في ظل تصاعد التوترات، يلقي الكاتب الإسرائيلي ران أداليست الضوء على حالة العنف الممنهج في الضفة الغربية، والتي يراها انعكاسًا لأزمة ديمقراطية عميقة في إسرائيل. هذا التدهور، الذي يتجلى في اقتلاع أشجار الزيتون، وتوسيع المستوطنات، والمناورات العسكرية المتزايدة، يثير تساؤلات حول مستقبل المنطقة ومسار إسرائيل السياسي والأخلاقي. هذا المقال يتناول تحليل أداليست، ويستعرض المخاوف المتزايدة بشأن العنف في الضفة الغربية وتأثيره على المشهد الإسرائيلي والفلسطيني.
تصاعد العنف الممنهج في الضفة الغربية
يرى أداليست أن الوضع الحالي في إسرائيل يشبه “رحلة جنونية في قطار أشباح”، حيث تتغير المشاهد باستمرار بين الخوف والعبث، دون وضوح الرؤية حول ما إذا كانت هذه الأحداث تعكس مأساة حقيقية أم مجرد مهزلة سياسية. ويؤكد أن العنف لم يعد مجرد حوادث متفرقة، بل أصبح سياسة ممنهجة يشرف عليها الجيش الإسرائيلي بالتعاون مع سياسيين متطرفين.
دور المتطرفين والجيش
يشير الكاتب إلى أن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير يمثل رمزًا خطيرًا لانحدار القيم الديمقراطية، حيث يلوح بحبل المشنقة كأداة قمع وتشريع للعنف. لكن بن غفير ليس حالة فردية، بل هو جزء من مناخ عام يشجع على التصعيد، ويتجلى في المناورات العسكرية المتزايدة في الضفة الغربية، والتي تهدف إلى “خنق القرى الفلسطينية” تحت حماية الجيش.
منطق “خلق العدو”
يوضح أداليست أن هذه المناورات تقوم على منطق “خلق عدو”، ولا يقتصر الأمر على الفلسطينيين، بل يشمل أيضًا نصف المجتمع الإسرائيلي الذي يؤمن بالديمقراطية. ويشير إلى أن الجيش، على الرغم من وجود بعض الانتهاكات المدنية في المناطق “ب” سابقًا، لم يكن شريكًا مباشرًا فيها كما هو الحال اليوم. وتؤكد منظمة “بتسيلم” الحقوقية أن الجيش ينفذ هذه العمليات بموجب أمر عسكري تحت مسمى “إجراءات أمنية”، مما أدى إلى اقتلاع عشرات الدونمات من الأراضي الفلسطينية الخاصة وتدمير آبار المياه والتهديد المباشر لمنازل الفلسطينيين.
الاستيطان المستمر وتداعياته الجيوسياسية
لا يقتصر الأمر على العنف المباشر، بل يتعداه إلى سياسة الاستيطان المستمرة التي تهدف إلى فرض السيطرة الإسرائيلية الكاملة على الضفة الغربية وعزل القدس المحتلة عن محيطها. وقد قررت سلطات الاحتلال مؤخرًا إقامة مستوطنة ضخمة تضم نحو 9 آلاف وحدة استيطانية، مما يشكل ضربة مباشرة للتواصل الجغرافي والديمغرافي بين القدس ومدينة رام الله.
تهديد التواصل الجغرافي والديمغرافي
تحذر محافظة القدس من مخطط خطير تعتزم تل أبيب تنفيذه على أراضي المطار ومناطق مجاورة شمال المدينة، واصفة إياه بأنه “تهديد مباشر للتواصل الجغرافي والديمغرافي الفلسطيني”. هذه الخطوات الاستيطانية تعمق الأزمة وتزيد من صعوبة تحقيق حل عادل ودائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. الاستيطان الإسرائيلي يمثل عقبة رئيسية أمام السلام، ويؤدي إلى تفاقم التوترات في المنطقة.
اقتحام غزة والمطالبات بإعادة الاحتلال
في تطور لافت، اقتحم عدد من المستوطنين الإسرائيليين حدود قطاع غزة ورفعوا العلم الإسرائيلي في مستوطنة سابقة، مطالبين بإعادة احتلال القطاع المدمر. وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن المستوطنين تمكنوا من الدخول مئات الأمتار إلى المنطقة التي كانت تُعرف سابقًا بمستوطنة “كفار دروم”، معبرين عن اعتقادهم بأن “شعب إسرائيل قد عاد ورفع العلم في قلب غزة”. هذه التصرفات الاستفزازية تزيد من تعقيد الوضع وتؤجج الصراع.
نحو تمرد داخلي؟
يخلص أداليست إلى أن تفكك المنظومة المدنية وتحول العنف إلى سياسة ممنهجة يشرف عليها الجيش قد يفضي في نهاية المطاف إلى تمرد داخلي، حيث يرى البعض في هذه الأوامر العسكرية تعليمات غير مشروعة أخلاقياً وقانونياً. الأزمة الديمقراطية في إسرائيل تتفاقم مع استمرار هذه السياسات، مما يثير مخاوف بشأن مستقبل الدولة ومؤسساتها.
من الواضح أن الوضع في الضفة الغربية يتدهور بسرعة، وأن السياسات الحالية تهدد بتقويض الديمقراطية الإسرائيلية وتعميق الصراع مع الفلسطينيين. يتطلب الأمر تحركًا عاجلاً لوقف العنف، ووقف الاستيطان، وإعادة بناء الثقة بين الطرفين. هل ستتمكن إسرائيل من تجاوز هذه الأزمة، أم أنها ستنزلق نحو المزيد من العنف والفوضى؟ هذا السؤال يطرح نفسه بقوة في ظل التطورات الأخيرة. ندعو القراء إلى متابعة هذا الموضوع عن كثب، والمشاركة في الحوار حول مستقبل المنطقة.



