في خضمّ ضغوط الحياة اليومية المتزايدة، يبحث الكثيرون عن طرق بسيطة وفعّالة لاستعادة التوازن الداخلي والهدوء النفسي. ظهرت خلال الفترة الأخيرة ممارسة فريدة من نوعها، اكتسبت شعبية واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، وتحديداً تحت هاشتاق #وقت_الارض، وهي ببساطة الاستلقاء على الأرض لبضع دقائق. تستند هذه التقنية إلى مبادئ قديمة معروفة، مثل فلسفة “نيكسن” الهولندية، التي تدعو إلى إحداث تباطؤ متعمد في إيقاع الحياة لإتاحة الفرصة للاسترخاء العميق. هذه المقالة ستغوص في تفاصيل هذه الممارسة، فوائدها، وكيفية تطبيقها للحصول على أقصى استفادة.

ما هو “وقت الأرض” ولماذا يحظى بشعبية؟

“وقت الأرض” هو اتجاه جديد يرتكز على تخصيص بضع دقائق يومياً للاستلقاء على الأرض، سواء كانت سجادة، أرضية خشبية، أو حتى العشب. انتشر هذا الاتجاه بسرعة عبر “تيك توك” ومنصات التواصل الأخرى، حيث شارك المستخدمون تجاربهم الإيجابية وأطلقوا عليه أسماءً مثل “العلاج المجاني” و “أفضل لحظات اليوم”. يكمن سر جاذبيته في بساطته الشديدة، فهو لا يتطلب أي معدات خاصة أو تدريب مسبق، على عكس العديد من ممارسات العافية الأخرى التي قد تكون مكلفة أو تستغرق وقتاً أطول. الهدف الرئيسي من وقت الأرض هو فصل الاتصال بالضغوط اليومية وإعادة ربط الجسد بالأرض، مما يسمح للعقل بالراحة والصفاء.

الارتباط بـ”نيكسن” والتقنيات القديمة للاسترخاء

الاهتمام بـ وقت الأرض ليس وليد اللحظة، بل هو جزء من سعي دائم نحو إيجاد طرق فعالة للتعامل مع التوتر. تتشابه هذه الممارسة مع فلسفة “نيكسن” الهولندية (Niksen) والتي تعني “عدم فعل أي شيء”، وهي تقنية تهدف إلى منح العقل والجسد استراحة كاملة من المهام والالتزامات. كما أنها قريبة جداً من وضعية “شافاسانا” في اليوجا، وهي وضعية الاسترخاء النهائي التي تهدف إلى تعزيز الوعي الجسدي وتهدئة العقل. تخلق هذه الوضعيات الثلاثة مساحة للاسترخاء العميق وتقليل اليقظة المفرطة، وهي حالة شائعة في العصر الحديث.

الفوائد النفسية والجسدية لـ “وقت الأرض”

تشير الدراسات والأبحاث، بالإضافة إلى تجارب المستخدمين، إلى أن الاستلقاء على الأرض يحمل العديد من الفوائد الصحية، سواء النفسية أو الجسدية. من بين هذه الفوائد:

تخفيف التوتر والقلق

  • تفعيل الجهاز العصبي الباراسمبثاوي: يساعد الاستلقاء على سطح ثابت على تفعيل هذا الجهاز المسؤول عن تهدئة الجسم وتقليل معدل ضربات القلب وضغط الدم.
  • تنظيم المشاعر: يزيد الوعي الجسدي الناتج عن تلامس الجسم مع الأرض من القدرة على تنظيم المشاعر والتعامل مع الضغوط.
  • التأريض: يوفر وقت الأرض شعوراً بالاتصال بالأرض، مما يساعد على تقليل التشتت الذهني والتفكير المفرط.

تعزيز الصحة العامة

  • تحسين جودة النوم: يساهم الاسترخاء العميق في تهدئة العقل والجسم، مما يسهل عملية النوم.
  • تحسين الدورة الدموية: يساعد الاستلقاء على الأرض على تحسين تدفق الدم وتخفيف التوتر في العضلات.
  • تصحيح وضعية الجسم: تسمح الجاذبية بسحب الجسم بالتساوي، مما يساعد على إعادة التوازن وتصحيح الاختلالات الناتجة عن الجلوس الطويل أو الوضعيات الخاطئة. هذه النقطة مهمة خاصة لمن يعانون من آلام الظهر والرقبة.

كيف تمارس “وقت الأرض” بشكل صحيح؟

تطبيق وقت الأرض سهل للغاية ولا يتطلب أي تحضيرات معقدة. إليك بعض الخطوات التي يمكنك اتباعها:

  1. اختر مكاناً مناسباً: ابحث عن مكان نظيف وهادئ حيث يمكنك الاستلقاء براحة.
  2. استلقِ براحة: استلقِ على ظهرك أو على جانبك أو في أي وضعية تشعرك بالراحة. يمكنك مد ذراعيك وساقيك أو ثني ركبتيك.
  3. ركز على تنفسك: أغلق عينيك وركز على تنفسك، وحاول أن تجعله عميقًا ومنتظمًا.
  4. لاحظ إحساسك: لاحظ الإحساس الذي يأتيك من تلامس جسمك مع الأرض. ركز على المناطق التي تشعر بالضغط أو الدفء.
  5. ابدأ ببطء: ابدأ بخمس إلى عشر دقائق يوميًا، ثم زد المدة تدريجيًا حسب شعورك.
  6. النهوض بهدوء: عند الانتهاء، انهض ببطء لتجنب الدوار أو الإغماء.

الخلاصة: استثمار بسيط لصحة أفضل

“وقت الأرض” هو ببساطة أكثر من مجرد اتجاه على وسائل التواصل الاجتماعي. إنه أداة قوية وفعالة لتخفيف التوتر، وتحسين الصحة النفسية والجسدية، وإعادة الاتصال باللحظة الحالية. بفضل بساطته وإتاحته للجميع، يمكن اعتباره استثمارًا بسيطًا ولكنه قيّم لصحة أفضل وحياة أكثر توازناً. جرب تخصيص بضع دقائق يومياً للاسترخاء على الأرض، ولاحظ الفرق الذي يمكن أن تحدثه هذه الممارسة في حياتك. شارك تجربتك مع الآخرين باستخدام هاشتاق #وقت_الارض لتحفيزهم على الاستفادة من هذه التقنية الرائعة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version