استقبال العائلات الفلسطينية لقانون إعدام الأسرى: خوف وتحدي
استقبلت عشرات العائلات الفلسطينية خبر مصادقة الكنيست الإسرائيلي على قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين في مرحلته الأولى بخوف كان يلاحقها منذ سنوات طويلة. من بين هذه الأسر، تعيش أم عبد الله -وهي زوجة أسير محكوم بالمؤبد- قلقا مضاعفا، إذ تجرعت مرارتها الأولى حين علمت أن اسم زوجها لم يُدرج في صفقة “طوفان الأحرار” الأخيرة، التي أُفرج بموجبها عن 1968 أسيرا فلسطينيا، من بينهم 250 من أصحاب الأحكام العالية والمؤبدات.
قانون الإعدام: خوف ورسالة سياسية
قالت أم عبد الله للجزيرة نت إن “الوجع مضاعف، فنحن نعيش منذ أعوام على أمل الحرية، لكن هذا القرار حوّل الأمل إلى خوف حقيقي من أن يصبح الإعدام قانونا رسميا يهدد حياة أحبّتنا خلف القضبان”. وتصف مشاعرها حين رأت وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير يوزع الحلوى احتفالا بالمصادقة على القانون قائلة “شعرت أنه فرعون هذا الزمان. يشرّع القتل بدم بارد، والعالم صامت كأنه شريك في الجريمة”.
تفاصيل القانون ومخاوف الأسرى
وفق الصيغة المطروحة التي صادقت عليها لجنة الأمن القومي بالقراءة الأولى، يوجّه القانون أساسا ضد “الأسرى الفلسطينيين المتهمين بقتل إسرائيليين في عمليات ذات دوافع قومية أو أمنية”، أي أنه لا يشمل المساجين اليهود الذين ارتكبوا جرائم مماثلة بحق فلسطينيين، مما يجعل منه قانونا تمييزيا وعنصريا، حسب محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين خالد محاجنة. ويمنح النص المقترح المحاكم الإسرائيلية صلاحية إصدار حكم الإعدام بالأغلبية -وليس بالإجماع- من القضاة، الأمر الذي يصفه محاجنة بأنه “اعتداء خطير على الضمانات القضائية، وغير مسبوق في سياق القوانين التي تتناول الحق في الحياة”.
تأثير القانون على الأسرى
كشف محاجنة للجزيرة نت أن جوهر المشروع هو توسيع صلاحيات القتل القانونية ضد الفلسطينيين فقط، وتحويل الاحتلال من جهة تمارس الإعدام فعليا داخل السجون ومعسكرات الجيش، إلى دولة تشرعن الإعدامات وتمنحها غطاء قانونيا. وأكد أن هذا التشريع “لا يستند إلى أي منطق قانوني أو قضائي، بل إلى منطق الانتقام”. ووفقا له، يعكس مرور القانون في هذه الأجواء السياسية مناخ التحريض والانتقام السائد منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
رسائل سياسية وراء القانون
ويضع محاجنة القانون في سياق أوسع يسيطر عليه اليمين المتطرف بقيادة شخصيات مثل بن غفير والوزير المتطرف بتسلئيل سموتريتش، موضحا أن الهدف ليس فقط معاقبة أفراد، بل يتمثل في إرسال رسالة سياسية داخلية مفادها أن حياة الفلسطيني “بلا قيمة. وهذا لا يقتصر على خطاب انتخابي، بل يترجم إلى تشريعات تحمل رمزية شرعية تبرر العنف وتطبع مجتمعا يقبل القتل بمسمّى قانون”.
مواجهة القانون: تحدي وطني
بدوره، يرى مظفر ذوقان، مدير نادي الأسير وعضو اللجنة الوطنية لدعم الأسرى، أن ما يجري ليس تشريعا جديدا بقدر ما هو محاولة لإضفاء صبغة شرعية على جريمة تمارس منذ عقود. وأضاف للجزيرة نت أن الاحتلال الإسرائيلي لا يحتاج إلى قانون لإعدام الأسرى، فهو “يمارس الإعدام فعليا داخل السجون منذ سنوات طويلة، سواء عبر الإهمال الطبي أو القتل المباشر أو التعذيب”. ويختم بالقول إن المواجهة تتطلب برنامجا وطنيا موحدا لمساندة الأسرى في معركتهم داخل السجون.
الخاتمة
المصادقة على قانون إعدام الأسرى في مرحلته الأولى يمثل تصعيدا خطيرا في سياسات الاحتلال الإسرائيلي تجاه الأسرى الفلسطينيين. يتطلب هذا التطور الخطير استجابة وطنية فلسطينية موحدة لمواجهة هذه السياسات وتأكيد الحقوق الأساسية للأسرى. يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته تجاه هذه القضية الإنسانية والقانونية الهامة.


