الهجوم على تدمر: تفاصيل جديدة حول منفذ الهجوم والتعاون السوري الأمريكي

في تطورات مفاجئة، كشفت وكالة أسوشيتد برس عن تفاصيل جديدة حول الهجوم الذي استهدف القوات الأمريكية في البادية السورية بالقرب من مدينة تدمر الأثرية يوم السبت الماضي. الهجوم، الذي أسفر عن مقتل عنصرين أمريكيين ومدني واحد، وإصابة ثلاثة آخرين، أثار تساؤلات حول الأمن في المنطقة، خاصةً في ظل التغييرات السياسية والأمنية التي تشهدها سوريا. هذه الأحداث تلقي الضوء على التحديات المستمرة في مكافحة الإرهاب، وعلى أهمية التعاون الأمني بين دمشق وواشنطن في هذه المرحلة الحساسة.

منفذ الهجوم: تجنيد سريع وشبهات أمنية

وفقًا للمسؤول السوري الذي نقلت وكالته أسوشيتد برس، فإن منفذ الهجوم كان قد انضم إلى قوات الأمن الداخلي السورية قبل شهرين فقط، وعمل في البداية كحارس في إحدى القواعد. إلا أن الشبهات الأمنية حول إمكانية ارتباطه بتنظيم “داعش” دفعت السلطات إلى إعادة تكليفه مؤخرًا.

هذا التكليف يعكس، بحسب المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية نور الدين البابا، النقص الحاد في الكوادر الأمنية الذي واجهته السلطات السورية الجديدة بعد التقدم السريع الذي حققته فصائل المعارضة العام الماضي، والذي أدى في النهاية إلى الإطاحة بحكومة الرئيس بشار الأسد. وأوضح البابا أن “السيطرة على كامل سوريا خلال 11 يومًا كانت بمثابة مفاجأة، وحمّلتنا مسؤوليات ضخمة أمنيًا وإداريًا”.

الاشتباه والمراقبة: إجراءات احترازية لم تنجح

أشار البابا إلى أن قيادة قوات الأمن الداخلي بدأت مؤخرًا في الاشتباه بوجود عنصر يتسرب معلومات لتنظيم داعش، مما استدعى إجراء تقييم داخلي شامل. وقد أثارت التحقيقات شبهات حول الرجل الذي نفذ الهجوم لاحقًا، لكن بدلًا من اعتقاله، تقرر الإبقاء عليه تحت المراقبة لفترة قصيرة بهدف التحقق من طبيعة ارتباطه المحتمل بالتنظيم وتحديد الشبكة التي قد يكون على تواصل معها.

في إجراء احترازي، تم تكليفه بحراسة معدات داخل القاعدة، في موقع بعيد عن القيادة وعن أي دوريات تابعة لقوات التحالف الدولي. ومع ذلك، تمكن المهاجم من اقتحام اجتماع ضم مسؤولين أمنيين أمريكيين وسوريين كانوا يتناولون الغداء، وفتح النار بعد اشتباك مع الحراس السوريين، قبل أن يُصاب برصاص ويُقتل في المكان.

الحدث يمثل “خرقًا أمنيًا كبيرًا” كما اعترف المتحدث باسم وزارة الداخلية، لكنه أكد أن أداء قوات الأمن خلال العام الذي تلا سقوط الأسد كان إيجابيًا بشكل عام، مشيرًا إلى أن الجيش السوري وقوات الأمن الداخلي نفذوا حملات تمشيط واسعة في البادية، أسفرت عن تفكيك عدد من الخلايا المشتبه بانتمائها لتنظيم داعش. هذه العمليات تهدف إلى تعزيز الأمن في سوريا وتقليل التهديدات الإرهابية.

واشنطن تؤكد دعمها لدمشق وتعزيز التعاون

على الصعيد الدبلوماسي، أعلنت وزارة الخارجية السورية أن وزير الخارجية أسعد الشيباني أجرى اتصالًا هاتفيًا بنظيره الأمريكي ماركو روبيو، لتبادل التعازي في حادثة تدمر. خلال الاتصال، نقل الشيباني تعازي الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، معربًا عن أسفه الشديد لما وصفه بـ”المأساة”، ومؤكدًا أن الهجوم يمثل تحديًا جديدًا في جهود مكافحة الإرهاب.

الجانبين أكدا أن الهجوم كان محاولة متعمدة لزعزعة العلاقة السورية الأمريكية، التي تشهد تحسنًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة. الأهم من ذلك، نقل روبيو تأكيده على استمرار دعم واشنطن للحكومة السورية في مختلف المجالات، بما في ذلك مكافحة الإرهاب، مشددًا على أهمية تعزيز التعاون الثنائي لمواجهة التهديدات المشتركة.

تقارب سياسي بعد سقوط الأسد

هذا التقارب يأتي في وقت تواصل فيه الولايات المتحدة نشر حوالي 900 جندي أمريكي في شرق سوريا كجزء من التحالف الدولي ضد تنظيم داعش. قبل الإطاحة بنظام الأسد، كانت العلاقات بين واشنطن ودمشق متوترة، ولم يكن هناك تنسيق مباشر بين الجيشين.

لكن الوضع تغير بشكل كبير خلال العام الماضي، مع تحسن العلاقات بين إدارة ترامب والرئيس الشرع. في نوفمبر الماضي، قام الشرع بزيارة تاريخية إلى واشنطن، وهي الأولى لرئيس سوري منذ استقلال البلاد عام 1946، حيث أعلن عن انضمام سوريا إلى التحالف الدولي ضد تنظيم داعش إلى جانب 89 دولة أخرى.

وعقب الهجوم، توعد ترامب بـ”انتقام خطير”، معتبرًا أن الهجوم استهدف الولايات المتحدة وسوريا معًا. وأشار إلى أن الشرع كان “غاضبًا ومنزعجًا للغاية” من الحادث.

تحديات أمنية ومستقبل العلاقات

في حين تعهد المسؤولون الأمريكيون بالرد على تنظيم داعش، يرى منتقدو السلطات السورية الجديدة أن حادثة تدمر تكشف عن حجم التحديات الأمنية القائمة، وتثير تساؤلات حول قدرة الأجهزة الجديدة على منع الاختراقات في هذه المرحلة السياسية والأمنية المعقدة.

الحادثة تؤكد على الحاجة الماسة إلى تعزيز الأمن القومي السوري وتطوير القدرات الأمنية لمواجهة التهديدات الإرهابية. كما أنها تسلط الضوء على أهمية استمرار التعاون بين سوريا والولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب، والحفاظ على الاستقرار في المنطقة. المستقبل سيحمل المزيد من التحديات، ولكن مع التزام مشترك بمكافحة الإرهاب، يمكن تحقيق تقدم ملموس نحو سوريا أكثر أمنًا واستقرارًا.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version