في خضم تطورات متسارعة، تتجه الأضواء نحو المفاوضات الأوكرانية الأمريكية، والتي وصفها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأنها “بناءة ولكنها ليست سهلة”. تأتي هذه التصريحات في ظل جهود دبلوماسية مكثفة تهدف إلى إيجاد حل للصراع المستمر في أوكرانيا، مع تداخل مصالح دولية معقدة وتوقعات متباينة حول مستقبل المفاوضات. هذه الجهود تتزامن مع استمرار القصف الروسي على البنية التحتية الأوكرانية، مما يزيد من الضغوط على الطرفين للتوصل إلى اتفاق.
تطورات المفاوضات الأخيرة بين أوكرانيا والولايات المتحدة
أكد زيلينسكي أن المحادثات مع ممثلي دونالد ترامب كانت “جوهرية” خلال الأيام الماضية، مشيرًا إلى أن أمين مجلس الأمن والدفاع الأوكراني روستم أوميروف ورئيس هيئة الأركان أندريه جناتوف قد توجها إلى أوروبا لمواصلة المشاورات. يهدف هذا المسار التفاوضي إلى الحصول على رؤية واضحة حول الجوانب التي قد يكون الجانب الأمريكي مستعدًا لتعديلها في المفاوضات مع روسيا.
كما أعرب زيلينسكي عن تقديره للمبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف وصهر ترامب جاريد كوشنر على “استعدادهما للعمل المشترك” بعد محادثات السبت، مؤكدًا أن الممثلين الأمريكيين على دراية بالمواقف الأوكرانية الأساسية. هذا التعاون يأتي في وقت حرج، حيث تتزايد المخاوف بشأن مستقبل الدعم الأمريكي لأوكرانيا، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
جولة زيلينسكي الدبلوماسية في أوروبا
من المتوقع أن يخوض الرئيس زيلينسكي يومًا حافلًا في لندن، حيث سيعقد اجتماعًا مشتركًا مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس. يلي ذلك لقاء ثنائي مع ستارمر، ثم مشاركة في اتصال مرئي مع قادة أوروبيين آخرين، بما في ذلك رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والأمين العام لحلف الناتو مارك روته. سيختتم زيلينسكي جولته بزيارة إلى بلجيكا لمواصلة المحادثات.
هذه الجولة الدبلوماسية تعكس سعي أوكرانيا لتعزيز الدعم الدولي وتوحيد الصفوف في مواجهة التحديات المتزايدة. كما تؤكد على أهمية التنسيق بين القادة الأوروبيين في التعامل مع الأزمة الأوكرانية. الدعم الدولي لأوكرانيا يظل حاسمًا لتمكينها من مواصلة الدفاع عن أراضيها وتحقيق السلام.
موقف ترامب من المفاوضات و”خيبة الأمل”
في المقابل، أعرب الرئيس السابق دونالد ترامب عن “خيبة أمل بعض الشيء” بسبب عدم سعي زيلينسكي بعد إلى دعم مقترح السلام الذي قدمه لإنهاء الحرب مع روسيا. وأشار إلى أنه تحدث مع الرئيس بوتين والقادة الأوكرانيين، بمن فيهم زيلينسكي، معربًا عن استيائه من عدم قراءة زيلينسكي للمقترح حتى تلك اللحظة.
هذا الموقف يعكس اختلافًا في الرؤى حول كيفية تحقيق السلام في أوكرانيا، حيث يميل ترامب إلى التركيز على إيجاد حلول سريعة حتى لو تضمنت تنازلات من الجانب الأوكراني. في حين يصر زيلينسكي على الحفاظ على سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها. مقترح السلام الذي قدمه ترامب لا يزال قيد الدراسة من قبل الجانب الأوكراني، مع وجود تحفظات حول بعض جوانبه.
العقبات التي تواجه عملية السلام
لا تزال عملية المفاوضات تواجه عقبات صعبة الحل، أبرزها مدى استعداد كييف للتنازل عن أراضٍ لروسيا وكيفية ضمان أمنها في المستقبل. الكرملين أعلن موافقة بوتين على بعض المقترحات الأمريكية، لكنه اعتبر بعضها “غير مقبول”. فيما أكدت السفيرة الأوكرانية لدى الولايات المتحدة، أولغا ستيفانيشينا، أن “قضايا صعبة ما تزال مطروحة”، بما فيها مسألة الأراضي والضمانات الأمنية.
بالتوازي مع هذه الجهود الدبلوماسية، تستمر الضربات الروسية العنيفة على مناطق من أوكرانيا، مما يعيق عملية السلام ويزيد من معاناة المدنيين. قُتل شخص واحد وأُصيب ما لا يقل عن سبعة آخرين في أحدث ضربة روسية، كما دُمرت محطة قطارات قرب كييف وانقطع التيار الكهربائي عن ثماني مناطق. بالإضافة إلى ذلك، فقدت محطة زاباروجيا النووية اتصالها بالطاقة الخارجية مؤقتًا، وأكدت القوات الأوكرانية إصابة مصفاة ريازان الروسية الكبرى.
مستقبل الأزمة الأوكرانية
في حال فشل الجهود الدبلوماسية واستمرار الحرب، حذر نجل ترامب من أن والده “قد ينسحب من عملية السلام تمامًا”، مؤكدًا أن والده يتميز بكونه “غير متوقع”. هذا التحذير يثير مخاوف بشأن مستقبل الدعم الأمريكي لأوكرانيا، خاصة في حال فاز ترامب في الانتخابات الرئاسية القادمة.
في الختام، تظل الأزمة الأوكرانية معقدة ومليئة بالتحديات. المفاوضات الجارية تمثل فرصة لإيجاد حل سلمي، لكنها تواجه عقبات كبيرة. مستقبل الأزمة يعتمد على مدى استعداد الأطراف المعنية لتقديم تنازلات والتوصل إلى اتفاق يضمن أمن واستقرار المنطقة. من الضروري مواصلة الجهود الدبلوماسية وتعزيز الدعم الدولي لأوكرانيا من أجل تحقيق السلام الدائم.



