في أعقاب إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن تعيين الجنرال رومان غوفمان، سكرتيره العسكري، رئيساً جديداً لجهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي “الموساد”، تصاعدت حدة الانتقادات والتحذيرات في الأوساط السياسية والأمنية الإسرائيلية. هذا القرار أثار جدلاً واسعاً حول مستقبل الجهاز، واستقلاليته، وتأثيره المحتمل على الأمن القومي. يركز هذا المقال على تفاصيل هذا التعيين المثير للجدل، وتحليل دوافعه، والتداعيات المتوقعة، مع التركيز على كلمة تعيين رومان غوفمان كمحور رئيسي للنقاش.
موجة انتقادات تعقب تعيين رومان غوفمان لرئاسة الموساد
لم يكن إعلان نتنياهو مفاجئاً تماماً، لكن سرعة التعيين، وخلفية غوفمان غير التقليدية، أثارت صدمة في أوساط الموساد. يرى العديد من المحللين والمسؤولين السابقين أن هذا التعيين يمثل تحولاً كبيراً في طريقة اختيار قيادات الأجهزة الأمنية في إسرائيل، حيث يبدو أن الولاء السياسي يتفوق على الخبرة المهنية والاستخباراتية.
الجدل لم يقتصر على الخلفية المهنية لغوفمان، بل امتد ليشمل الشكوك حول كفاءته وخبرته في مجال الاستخبارات. فقد سبق لغوفمان تقديم تقرير احتوى على معلومات غير دقيقة خلال فترة ترقيته العسكرية، وهو ما أثار تساؤلات حول قدرته على قيادة جهاز معقد وحساس مثل الموساد.
دوافع نتنياهو وراء التعيين: ترسيخ النفوذ السياسي
يعتقد المحللون أن تعيين رومان غوفمان يعكس رغبة متزايدة لدى نتنياهو في ترسيخ نفوذه السياسي المباشر داخل الأجهزة الاستخباراتية. هذا التوجه يذكر بتعيين الجنرال ديفيد زيني على رأس جهاز الأمن الداخلي “الشاباك”، وهو ما أثار مخاوف مماثلة حول استقلالية الجهاز وأدائه.
يرى المحلل العسكري أمير أورين أن نتنياهو يبحث عن قادة أمنيين “يحييون ويمجدون ولا يتدخلون”، أي من يضمنون الولاء المطلق أكثر من الكفاءة المهنية. هذا يعني أن نتنياهو يسعى إلى تعيين أشخاص يثق بهم لتنفيذ رؤيته دون معارضة أو تدخل من المؤسسة الأمنية.
غياب الخلفية الاستخباراتية: خطر على أداء الموساد
أحد أبرز الانتقادات الموجهة لتعيين غوفمان هو افتقاره إلى الخلفية الاستخباراتية المطلوبة. فغوفمان لم يتدرج عبر قنوات هيئة الأركان العامة أو وحدات النخبة الاستخباراتية مثل “سييرت متكال”، بل برز من قلب العمل العسكري القتالي المباشر. هذا الانتقال المباشر من ساحة المعركة إلى قمة الاستخبارات يعتبره العديد من المحللين تحولاً عميقاً في فلسفة إدارة الأمن القومي الإسرائيلي.
يخشى المسؤولون السابقون في الأجهزة الأمنية من أن غياب الخبرة الاستخباراتية قد ينعكس سلباً على الأداء الداخلي للموساد، ويؤدي إلى اهتزاز ثقة العاملين بقيادتهم الجديدة. كما أنهم يحذرون من احتمال اندلاع موجة استقالات داخل الجهاز احتجاجاً على التعيين، خاصة في صفوف القيادات المهنية التي تخشى أن تتحول المؤسسة إلى أداة سياسية.
تداعيات محتملة: استقالات وتغيير في ثقافة العمل
الخوف من تحول الموساد إلى أداة سياسية ليس مجرد تخوف نظري. فالمحللون يشيرون إلى أن التدخل المتزايد في التعيينات الحساسة داخل الأجهزة الأمنية يثير قلقاً متصاعداً لدى المسؤولين السابقين. هذا التدخل قد يؤدي إلى تغيير في ثقافة العمل داخل الموساد، وتحويله من جهاز استخباراتي مستقل إلى جهاز تابع للقيادة السياسية.
بالإضافة إلى ذلك، يرى المحلل السياسي أمنون لورد أن تعيين غوفمان قد يؤدي إلى “زلزال” داخل جهاز الموساد. فخلفيته الشخصية والمهنية تشكل خروجاً واضحاً عن المسار التقليدي لصناعة النخب الأمنية في إسرائيل. هذا التعيين قد يثير جدلاً إضافياً في العلاقة “المشحونة أصلاً” بين السلطات، وقد يواجه معارضة من المحكمة العليا وأنصارها.
مستقبل العلاقات بين القيادة السياسية والمؤسسة الاستخباراتية
يثير تعيين رومان غوفمان تساؤلات حول مستقبل العلاقات بين القيادة السياسية والمؤسسة الاستخباراتية في إسرائيل. فهل ستستمر القيادة السياسية في التدخل في التعيينات الحساسة داخل الأجهزة الأمنية؟ وهل ستتمكن المؤسسة الاستخباراتية من الحفاظ على استقلاليتها ومهنيتها في ظل هذا التدخل؟
الإجابة على هذه التساؤلات ستحدد مستقبل الأمن القومي الإسرائيلي، وقدرة الجهاز على التعامل مع التحديات الإقليمية المتصاعدة. فالموساد، كجهاز استخباراتي مستقل ومهني، يلعب دوراً حاسماً في حماية الأمن القومي الإسرائيلي، والحفاظ على مصالحه.
في الختام، يمثل تعيين رومان غوفمان نقطة تحول محتملة في تاريخ الموساد. هذا التعيين يثير مخاوف جدية حول استقلالية الجهاز، ومهنيته، وقدرته على التعامل مع التحديات المستقبلية. من الضروري مراقبة التطورات القادمة، وتقييم تأثير هذا التعيين على الأمن القومي الإسرائيلي. هل سيثبت غوفمان قدرته على قيادة الموساد بنجاح، أم أن هذا التعيين سيكون بداية النهاية لجهاز استخباراتي عريق؟ هذا ما ستكشفه الأيام القادمة.


