في خضم شتاء قاسٍ يضرب قطاع غزة، تتفاقم الأوضاع الإنسانية بشكل مأساوي، خاصةً بالنسبة لمئات الآلاف من النازحين الفلسطينيين الذين يفتقرون إلى المأوى المناسب والحماية من البرد القارس والأمطار الغزيرة. هذا المقال يسلط الضوء على المعاناة المتزايدة في غزة، مع التركيز على الظروف المروعة التي يعيشها النازحون، والخطر الحقيقي الذي يهدد حياتهم.

تدهور الأوضاع الإنسانية مع حلول الشتاء في غزة

مع استمرار الأزمة في قطاع غزة، يواجه السكان تحديات جديدة مع قدوم فصل الشتاء. فبعد أكثر من عامين من الحرب والدمار، يعيش مئات الآلاف في خيام متهالكة أو داخل مبانٍ مدمرة، مما يجعلهم عرضة بشكل خاص لتقلبات الطقس. البنية التحتية في القطاع شبه منهارة، مما يزيد من صعوبة الحصول على المياه النظيفة والصرف الصحي، ويزيد من خطر انتشار الأمراض.

صحيفة لوفيغارو الفرنسية، في تقرير حديث، كشفت عن مأساة حقيقية، حيث توفي ثلاثة رضع منذ بداية الشتاء بسبب انخفاض حاد في درجة حرارة أجسامهم، بعد أن غمرت الأمطار خيام عائلاتهم. هذا المشهد المأساوي يعكس هشاشة الحياة في غزة، والظروف القاسية التي يعيشها السكان.

قصص مروعة من قلب المخيمات

القصص الواردة من مخيمات النازحين في غزة مؤثرة للغاية. رهف أبو جزار، وهي طفلة في شهرها الثامن، فقدت حياتها بسبب البرد في خان يونس. والدتها وصفت اللحظات الأخيرة لابنتها، قائلة: “كانت بخير. أرضعتها في الليلة السابقة ثم وجدتها متجمدة وترتجف”. قصة رهف ليست الوحيدة، فقد توفي طفلان آخران بنفس الطريقة في بداية هذا الشتاء.

الوضع في المخيمات يزداد سوءًا مع كل عاصفة. العائلات بأكملها تعيش في مخيمات أقيمت على أراضٍ منخفضة، تتعرض للغرق مع أولى الأمطار. المياه والرطوبة تتسلل إلى الخيام، وتبتل الأغطية والفرش، مما يجبر الأطفال على النوم بملابسهم المبللة في محاولة يائسة للعثور على بعض الدفء.

انهيار الملاجئ وتفاقم المخاطر الصحية

العواصف الأخيرة لم تكتفِ بغرق المخيمات، بل أدت أيضًا إلى انهيار مبانٍ متضررة، مما أسفر عن سقوط قتلى بين العائلات التي لجأت إليها هربًا من الخيام. مع تدمير معظم شبكات المياه والصرف الصحي، اختلطت مياه الأمطار بالمجاري، وغمرت الشوارع والملاجئ، مما زاد من المخاطر الصحية.

المنظمات الدولية تحذر من تفشي الأمراض التنفسية بسبب الظروف المناخية السيئة ونقص الرعاية الصحية. جوناثان كريكس، المتحدث باسم اليونيسيف الموجود حاليًا في غزة، صرح: “قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً إلى نحو 8 أو 9 درجات مئوية. الأمطار غزيرة، وهذه العائلات تعيش في خيام مرتجلة تضربها الرياح، ولا يحميها سوى أغطية بلاستيكية هشة”.

مليون ونصف فلسطيني بلا مأوى لائق

وفقًا للأمم المتحدة، لا يزال 1.3 مليون فلسطيني بلا مأوى لائق في غزة. حوالي 850 ألف شخص يعيشون في 761 موقع نزوح، غالبًا ما تكون في مناطق منخفضة شديدة التعرض للفيضانات وتفتقر إلى أبسط مقومات الحماية. فرق الدفاع المدني أفادت بغرق خيام بالكامل، واضطرار عائلات إلى قضاء الليل واقفة أو في الخارج لعدم وجود بدائل. ميرفات، وهي أم لطفلين، قالت: “لا يوجد شيء، ولا حتى جدار نتكئ عليه”.

خيار مستحيل: بين الخيام المتهالكة والمباني المتصدعة

يواجه سكان غزة خيارًا مستحيلاً: إما خيمة لا تقي من البرد والمطر، وإما مبنى متصدع مهدد بالانهيار. هذا الأسبوع، استشهد ما لا يقل عن 11 شخصًا بسبب انهيار مبانٍ متضررة جزئيًا، حوصرت فيها عائلات كانت تبحث عن قدر من الحماية.

ابتسام مهدي، وهي أم لطفلين، اختارت البقاء في شقتها في حي تل الهوا بمدينة غزة، على الرغم من أن المبنى تضرر بسبب قذيفة دبابة إسرائيلية. قالت ابتسام: “عندما ينزل المطر أستيقظ وأنا مبللة. الماء ينساب من السقف على وجهي. نشعر بالهواء يدخل من كل مكان من الشقوق. حتى لو أشعلنا التدفئة لا يدوم الدفء”. ومع ذلك، تؤكد أن هذا الوضع، على الرغم من صعوبته، أفضل من العيش في خيمة.

الحاجة الماسة للمساعدات الإنسانية

على الرغم من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ وتخفيف محدود للقيود على دخول المساعدات، إلا أن الاحتياجات الإنسانية في غزة لا تزال هائلة. المنظمات الدولية تؤكد أن البرد لم يعد مجرد معاناة موسمية، بل تحول إلى خطر حقيقي يهدد حياة المدنيين، وخاصة الأطفال. هناك حاجة ماسة إلى توفير المأوى المناسب، والأغطية الدافئة، والمساعدات الطبية، والمياه النظيفة، والصرف الصحي، لإنقاذ حياة سكان غزة وتخفيف معاناتهم. الأزمة في غزة تتطلب استجابة دولية عاجلة وفعالة لضمان حصول جميع السكان على حقوقهم الأساسية في الحياة والكرامة.

هل أنت مستعد للمساعدة؟ يمكنك التبرع للمنظمات الإنسانية العاملة في غزة، أو نشر هذه المقالة لزيادة الوعي حول الوضع المأساوي الذي يعيشه اللاجئون في غزة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version