أظهرت تقديرات أولية لوزارة المالية الإسرائيلية أن تكلفة قوات الاحتياط بالجيش الإسرائيلي منذ بدء عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي وحتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بلغت 20 مليار شيكل (5.5 مليارات دولار)، إلى جانب الأضرار والخسائر المباشرة للاقتصاد وسوق العمل الإسرائيلي الذي يشهد ارتفاعا بمعدلات البطالة.

ومع دخول حرب إسرائيل على غزة يومها الـ65، سلطت صحيفة “ذا ماركر” الاقتصادية الضوء في تقريرها وتحليلاتها، على تكلفة قوات الاحتياط، وتداعيات ذلك على سوق العمل الإسرائيلي الذي يشهد ارتفاعا غير مسبوق، فضلا عن تداعيات ذلك على الموازنة العامة التي سجلت عجزا بنسبة 3.4% في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وأشارت الصحيفة إلى أن تكلفة تجنيد قوات الاحتياط التي تقدرها وزارة المالية الإسرائيلية بملياري شيكل أسبوعيا (540 مليون دولار)، هي أعلى بكثير من تلك التي يقدرها بنك إسرائيل، الذي قدر تكلفة فقدان أيام العمل نتيجة تعبئة قوات الاحتياط بنحو 500 مليون شيكل أسبوعيا (135 مليون شيكل).

يأتي ذلك، فيما أعلن مكتب المحاسب العام لوزارة المالية الإسرائيلية -أمس الأحد- أن العجز بالموازنة العامة قفز بشكل حاد ليبلغ 3.4% بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي مقابل 2.6% في أكتوبر/تشرين الأول السابق له، ويعود هذا العجز إلى الزيادة الحادة في الإنفاق الحكومي خلال الحرب.

وبحسب بيانات مكتب المحاسب العام، فإن العجز سيصل إلى 62 مليار شيكل، بينما بلغ حاليا 34 مليار شيكل (قرابة 10 مليارات دولار).

ويقدر المحاسب العام أن العجز عام 2023 سينتهي عند 4%، في حين وضع قانون الموازنة المعدل هدف العجز المسموح به عند أقل 3.7% فقط.

تكلفة اقتصادية
وحيال هذه التقديرات والواقع الاقتصادي، تبدي وزارة المالية الإسرائيلية قلقها إزاء تكلفة قوات الاحتياط وخسائر سوق العمل وحجم الأضرار الاقتصادية الجسيمة وغير المسبوقة الناجمة عن التجنيد المكثف لهذه القوات، بحسب محللة الشؤون الاقتصادية ميراف أرلوزوروف.

ونقلت الصحيفة عن أرلوزوروف أن “شهرين من الخدمة العسكرية المستمرة تستنزف ضباطا وقوات الاحتياط”، مشيرة إلى أنه إذا احتاج إليهم الجيش الإسرائيلي مرة أخرى فإنه سيجد صعوبة في الاستجابة للخدمة المتجددة لقوات الاحتياط.

وقالت أرلوزوروف “إذا احتدم القتال على الجبهة الشمالية مع لبنان، وتصاعدت سرعة المعارك، فإن قوات الاحتياط ستكون مستنزفة”.

وتقدر تكلفة تعبئة قوات الاحتياط منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي بما يتراوح بين 300 و400 مليون شيكل يوميا (80 مليونا إلى 110 ملايين دولار)، ورغم التكلفة الاقتصادية الضخمة، واستنزاف جنود الاحتياط بعد شهرين متتاليين من تجنيدهم، فإن الجيش الإسرائيلي لم يسرح حتى الآن سوى نسبة قليلة جدا من المجندين بالاحتياط.

وقدرت وزارة المالية الإسرائيلية التكلفة المباشرة ليوم الاحتياط -دفع الأجور لجنود الاحتياط والمعدات والطعام وما إلى ذلك- بمبلغ 70 مليون شيكل (19 مليون دولار)، لكل 100 ألف مجند، لكن بحسب أرلوزوروف من غير المعروف عدد جنود الاحتياط الذين جندهم الجيش الإسرائيلي منذ بداية الحرب على غزة.

 

أضرار تراكمية
مع بدء “معركة طوفان الأقصى” وإعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن حالة طوارئ، صدق الكنيست على تجنيد 350 ألف مجند من قوات الاحتياط.

وبافتراض -تقول محللة الشؤون الاقتصادية- أن هناك نحو 200 ألف جندي احتياطي، فإن تكلفتهم المباشرة، ستبلغ نحو 150 إلى 200 مليون شيكل يوميا (نحو 41 مليونا إلى 54 مليون دولار)، يضاف إليها الأضرار التي لحقت بالاقتصاد جراء تغيب هذه القوات عن سوق العمل، في وقت يبلغ معدل الأجر الشهري للفرد منهم 12 ألف شيكل (3250 دولارا).

وتقدر وزارة المالية الإسرائيلية أن الأضرار التي لحقت بالناتج المحلي الإجمالي أعلى بنسبة 50% من التكلفة المباشرة، مما يعني أن الاقتصاد الإسرائيلي يعاني من أضرار يومية إضافية بقيمة 200 مليون شيكل (54 مليون دولار).

ويبلغ الضرر التراكمي بنحو 20 مليار شيكل، وتقول أرلوزوروف إن ذلك  يشكل “ضررا اقتصاديا غير مسبوق، حيث لم يسبق أن حدث مثل هذا التعبئة المكثفة والمطولة لقوات الاحتياط، ربما حتى خلال حرب يوم الغفران والأشهر التي تلت ذلك”.

 

ارتفاع معدلات البطالة
تعكس هذه التقديرات الواقع في سوق العمل الإسرائيلي الذي سجل ارتفاعا غير مسبوق بمعدلات البطالة، إذ بلغ عدد الباحثين عن عمل في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي 332 ألفا، أي بزيادة قدرها 47% مقارنة بأكتوبر/تشرين الأول الذي قبله، وذلك بحسب تقرير مكتب التشغيل التابع لمؤسسة التأمين الوطني الإسرائيلية.

ووفقا للبيانات الواردة في تقرير مكتب التشغيل، فإن 123 ألفا من بين 332 ألف باحث عن عمل هم مسجلون جدد خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، في حين أن 2209 آلاف هم باحثون عن عمل تم تسجيلهم في خدمة التوظيف في أكتوبر/تشرين الأول الماضي أيضا.

ووفقا لدائرة الإحصاء المركزية، قفز معدل البطالة الواسع النطاق مرتين ونصف في غضون شهر واحد، ليصل إلى 10.4% في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهي أعلى نسبة تسجل منذ أبريل/نيسان 2021، ومن المتوقع أن تواصل الارتفاع في حال استمرت الحرب.

وقال الصحفي ناتانيال جومز، مراسل صحيفة “ذا ماكر” الاقتصادية إن سوق العمل الإسرائيلي -وبعد شهرين من الحرب على غزة- دخل في حالة طوارئ، إذ يلاحظ أن الشبان يتدفقون على مكاتب التوظيف والتشغيل بحثا عن العمل، والتسجيل للحصول على مخصصات البطالة.

وأشار جومز إلى أن التدفق للبحث عن العمل في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 جاء أعلى بنسبة 326% مقارنة بالعام 2022 على أساس سنوي، وبارتفاع 47% على أساس شهري مقارنة بأكتوبر/تشرين الأول الماضي، مما يشير إلى تكيف الاقتصاد مع روتين الطوارئ في ظل الحرب، وفق تعبيره.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.