قالت مجلة إيكونوميست إن الغزو الإسرائيلي لقطاع غزة قد يستغرق شهورا أو ربما سنة. وأضافت أنه ما إن أرخى الليل سدوله على قطاع غزة يوم الجمعة حتى انتشرت شائعات تفيد بأن الغزو الإسرائيلي قد بدأ.
وأشارت إلى أن الجيش الإسرائيلي أكد في بيان مقتضب أن العمليات البرية “تتوسع” لكن دون الخوض في تفاصيل أخرى.
ومع شروق شمس اليوم التالي بدأت الأمور تتضح أكثر، فقد دخلت القوات الإسرائيلية غزة بالفعل من نقطتين: الأولى حول بلدة بيت حانون في الشمال، والبريج بالقرب من النقطة الضيقة التي تتوسط القطاع.
وبدا التوغل “أكبر” من الغارات التي شنتها إسرائيل خلال الليلتين السابقتين، حيث استمرت بضع ساعات قبل أن تعود القوات أدراجها إلى داخل إسرائيل.
تغيّر التكتيكات وليس أهداف الحرب
ونقلت الإيكونوميست عن مسؤولين في الجيش الإسرائيلي قولهم، في مقابلات أُجريت معهم في الأيام الماضية، إن أهداف الحرب لم تتغير، وتتمثل في عزل وتدمير البنية التحتية لحركة حماس، خصوصا شبكة أنفاقها تحت الأرض، والإطاحة بها من سدة الحكم في غزة، لكن تكتيكات الجيش ليست كما كان من المفترض أن تكون عليه بعد هجوم المقاومة الفلسطينية على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وبحسب المجلة البريطانية، فإن الموقعين اللذين دخلتهما القوات الإسرائيلية يوم الجمعة شمال وجنوب غزة، يشيران إلى أن ثمة خطة متدرجة لتطويق القطاع. وأوضح أحد كبار ضباط الجيش أن الهجوم البري هو حملة ستستغرق شهورا، وربما سنة.
وبدأ بعض السياسيين الإسرائيليين يحذرون من أن تنفيذ هجوم بري كبير من شأنه أن يصب في مصلحة حركة حماس، ومن جر الجيش الإسرائيلي إلى القتال في المناطق الحضرية، الذي أعدت له حماس بكل تأكيد الكمائن والأفخاخ المتفجرة.
محاولة لتفادي الضغوط الدولية
ومن شأن هذا الهجوم أن يتسبب أيضا في وفيات بأعداد كبيرة وسط المدنيين، والإضرار بالبنية التحتية في غزة، مما قد يؤدي إلى ضغوط دولية لوقف إطلاق النار.
ووفق المجلة، تعتمد الحملة ذات الوتيرة البطيئة على أساليب الحصار، لافتة إلى أن حركة حماس قامت بتخزين الوقود والمواد الغذائية وغيرها من الضروريات في شبكة الأنفاق، إلا أن هذه الإمدادات سوف تنفد في مرحلة من المراحل.
وعلقت على ذلك بالقول إن نقص الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء قد يعني انقطاع الهواء النقي والإضاءة عن الأنفاق تحت الأرض، مما سيجبر مقاتلي حماس للخروج إلى السطح.
وفي هذا الصدد يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت: “حماس لا تتوقع شيئا من هذا على الإطلاق. فهي تتوقع غزوا بريا لـ3 أو 6 أسابيع”.
قيود أمام الحملة الإسرائيلية
وهناك ثمة قيود تحد من تكتيكات إسرائيل بالفعل، من بينها وجود أكثر من 220 أسيرا لدى حماس وفصائل فلسطينية أخرى تمارس عائلاتهم ضغوطا على الحكومة الإسرائيلية لإعطاء الإفراج عنهم الأولوية. وهناك أيضا أسرى من 41 جنسية مختلفة، ربعهم تقريبا عمال زراعيون من تايلاند.
ويشكل وجود عدد كبير من الفلسطينيين في غزة، عائقا آخر أمام الهجوم، بحسب المجلة التي تمضي إلى القول إن إسرائيل ما تزال ترفض السماح بدخول الوقود إلى القطاع.
ويأمل قادة الجيش الإسرائيلي في أن تؤدي الحرب المتدرجة أكثر إلى إبقاء الجبهات الأخرى هادئة، وتقصد المجلة بذلك إيران “التي لا تواصل تهديد إسرائيل وحدها”، بل يُخشى أن تفتح جبهات جديدة.
المعضلة الإستراتيجية
وهناك قلق آخر من فتح جبهة ثانية شمال إسرائيل التي استدعت في الآونة الأخيرة حوالي 360 ألف جندي احتياط وأرسلت العديد منهم إلى الحدود مع لبنان تحسبا لهجوم من قبل حزب الله.
وتخلص الإيكونوميست إلى أنه ومع كونها حربا أبطأ وتيرة، تتزامن معها جهود جادة لتقديم مساعدات إنسانية قد تخفف بعض الشيء من وطأة الضغوط على إسرائيل، إلا أنها لن تحل المعضلة الإستراتيجية في كيفية اجتثاث حماس أو إيجاد بديل لها، وهي أسئلة يقر المسؤولون الإسرائيليون بأنهم لا يملكون أجوبة عنها حتى الآن.