توقعت مجموعة من البنوك العالمية آفاقاً اقتصادية واعدة وإيجابية لأداء اقتصاد دبي في سنة 2024، على الرغم من العديد من المخاوف والاضطرابات التي تهدد الاقتصاد العالمي، كالأحداث الجيوسياسية الجارية وأخطار الركود الاقتصادي وآثارها المباشرة في أسعار النفط، فضلاً عن محاولات السيطرة على التضخم والآثار المالية المرتبطة به.

وأكدت البنوك أن الآفاق الاقتصادية المتفائلة لدبي في العام المقبل، جاءت مدفوعة بعدة عوامل رئيسة تتمثل في: الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تخلق بيئة موائمة لنمو الثروات وخلق الوظائف الجديدة، وأسعار الطاقة المواتية وأداء القطاع السياحي القوي، وانضمام الإمارات إلى العديد من المبادرات العالمية، والميزة الجغرافية بين الشرق والغرب والمرونة الاقتصادية ما يعطي الإمارة درجة من الثبات في وجه التقلبات الاقتصادية العالمية.

وأضافت البنوك «التحرير المستمر لقوانين الإقامة والهجرة، وسمعة دبي في مجال التطوير العقاري الفاخر والمبتكر يجعلانها جذابة بشكل خاص للمستثمرين المحليين والدوليين، وقدرتها على جذب الأفراد الأثرياء وذوي الثروات العالية، والتضخم ما زال تحت السيطرة والدين العام منخفض، والفرص الاستثمارية الكبيرة في عدة قطاعات اقتصادية».

توقعات متفائلة

وقالت رشا بدوي الرئيس التنفيذي الإمارات – بنك باركليز، «تسير المنطقة على مسار نمو مذهل، الذي يبدو أنه سيستمر حتى سنة 2024، وإضافة إلى النمو السريع في الإمارات، تشهد المنطقة نمواً مطرداً في الأسواق الرئيسة ومن ذلك السعودية وما حولها».

وأضافت بدوي «ومما لا شك فيه أن دبي رسخت مكانتها واحداً من المراكز المالية والتجارية العالمية الرائدة، ومن المؤكد أنها ستستمر في جذب المستثمرين».

وتابعت «لقد ارتفعت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الإمارات بنسبة 10 % في سنة 2022 مقارنة بالعام السابق لتصل إلى مستوى قياسي بلغ 23 مليار دولار، وهو ما يخلق بالطبع بيئة لنمو الثروات ووظائف إضافية».

وقالت بدوي «ومن الناحية الجيوسياسية، أصبحت المنطقة أكثر استقراراً وتؤدي دوراً رئيساً محايداً على مستوى العالم، ولكن يجب أن نظل مدركين الأخطار المرتبطة بالجغرافيا السياسية».

وذكرت «فبعد جائحة كوفد – 19، شهدنا ارتفاع أسعار الطاقة، ومجموعة من السياسات الحكومية الداعمة للأعمال التجارية والمستثمرين، وانتعاش السياحة، ما ساعد جميعها منطقة الخليج، ودبي بالأخص، على التفوق في الأداء على العديد من نظرائها العالميين».

وأفادت بدوي بأن الإمارات تستثمر بشكل كبير في تحول الطاقة، عبر الطاقة الشمسية والنووية وخفض الانبعاثات في قطاع النفط والغاز، فضلاً عن إنشاء نظام بيئي للأعمال يشجع الابتكار واستخدام التكنولوجيا المتطورة ومجموعة واسعة من الفوائد التجارية.

وأكدت أن هذا مناخ ملائم للنمو، وسوف يساعد بالتأكيد على تحقيق أهداف أجندة دبي الاقتصادية D33، التي تهدف إلى مضاعفة حجم الاقتصاد بحلول سنة 2033.

وأشارت بدوي إلى أنها متفائلة لدبي في سنة 2024 بشرط أن نبقى في بيئة جيوسياسية مستقرة، إضافةً إلى ألّا يدخل العالم ركوداً عميقاً إذ سيؤثر في أسعار النفط، ومن الجدير بالذكر أننا لا نتوقع حدوث ركود عالمي عميق في سنة 2024، بل نتوقع نمواً عالمياً بنسبة    2.4 %.

مرونة دبي الاقتصادية

بدورها، قالت عائشة عباس، المديرة التنفيذية رئيسة الخدمات المصرفية للأفراد والأعمال في ستاندرد تشارترد، الإمارات، «نرى أن التوقعات الاقتصادية لدبي في سنة 2024 واعدة بشكل ملحوظ، على الرغم من التحديات الاقتصادية التي يواجهها العالم، إذ تتجلى مرونة دبي الاقتصادية بشكل أكبر في موقعها الاستراتيجي مركزاً عالمياً للتجارة والسفر، وتوفر هذه الميزة الجغرافية لدبي درجة من الثبات في وجه التقلبات الاقتصادية العالمية، ما يعزز سمعتها لاعباً موثوقاً به ومستقراً في الساحة العالمية».

وأضافت عباس «تسهم عدة عوامل في توقعات النمو الإيجابية، وأهمها أنه من المتوقع أن يؤدي التحرير المستمر لقوانين الإقامة والهجرة إلى تحفيز الطلب المحلي والنمو السكاني، الأمر الذي سيكون له تأثير مضاعف إيجابي عبر مختلف قطاعات الاقتصاد، وخاصة مع انخفاض مستويات التضخم، ومن المتوقع أن يكون القطاع العقاري المستفيد الرئيس، إذ إن زيادة الإنفاق الاستهلاكي غالباً ما تترجم إلى ارتفاع الطلب على الإسكان والعقارات، إن سمعة دبي في مجال التطوير العقاري الفاخر والمبتكر تجعلها جذابة بشكل خاص للمستثمرين المحليين والدوليين».

وأشارت عباس إلى أن إحدى نقاط القوة الرئيسة التي تتمتع بها دبي تكمن في قدرتها على جذب الأفراد الأثرياء وذوي الثروات العالية، إذ إن بيئة الإمارة الصديقة للضرائب، وعروض نمط الحياة، والمرافق ذات المستوى العالمي تجعل منها وجهة جذابة لأولئك الذين يتطلعون إلى تأسيس وجود لهم في المنطقة، ويؤدي هؤلاء الأفراد دوراً حاسماً في تعزيز النمو الاقتصادي عبر استثماراتهم ونفقاتهم، ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في سنة 2024، حتى وسط حالة عدم اليقين العالمية.

وتوقعت عباس أن تحافظ السياحة على أدائها القوي في سنة 2024، إذ إن قدرة دبي على التكيف مع الظروف العالمية المتغيرة والقيمة المضافة التي تقدمها تجعلها خياراً رئيساً للمسافرين الباحثين عن تجربة فريدة وفاخرة، وتدعم الاستثمارات المستمرة في البنية التحتية السياحية ومناطق الجذب السياحي إمكان استمرار الانتعاش القوي في قطاع السياحة في العام المقبل.

فرص استثمارية كبيرة

إلى ذلك، قال أرنود لوكليرك، المدير العام للمجموعة، بنك لومبارد أودييه السويسري «لدينا تفاؤل حقيقي في شأن دبي والإمارات بوجه عام، ولقد كان العام الماضي ممتازاً، إذ بلغت نسبة نمو مجمل الناتج المحلي نحو 8 %، وعلى الرغم من أننا لا نتوقع أن يستمر النمو على هذا المستوى في هذا العام الحالي أو العام الذي يليه، فإن الأمور تسير بشكل جيد في الإمارات».

وأضاف لوكليرك «توجد فوائض في الحسابات، والتضخم ما زال تحت السيطرة والدين العام منخفض، وإذا ما أخذت هذه المعايير في الاحتساب، فلن تجد هناك الكثير من البلدان تتمتع بهذا الوضع المالي الجيد، كما تؤثر أسعار النفط أيضاً بشكل إيجابي في المنطقة ومن بينها الإمارات، ومع ذلك، فإن أسعار الفائدة تؤثر في بعض الأعمال، وخاصة في ما يخص خدمة الديون، وقد شهدت العقارات تباطؤاً طفيفاً بسبب ارتفاع الأسعار، فأصبح الناس أكثر تردداً في شراء العقارات ولكن ذلك لا يشكّل مصدر قلق كبير».

وأشار لوكليرك إلى أن اقتصاد دبي يقوم على السياحة ونمو القطاع المالي، وإضافة إلى ذلك، فإن التحول نحو الاستدامة والتقنيات الجديدة، مثل احتجاز الكربون والهيدروجين الأخضر وحلول التنقل الذكي والزراعة العمودية، يوفر أيضاً فرصاً استثمارية كبيرة وهي الجوانب التي ننظر إليها من كثب، ونحن مؤمنون بالاستدامة ونعتقد بأن الإمارات قادرة على تحقيق الريادة في هذه القطاعات.

وعن تأثير انضمام الإمارات لعدد من المبادرات العالمية مثل مجموعة بريكس وطريق الحرير والممر الاقتصادي لمجموعة العشرين، قال لوكليرك «تبرز هذه الخطوات تحولاً نحو ترسيخ المكانة الاقتصادية للإمارات، وفي حين شهدت بعض الدول نتائج مختلفة في ما يخص مبادرات مثل طريق الحرير، إلا أن النفوذ الاقتصادي للصين والدور الذي تؤديه الإمارات محوراً مؤثراً في المشهد العالمي المتغير، يعدان أمراً واضحاً، وتلك بلا شك تغييرات تاريخية تحدث أمام عيوننا، ويشهدها الجيل الحالي».

وأضاف لوكليرك «يعد انضمام الإمارات لمجموعة بريكس وطريق الحرير خطوة في الاتجاه الصحيح، فهناك طريقان مهمان، أحدهما عبر الشرق الأوسط والآخر عبر آسيا الوسطى وصولاً إلى أوروبا، وقد حقق طريق الحرير بعض النجاحات، إلا أنه واجه في الوقت ذاته عدداً من التحديات، ولكن لا يمكننا تجاهل حقيقة أن الصين أصبحت ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إن لم تكن الأكبر وفقاً لبعض المعايير، كما أن الهند تنمو بشكل ملحوظ».

وذكر لوكليرك أن الإمارات تعد محوراً طبيعياً، أكثر من مجرد كونها مركزاً تجارياً، وهو أمر مثير للإعجاب، فنحن نشهد اليوم التاريخ يُكتب أمام عيوننا، والإمارات لديها فرصة جيدة، بالنظر إلى طموحاتها وتطلعاتها.

أبرز عوامل نمو اقتصاد دبي:

الاستثمارات الأجنبية المباشرة

خلق بيئة موائمة لنمو الثروات

خلق الوظائف الجديدة

أداء القطاع السياحي القوي

الميزة الجغرافية بين الشرق والغرب

المرونة الاقتصادية

تسهيلات قوانين الإقامة

سمعة التطوير العقاري

الفرص الاستثمارية الكبيرة

المرافق ذات المستوى العالمي

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.