في خضم التوترات الجيوسياسية المتصاعدة، تثير خطة السلام المقترحة لأوكرانيا جدلاً واسعاً، وتحديداً تصريحات عضو البرلمان الأوروبي ريهو تيراس حول ما يصفه بـ خطة استسلام أوكرانيا التي يراها متوافقة مع مصالح روسيا. هذا المقال يتناول تفاصيل هذه الخطة المثيرة للجدل، والمخاوف الأوروبية المتزايدة، والجهود المبذولة للتأثير على الإدارة الأمريكية الحالية.

تصريحات صادمة: هل يمنح ترامب بوتين ما يريد؟

أطلق ريهو تيراس، عضو البرلمان الأوروبي عن حزب الشعب الأوروبي من إستونيا، تصريحات قوية خلال برنامج “أوروبا اليوم” على قناة يورونيوز، حيث وصف خطة السلام التي تروج لها الإدارة الأمريكية بأنها “خطة روسية” تهدف إلى إجبار أوكرانيا على الاستسلام. وأعرب تيراس عن دهشته من سلوك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، واصفاً إياه بأنه “صبي مأمور” ينفذ خطة بوتين. هذه التصريحات أثارت صدى واسعاً في الأوساط الأوروبية، وزادت من المخاوف بشأن مستقبل أوكرانيا.

تفاصيل خطة السلام المثيرة للجدل

في الأسبوع الماضي، تسربت تفاصيل مسودة اتفاق سلامي اعتبرت منحازة بشكل كبير لصالح موسكو. تتضمن الخطة شروطاً قاسية على أوكرانيا، بما في ذلك تخفيض كبير في حجم الجيش الأوكراني، وتقديم تنازلات إقليمية واسعة النطاق، وحتى فرض حق النقض على عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي (الناتو). هذه الشروط، بحسب العديد من المراقبين، تشبه إلى حد كبير الاستسلام الكامل، وتتعارض مع الجهود المبذولة للحفاظ على سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها.

اجتماع جنيف ومحاولات التأثير على ترامب

في محاولة لكسب الوقت والتأثير على الرئيس ترامب، عقد ممثلون عن الحكومة الأمريكية بقيادة وزير الخارجية ماركو روبيو، ومسؤولون أوكرانيون، ووفد أوروبي اجتماعاً في جنيف يوم الأحد. الهدف من الاجتماع كان مناقشة التعديلات المقترحة على الخطة، والضغط على الإدارة الأمريكية لتبني موقفاً أكثر توازناً يدعم أوكرانيا بشكل فعال.

تحذيرات أوروبية من استمرار العدوان الروسي

رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، حذرت من ستراسبورغ من أن “قواعد اللعبة الروسية للعدوان لم تتغير”، وأشارت إلى أن أوكرانيا قد تكون مجرد البداية. هذا التحذير يعكس القلق الأوروبي العميق بشأن الطموحات الروسية التوسعية، والخطر الذي يهدد الأمن والاستقرار في القارة. دعم أوكرانيا أصبح الآن أكثر من مجرد مسألة إنسانية، بل هو ضرورة استراتيجية لحماية المصالح الأوروبية.

تمويل أوكرانيا: تحديات وعقبات

في ظل الحاجة المتزايدة لتمويل إضافي لأوكرانيا العام المقبل، يناقش الاتحاد الأوروبي إصدار قرض تعويضات غير مسبوق مرتبط بالأصول الروسية المجمدة في بلجيكا. ومع ذلك، تواجه هذه المبادرة تحديات قانونية وإجرائية، حيث تبدي السلطات البلجيكية بطئاً في الموافقة على الإجراءات اللازمة.

إحباط أوروبي من التأخير البلجيكي

تعرب مصادر في يورونيوز عن إحباط متزايد بسبب بطء تقدم السلطات البلجيكية في الموافقة على استخدام الأصول الروسية المجمدة لتمويل أوكرانيا. عضو البرلمان الأوروبي ريهو تيراس عبر عن استيائه من هذا التأخير، قائلاً: “لقد تأخرنا بالفعل، علينا أن نبدأ التمويل بسرعة كبيرة. لا تخبروني أن الاتحاد الأوروبي، الذي يبلغ عدد سكانه 500 مليون نسمة وناتجه المحلي الإجمالي 29 تريليون يورو، غير قادر على دعم أوكرانيا بمبلغ أقل بكثير”.

الأبعاد الأوسع لخطة استسلام أوكرانيا

يؤكد تيراس أن الأمر لا يتعلق فقط بأوكرانيا، بل يتعلق بمستقبل الأمن والاستقرار في أوروبا. الأمن الأوروبي مهدد بشكل مباشر إذا سمح لروسيا بتحقيق أهدافها في أوكرانيا. الخطة المقترحة، كما يراها تيراس، تمثل تهديداً وجودياً للقيم والمبادئ التي يقوم عليها الاتحاد الأوروبي. الخوف الأكبر هو أن تشجع هذه الخطة بوتين على مواصلة عدوانه وتوسيع نطاق تدخلاته في دول أخرى.

الخلاصة: مستقبل معلق ومخاوف متزايدة

إن خطة استسلام أوكرانيا المقترحة تثير مخاوف عميقة في الأوساط الأوروبية، وتكشف عن انقسامات داخلية حول كيفية التعامل مع الأزمة الأوكرانية. تصريحات ريهو تيراس تلقي الضوء على التحديات التي تواجهها أوكرانيا في الحصول على الدعم اللازم، وتؤكد على أهمية الوحدة الأوروبية والتنسيق مع الولايات المتحدة. مستقبل أوكرانيا، والأمن الأوروبي، معلقان على القرارات التي ستتخذها الإدارة الأمريكية في الأسابيع القادمة. من الضروري أن يدرك الأوروبيون مدى إلحاح الوضع وأن يتخذوا إجراءات حاسمة لضمان دعم أوكرانيا وحماية مصالحهم المشتركة. هل ستنجح الجهود المبذولة للتأثير على ترامب؟ هذا ما ستكشفه الأيام القادمة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version