بقلم:&nbspيورونيوز

نشرت في

اعلان

أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب مبادرة غير مسبوقة خلال زيارته إلى الشرق الأوسط، حين دعا من على منبر الكنيست الإسرائيلي إلى “صفقة سلام” مع إيران، العدو اللدود لإسرائيل.

قال ترامب في كلمته: “سيكون من الرائع لو عقدنا صفقة سلام معهم. ألن يكون ذلك جميلًا؟ أعتقد أنهم يريدون ذلك”.

وقدّم ما وصفه بـ”غصن الزيتون” لطهران، مشترطًا أن توقف دعمها لجماعات مثل حماس وحزب الله، وأن “تعترف بحق إسرائيل في الوجود”.

هذا الطرح المفاجئ وما تبعه من ردود فعل متباينة، كان محور مقال تحليلي نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية، رأت فيه أن مبادرة ترامب تحمل طابعًا رمزيًا أكثر من كونها خطة واقعية لتحقيق السلام.

تحفظ في تل أبيب وبرود في طهران

أوضحت الصحيفة أن ردّ الفعل الإسرائيلي كان متحفظًا، إذ رأى سياسيون أن كلام ترامب “بعيد عن الواقع” ويتناقض مع عقود من العداء لإيران التي تُعتبر تهديدًا وجوديًا للدولة العبرية.

أما في طهران، فقد قوبلت الدعوة الأميركية ببرود شديد ورفض قاطع. فقد تجاهلت القيادة الإيرانية دعوة ترامب لحضور اجتماع في شرم الشيخ للاحتفال بوقف الحرب في غزة.

وأكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن بلاده لا يمكنها التفاوض مع من “هاجم الشعب الإيراني وما زال يفرض عليه العقوبات”، في إشارة إلى القصف الأميركي لمنشآت نووية في فوردو وأصفهان ونطنز في حزيران/يونيو الماضي، واغتيال قائد فيلق القدس السابق الجنرال قاسم سليماني عام 2020.

مناورة رمزية وفرصة ضئيلة للسلام

بحسب الغارديان، فإن مبادرة ترامب أقرب إلى مناورة سياسية منها إلى محاولة جدية لفتح صفحة جديدة مع طهران.

ونقلت عن نادر هاشمي، أستاذ سياسات الشرق الأوسط في جامعة جورجتاون، قوله إن “ترامب يريد أن يبدو دبلوماسيًا، لكنه سلك هذا الطريق من قبل، وانتهى الأمر بحرب جديدة”.

وأضاف أن طهران “لا تثق إطلاقًا بالولايات المتحدة”، وأنها ستركز على تعزيز قدراتها الدفاعية والعسكرية بدلًا من التفاوض على اتفاق قد لا يصمد طويلًا.

كما نقلت الصحيفة عن عباس ميلاني، مدير الدراسات الإيرانية في جامعة ستانفورد، أن فرص التوصل إلى اتفاق “معدومة” طالما بقي المرشد الأعلى علي خامنئي في الحكم، واصفًا دعوة ترامب لمسؤولي النظام الإيراني بأنها “تشبه دعوة مشعل الحريق للاحتفال بنهاية الحريق”.

انقسامات داخل النظام الإيراني

ذكرت الغارديان أن عرض ترامب أثار نقاشًا غير معتاد داخل إيران، إذ تساءل بعض المسؤولين والمحللين: “لماذا لا نذهب ونتحدث؟”.

ويرى ميلاني أن هذه الانقسامات كانت نادرة في الماضي، لكنها باتت اليوم أكثر وضوحًا مع تصاعد الاحتجاجات ضد القوانين الصارمة والأوضاع الاقتصادية المتدهورة.

ويضيف أن ترامب، وإن كان يتصرف بدافع الغريزة، “قد يكون ساهم في إشعال التوتر داخل النظام الإيراني”، وهو ما قد يشكّل مقدمة لتغيرات مستقبلية في بنية الحكم.

تصعيد محتمل ومستقبل غامض

تخلص الغارديان إلى أن احتمال التصعيد يفوق فرص التهدئة. ونقلت عن المحلل سينا طوسي من مركز السياسة الدولية قوله إن إدارة ترامب تعتقد أن إيران ضعفت ويمكن الضغط عليها لانتزاع “تنازلات أكبر من مجرد اتفاق نووي”.

لكن إيران، وفق طوسي، سترد بتقوية تحالفاتها مع الصين وروسيا ودول الجوار، ما قد يؤدي إلى تصعيد جديد في المنطقة.

ترى الغارديان في ختام مقالها التحليلي أن عرض ترامب للسلام، رغم نبرته التصالحية، لم ينجح في تبديد العداء التاريخي بين واشنطن وطهران، بل زاد من تعقيد المشهد.

ففي منطقة أنهكتها الحروب والنزاعات، لا يبدو أن خطابًا في الكنيست قادر على تغيير المسار.

ويبقى “عرض السلام” الذي طرحه ترامب، كما ترى الصحيفة، خطوة رمزية في شرق أوسط مثقل بالانقسامات، أكثر منه بداية حقيقية لمسار سلام طويل الأمد.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version