بقلم: يورونيوز
نشرت في
اعلان
كشف مسؤولان بارزان سابقان في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أن الجيش الإسرائيلي لم يقدّم لهما في أي وقت أدلة، أو حتى ادّعى بشكل غير علني، أن حركة حماس كانت تستولي بشكل مباشر على المساعدات الإنسانية الممولة من الولايات المتحدة.
وأوضح جاك لو، الذي شغل منصب السفير الأميركي لدى إسرائيل، وديفيد ساترفيلد، الذي عمل مبعوثاً أميركياً لشؤون القضايا الإنسانية في الشرق الأوسط، في مقال مشترك نُشر في مجلة “فورين أفيرز”، أن “لا الجيش الإسرائيلي ولا الأمم المتحدة قد شاركا معنا أدلة أو ادعوا لنا في الجلسات الخاصة أن حماس كانت تستولي جسدياً على السلع الممولة من الولايات المتحدة والمقدمة عبر برنامج الأغذية العالمي أو المنظمات الدولية غير الحكومية”.
وأضاف المسؤولان: “لم يكن هناك أي دليل على استيلاء كبير من جانب حماس على أي مساعدات رئيسية ممولة من الأمم المتحدة أو منظمات غير حكومية”.
ادعاءات لتبرير إنشاء مؤسسة إنسانية
في المقابل، أصرت إسرائيل على عكس ذلك، واستخدمت مزاعم “الاستيلاء الواسع والمنهجي” من قبل حماس كمبرر لإنشاء “المؤسسة الإنسانية لغزة” المثيرة للجدل في أيار/مايو الماضي.
وقدمت إسرائيل أدلة وصفت بأنها “قصصية”، تضمنت مقاطع فيديو لمسلحين تقول إنهم عناصر من حماس استولوا على شاحنات مساعدات. غير أن صحيفة “نيويورك تايمز” نقلت الشهر الماضي عن مسؤولين عسكريين إسرائيليين كبيرين قولهما إن حماس تقوم بسرقة بعض المساعدات، لكن لا يوجد دليل على أنها مشكلة ممنهجة.
ووصلت إلى النتيجة نفسها دراسة داخلية صادرة في حزيران/يونيو عن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، غير أن بعض المعيّنين السياسيين في وزارة الخارجية الأميركية عارضوا هذه الدراسة بعدما تسربت إلى الإعلام. صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية نقلت عن مصدر مطلع أن هؤلاء المسؤولين الأميركيين اعتمدوا على معلومات قدمها لهم الإسرائيليون.
لو وساترفيلد: حماس فرضت ضرائب وابتزت المساعدات
وأوضح لو وساترفيلد أن “حماس وجدت طرقاً لفرض الضرائب والابتزاز، وبدرجة معينة الاستيلاء على المساعدات، بما في ذلك المساعدات القادمة من مصر التي تولت إدارتها جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني”، وهو ما سبق أن أشار إليه ساترفيلد في مقابلة مع صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” الشهر الماضي.
وأشارا إلى أنه خلال السنة الأولى من الحرب، سمحت إسرائيل لعناصر الشرطة التابعة لحماس بتأمين قوافل المساعدات لمنع اللصوص من نهب الشاحنات، لكنها خلصت في كانون الثاني/يناير 2024 إلى أن الحركة استغلت هذا الدور للحفاظ على سيطرتها، وبدأت باستهداف عناصرها، ما أدى إلى صعود عصابات إجرامية وعمليات نهب.
وبين التقرير أن إسرائيل لجأت بدايةً إلى التعاقد مع شركات خاصة لتأمين القوافل، لكنها اكتشفت لاحقاً أن هذه الشركات تعمل أيضاً مع حماس والعصابات، فأنهت هذا الترتيب.
نتنياهو طلب إنشاء رصيف بحري لغزة
كما كشف المسؤولان أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو من طلب من الرئيس الأميركي جو بايدن إنشاء رصيف بحري مؤقت قبالة سواحل غزة للمساعدة في إيصال المساعدات، في وقت كانت تُنظر فيه إلى المشروع على أنه مبادرة أميركية خالصة.
ورغم أن لو وساترفيلد أشارا إلى أن الرصيف ساهم في إطعام نحو 450 ألف فلسطيني في غزة، إلا أنه اعتُبر فشلاً باهظ التكلفة بعدما انهار عدة مرات وأُغلق نهائياً بعد أقل من شهر على تشغيله.
ومع ذلك، أوضحا أن إسرائيل وافقت في المقابل على فتح ميناء أشدود أمام تدفق المساعدات، وهو تنازل بقي قائماً حتى بعد توقف عمل الرصيف العائم.
دور غالانت في تسهيل دخول المساعدات
وتحدث لو وساترفيلد أيضاً عن الدور المحوري لوزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت، الذي اعتُبر قناة أساسية اعتمدت عليها واشنطن لتوسيع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، متجاوزاً معارضة شركاء نتنياهو في الائتلاف اليميني المتطرف.
وساعد غالانت على إقناع بقية الحكومة بالسماح بدخول المساعدات مباشرة من إسرائيل عبر معبر كرم أبو سالم في مطلع 2024، بعد أن استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة.
ورأى لو وساترفيلد أن المتابعة الدقيقة للوضع الإنساني على أعلى المستويات في الإدارة الأميركية ساعدت على تجنب المجاعة الجماعية التي تحذر منها الآن منظمات الإغاثة في غزة، مشيرين إلى أن “حتى بايدن كان يتابع يومياً عدد الشاحنات”.
لكن المسؤولين السابقين أضافا أن “إدارة جديدة في واشنطن كانت في ذلك الوقت أقل انخراطاً في تفاصيل إيصال المساعدات، وبدأت بتفكيك بنية المساعدات الأميركية على مستوى العالم”.