في تحول مثير قد يعيد رسم ملامح واحدة من أكبر الكوارث الجوية الحديثة، كشفت مصادر مطلعة على التحقيقات بخصوص الطائرة الهندية المنكوبة عن احتمال أن يكون الطيار الرئيسي هو من تسبب في سقوطها، بعد لحظات من إقلاعها في 12 يونيو/حزيران الماضي، وفق ما أوردت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.
الطائرة، وهي من طراز بوينغ 787 دريملاينر، كانت تقل 242 شخصا، سقطت بشكل مفاجئ قرب مطار أحمد آباد، مما أدى إلى مقتل جميع الركاب وأفراد الطاقم، باستثناء ناج وحيد.
وأكدت صحيفة وول ستريت جورنال، في تقرير حصري لها، أن تسجيلات الصندوق الأسود أشارت إلى أن قائد الطائرة هو من قام بإغلاق المفاتيح التي تتحكم في تدفق الوقود إلى محركي الطائرة، وذلك وفقا لأشخاص مطلعين على التقييم الأولي للمحققين الأميركيين للأدلة المكتشفة.
مفاجأة
وبحسب الصحيفة، تمثلت المفاجأة التي فجّرتها تسجيلات الصندوق الأسود في حوار صادم دار داخل قمرة القيادة بين الطياريْن، حيث أظهرت البيانات أن الطيار ذا الخبرة الواسعة سوميت سابهروال هو من أوقف مفاتيح الوقود للمحركين، في لحظة حاسمة كان من المفترض فيها أن تكتمل إجراءات الصعود الآمن للطائرة.
وذكرت وول ستريت جورنال أنه وفقا لمطلعين على التحقيقات، سُمع كلايف كوندر -الضابط الأول مساعد الطيار- الذي كان يقود الطائرة فعليا، وهو يسأل القائد بدهشة وقلق عن سبب نقله المفاتيح إلى وضعية “القطع”، مبرزة أن التوتر بدا واضحا في صوت مساعد الطيار، بينما ظل القائد هادئا على نحو يثير تساؤلات.
ولم يحدد ملخص التقرير الأولي الصادر الأسبوع الماضي عن مكتب التحقيق في حوادث الطيران بالهند أي الطيارين تحدث، لكنه أشار إلى أن أحدهما سأل الآخر عن سبب نقل المفاتيح لوضعية القطع، بينما نفى الآخر أنه فعل ذلك.
وتابعت الصحيفة أنه بحسب التقرير الأولي الصادر عن مكتب التحقيق في حوادث الطيران بالهند، فإن مفاتيح الوقود أُغلقت واحدة تلو الأخرى بفارق زمني مقداره ثانية واحدة فقط، ثم أُعيد تشغيلها بعد 10 ثوان، وهو وقت لم يكن كافيا لاستعادة السيطرة على الطائرة، ما أدى إلى توقف المحركات وسقوط الطائرة.
ليس عشوائيا
ونقلت الصحيفة عن خبراء في سلامة الطيران قولهم إن هذه التسلسلات الدقيقة توحي بأن الأمر ربما لم يكن عشوائيا، خاصة مع غياب أي خلل فني أو تحذيرات طارئة قبل الحادث.
ووفقا لطيارين أميركيين قرؤوا تقرير السلطات الهندية، يُرجح أن كوندر، بصفته الطيار الذي كان يقود فعليا، كان مشغولا بسحب عصا التحكم أثناء تلك المرحلة من الرحلة، في حين أن سابهروال، بصفته الطيار المُراقب، كان لديه حرية أكبر في تحريك المفاتيح، توضح الصحيفة الأميركية.
وذكرت أن القائد سابهروال، الذي كان يبلغ وقتها من العمر 56 عاما، وصفه زملاؤه بأنه “هادئ، متحفظ، لا يرفع صوته أبدا”، وكان شديد الالتزام طوال مسيرته المهنية التي بدأت في التسعينيات، وعاش حياة بسيطة، وكرّس جزءا كبيرا من وقته للعناية بوالده المريض.
أما مساعده كوندر، فيُعتبر من الجيل الجديد في خطوط الطيران الهندي، وهو في الثلاثين من عمره، وتلقى تدريبه في الولايات المتحدة، وكان شغوفا بالطيران منذ طفولته.
وتتابع وول ستريت جورنال أن تصرف القائد المفاجئ ألقى بظلال من الشك حول حالته النفسية أو تركيزه أثناء الرحلة. ويشمل التحقيق الآن تقييمات في الطب النفسي وعلم الطيران السلوكي.
يوضح تقرير وول ستريت جورنال أن التحقيق قد يستغرق شهورا طويلة، وقد يُحدث نتائج صادمة تغيّر الرواية الرسمية بالكامل
تحذير من التسرع
في المقابل -تتابع وول ستريت جورنال- دعت شركة خطوط الطيران الهندي موظفيها والرأي العام إلى عدم التسرع في إصدار الأحكام، وأكدت استمرار تعاونها مع المحققين.
كما أصدرت هيئة التحقيق الهندية بيانا طالبت فيه وسائل الإعلام بـ “ضبط النفس” وعدم الترويج لروايات قد تضر بمصداقية التحقيق.
وبحسب الصحيفة الأميركية، تشارك في التحقيقات هيئات أميركية بارزة، من بينها مجلس سلامة النقل الوطني الأميركي، إلى جانب “بوينغ” و”جنرال إلكتريك”، وسط ترقب عالمي لأي تطورات جديدة.
وقالت إن السلطات الهندية لا تزال تحتفظ بتسجيلات قمرة القيادة، والتي تُعد مفتاحا لفهم اللحظات الأخيرة للرحلة. وذكرت مصادر أن رئيسة مجلس سلامة النقل الأميركي جينيفر هومندي طلبت الاستماع بنفسها للتسجيل.
وقال المتحدث باسم المجلس إن هومندي على دراية تامة بكافة تفاصيل التحقيق، بما في ذلك بيانات الصوت والرحلة، وأكدت أن هدفها هو “تحديد سريع لأي مخاطر محتملة على سلامة المسافرين”.
ويوضح تقرير وول ستريت جورنال أن التحقيق قد يستغرق شهورا طويلة، وقد يُحدث نتائج صادمة تغيّر الرواية الرسمية بالكامل.