيب واسع من مختلف المجموعات والأحزاب والتجمعات السودانية. كما أشار إلى الترحيب الدولي الكبير الذي لقيته هذه المبادرة، ليس فقط على المستويين الإقليمي والعربي، بل وعلى الصعيد الدولي أيضاً.

الهدنة الإنسانية: أولوية قصوى

الأولوية القصوى حالياً، وفقاً لتصريحات بولس، هي تحقيق هدنة إنسانية فورية والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى جميع المناطق السودانية، وخاصة الفاشر ومدن أخرى تعاني من نقص حاد في الغذاء والدواء. هذه الهدنة، التي قد تمتد لثلاثة أشهر، تهدف إلى تخفيف المعاناة الإنسانية المتزايدة وتقديم الدعم اللازم للمدنيين المتضررين من الصراع. كما أكد بولس أن الهدف النهائي هو وقف دائم لإطلاق النار.

جهود الرباعية والتنسيق الدولي لحل الأزمة السودانية

أوضح بولس أن الولايات المتحدة تعمل بشكل وثيق مع الشركاء في الرباعية التي تضم المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية. وأضاف أن التنسيق مستمر أيضاً مع قطر وتركيا والمملكة المتحدة وعدد من الدول الأخرى المهتمة بالشأن السوداني. هذا التعاون الدولي يهدف إلى إيجاد حل شامل ومستدام للصراع في السودان.

لا حل عسكري للأزمة

شدد المسؤول الأمريكي على أنه لا يوجد حل عسكري لهذا الصراع، مؤكداً أن الحرب لا يمكن أن تُحسم عسكرياً وأن الرئيس ترامب يفضل دائماً الحلول السلمية. وأشار إلى أن الرباعية وضعت خارطة طريق مفصلة وواضحة في 12 سبتمبر/أيلول، تهدف إلى توجيه الجهود نحو حل سياسي شامل. هذه الخارطة الطريق تركز على الحوار السوداني-السوداني، مع دعم ومساندة من المجتمع الدولي.

الحلول السياسية: ملكية سودانية كاملة

أكد بولس أن الحل يجب أن يكون سودانياً بالكامل، وأن ينطلق من داخل السودان نفسه. وأوضح أن دور واشنطن والشركاء في الرباعية والدول الأخرى يقتصر على الدعم والمساعدة والمساندة والحث والتشجيع، وليس فرض حلول من الخارج. كما شدد على ضرورة أن يكون هناك انتقال إلى حكومة سودانية خارجة عن الاصطفافات الحالية العسكرية، لضمان تمثيل جميع الأطياف السودانية في السلطة.

تسليط الضوء على الأزمة السودانية وتكثيف الاتصالات

اعترف بولس بأن الملف السوداني عانى من عدم الاهتمام الكافي، حتى من وسائل الإعلام العالمية، مشيراً إلى أن الاهتمام الدولي كان موجهاً إلى صراعات أخرى. وأشار إلى أن تسليط الضوء على هذا الصراع حالياً يُعتبر خطوة جيدة وأولى نحو الحل. وكشف أن بلاده كثفت الاتصالات خلال الأسبوع الماضي، واستفادت من زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن، حيث عُقدت عدة اجتماعات مع فريق عمله. هذه الاتصالات تهدف إلى حشد الدعم الدولي وتنسيق الجهود لإيجاد حل للأزمة.

العقوبات الدولية ودعم جهود السلام

رحّب المسؤول الأمريكي بالعقوبات الأوروبية الأخيرة على قوات الدعم السريع، واصفاً إياها بأنها وسيلة مهمة وخطوة جيدة. وذكّر بأن الولايات المتحدة قامت بخطوات مماثلة منذ فترة طويلة، تعود إلى بداية الصراع قبل أكثر من عامين. هذه العقوبات تهدف إلى ممارسة الضغط على الأطراف المتورطة في العنف ودفعهما إلى العودة إلى طاولة المفاوضات. كما أكد بولس أن واشنطن تمتلك حلولاً ومسودات جاهزة، لكن العبرة تكمن في التطبيق.

في الختام، يمثل الاهتمام المتزايد من قبل الإدارة الأمريكية بالوضع في السودان فرصة حقيقية لتحقيق تقدم نحو حل الأزمة الإنسانية والسياسية. يتطلب ذلك تعاوناً دولياً وثيقاً، وحواراً سودانياً-سودانياً شاملاً، والتزاماً من جميع الأطراف بالحلول السلمية. إن المضي قدماً في الهدنة الإنسانية والسماح بدخول المساعدات الإنسانية هو خطوة حاسمة نحو تخفيف معاناة الشعب السوداني وبناء مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً. يجب على جميع الأطراف المعنية اغتنام هذه الفرصة والعمل معاً من أجل تحقيق السلام والاستقرار في السودان.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version