قطر والولايات المتحدة تتعهدان بتعزيز جهود وقف إطلاق النار في غزة والقضية الإنسانية
شهدت الدوحة، عاصمة قطر، تباحثات مكثفة بين رئيس الوزراء القطري ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، ماركو روبيو، تركزت بشكل أساسي حول تعزيز جهود تحقيق وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة، وتحسين الوضع الإنساني المتردي هناك. هذه المباحثات تأتي في سياق الحوار الاستراتيجي السنوي بين البلدين، الذي يسعى لتعزيز الشراكة الثنائية في مجالات متعددة. وتُعد القضية الفلسطينية والوضع في غزة من أبرز الأولويات في هذه المحادثات، خاصةً مع استمرار التحديات والعراقيل التي تواجه تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.
اتفاق وقف إطلاق النار في غزة: مهمة قطر والولايات المتحدة
أكد رئيس الوزراء القطري بعد اللقاء أنه اتفق مع روبيو على مضاعفة الجهود المبذولة للوصول إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة. وأشار إلى أن التحضيرات جارية لعقد اجتماع قريب بين الوسطاء المعنيين لوضع إطار عمل واضح ومحدد لتفعيل هذه المرحلة. قطر، بدورها، جددت تأكيدها على أهمية إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع بشكل فوري ودون أي قيود، مشددةً على أن تدهور الأوضاع الإنسانية يفاقم المعاناة ويهدد بانهيار الاتفاق الحالي.
قطر عبّرت عن قلقها العميق حيال الانتهاكات المتكررة لوقف إطلاق النار من قبل الجانب الإسرائيلي، ورأت أن هذه الخروقات تضع الوسطاء في موقف صعب وتعرض الاتفاق للخطر. وشددت على ضرورة التزام جميع الأطراف ببنود الاتفاق، واحترام حقوق المدنيين الفلسطينيين. هذا الالتزام، بحسب المسؤول القطري، هو مفتاح الاستقرار ودفع العملية السياسية نحو حل عادل وشامل.
القوة الدولية في غزة: موقف قطر الحازم
أحد أبرز النقاط التي تمت مناقشتها هو اقتراح نشر قوة دولية في قطاع غزة. كرر رئيس الوزراء القطري رفض الدوحة القاطع لفكرة قوة استقرار دولية تعمل بمنطق التحيز لطرف على حساب آخر. وأوضح أن أي قوة دولية يجب أن تكون محايدة تمامًا، وتُعنى بحماية المدنيين، والحفاظ على الأمن، وتسهيل عملية الانتقال السياسي دون تدخل في الشؤون الداخلية. هذا الموقف القطري يعكس حرصها على ضمان تحقيق العدالة والشمولية في أي ترتيب مستقبلي لغزة.
الحوار الاستراتيجي وتعزيز الشراكة الأمريكية القطرية
عقد هذا اللقاء في إطار إطلاق الحوار الاستراتيجي السنوي السابع بين الولايات المتحدة وقطر. ماركو روبيو، عبر حسابه على منصة “إكس”، أكد أن اللقاء كان فرصة لتبادل وجهات النظر حول مسارات التعاون الثنائي، وسبل تعزيز الشراكة القطرية الأمريكية. وأضاف أن المباحثات شملت فرصًا لتعزيز التعاون الاقتصادي والاستراتيجي في الشرق الأوسط والعالم.
وزارة الخارجية الأمريكية أكدت في بيان رسمي أن روبيو شدد على رغبة بلاده في مواصلة التعاون الوثيق مع قطر لتحقيق الأهداف المشتركة. وجددت التأكيد على أهمية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، التي تستند إلى الثقة والاحترام المتبادل. كما تم بحث سبل تعزيز التعاون الأمني والاقتصادي، مُقدرين دور قطر في دعم المصالح الأمريكية في المنطقة، وخاصة في أفريقيا.
تفاصيل خطة القوة الدولية وما واجهته من عراقيل
عُقد اجتماع أمريكي عبر تطبيق “زووم” يوم الثلاثاء الماضي بمشاركة دول شريكة لمناقشة خطة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة، كجزء من المرحلة الثانية من مبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب. ركزت المناقشات على هيكل القيادة، وأهداف القوة، ومهامها، وغيرها من التفاصيل التي لم يتم حسمها بعد. وقد قدم ضابط أمريكي كبير عرضًا تفصيليًا حول رؤية الولايات المتحدة للقوة المقترحة ودورها في تثبيت وقف إطلاق النار، والانتقال إلى المرحلة السياسية.
لكن، وفقًا لصحيفة “هآرتس” العبرية، واجهت الدعوة إلى الاجتماع تردداً من قِبل العديد من الدول. فقد رفضت 15 دولة حضور المؤتمر، من بينها دول من شرق آسيا وأوروبا وآسيا الوسطى. يُعزى هذا التردد إلى مخاوف بشأن تبعات نشر قوة دولية في غزة، والمسؤوليات المترتبة على ذلك، بالإضافة إلى عدم وضوح الرؤية بشأن مستقبل القطاع.
بالمقابل، شهد الاجتماع مشاركة فعالة من دول عربية، مثل الإمارات، والبحرين، والمغرب، والسعودية، ومصر، والأردن، بالإضافة إلى دول أوروبية أخرى، ودول من آسيا الوسطى والبلقان. جدير بالذكر أن تركيا لم يتم توجيه دعوة لها للمشاركة في الاجتماع.
خطة ترامب للسلام: نظرة شاملة
تُعد القوة الدولية المقترحة جزءًا لا يتجزأ من خطة الرئيس ترامب للسلام، التي تهدف إلى نشر قوة متعددة الجنسيات في غزة لتثبيت وقف إطلاق النار، وتسهيل الانتقال إلى العملية السياسية. تتضمن الخطة أيضًا نزع سلاح حركة “حماس” بشكل تدريجي، تحت إشراف دولي، وانسحاب إسرائيل من القطاع، وتشكيل حكومة تكنوقراط.
كشف ترامب عن هذه المبادرة الشاملة في أواخر سبتمبر الماضي، وتضمنت 20 بندًا رئيسيًا، من بينها الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين، وتثبيت وقف إطلاق النار، وإعادة إعمار غزة، وتحسين الأوضاع الإنسانية. ودخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 10 أكتوبر، في خطوة كان من المفترض أن تنهي حربًا استمرت عامين، وقضت على حياة أكثر من 70 ألف فلسطيني، وأصابت أكثر من 171 ألفًا.
ختامًا، تُظهر الجهود القطرية الأمريكية المشتركة التزامًا قويًا بتحقيق الاستقرار في غزة، ووقف المعاناة الإنسانية. ونيرا إلى تطورات الوضع في غزة وقضية وقف إطلاق النار ، سيكون تعزيز التعاون الدولي، وتلبية الاحتياجات الإنسانية، وتجنب أي انتهاكات لوقف إطلاق النار، أمرًا حاسمًا لإنجاح القوة الدولية المرتقبة وضمان مستقبل أفضل لسكان القطاع. كما أن استمرار الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وقطر يمثل ركيزة أساسية لتعزيز الشراكة وتنسيق الجهود لتحقيق الأهداف المشتركة في المنطقة.


