تشهد أسواق النفط تقلبا كبيرا حيث إنها توازن بين العوامل الصعودية والهبوطية بما في ذلك ارتفاع إنتاج الخام الأمريكي واحتمال استئناف صادرات النفط من إيران.
وطغت الشكوك تجاه اقتصاد الصين على تخفيضات الإنتاج وتقليص عدد منصات النفط والغاز العاملة في الولايات المتحدة للأسبوع السابع على التوالي.
وقال لـ”الاقتصادية”، محللون نفطيون إنه رغم إجراءات مكافحة الجائحة المخففة كان الانتعاش الاقتصادي في الصين أقل إثارة للإعجاب مما كان متوقعا مع انتعاش صناعي ضعيف وانخفاض الطلب على النفط الذي كان أقل من المتوقع مما أثر في الأسعار العالمية.
ولفت المحللون إلى أن بكين تدرس إقرار حزمة من الإجراءات التحفيزية لتعزيز الاقتصاد مع استجابة الأسواق المالية لتزايد الاتجاه الهبوطي بشأن توقعات أسعار النفط بسبب زيادة المعروض مقابل تقلص المخاوف من الركود.
وأكد روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، أن عدم اليقين يغيب عن السوق في ظل استمرار التقلبات السعرية المهيمنة عليها وسط تقديرات متباينة لبيانات العرض والطلب المستقبلية، مبينا أن الانتعاش الصناعي في الصين لم يكن قويا حيث كان أداؤه أسوأ من القطاعات الأخرى.
وذكر أن قطاع النقل جاء أيضا متواضعا كما كان الطلب على وقود الطائرات مخيبا للآمال مع تسجيل الرحلات الجوية الدولية من الصين نسبة 39 في المائة فقط من مستويات ما قبل الوباء.
من جانبه، قال ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، إن آفاق الطلب يحيط بها كثير من الغموض خاصة أن الصين باعتبارها أكبر مستورد للنفط الخام في العالم ما زالت بياناتها متواضعة حيث كان معظم خبراء السلع الأساسية متفائلين بأن اقتصاد البلاد سيتعافى بسرعة ويعطي دفعة قوية للطلب على النفط حتى إن البعض يروج لعودة سريعة إلى 100 دولار للبرميل.
وذكر أنه بشكل عام أصبحت أسواق النفط متقلبة للغاية حيث يحاول المتداولون فهم مزيج من محركات الصعود والهبوط لأسعار النفط، مشيرا إلى ارتفاع أسعار النفط بعد أن أظهر أحدث تقرير لإدارة معلومات الطاقة أن تكرير النفط الخام قد وصل إلى أعلى مستوى منذ آب (أغسطس) 2019 تحسبا للطلب القوي في الصيف لكن التقرير نفسه كشف أن إنتاج الخام الأمريكي وصل إلى أعلى مستوياته منذ نيسان (أبريل) 2020 بينما تراجعت صادرات الخام.
بدوره، ذكر ماثيو جونسون المحلل في شركة أوكسيرا الدولية للاستشارات، أن الضغوط الهبوطية على النفط ربما ترجع إلى عدة عوامل أبرزها تسجيل زيادة في المعروض النفطي من روسيا وإيران وفنزويلا بينما يحد من تراجع الأسعار استمرار مخاوف الركود المتزايدة والرياح المعاكسة المستمرة لارتفاع الأسعار الممثلة في ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية لمكافحة التضخم المتنامي في اقتصاد الولايات المتحدة.
وأشار إلى أن مجموعة سيتي جروب الدولية المصرفية ترجح استمرار انخفاض أسعار النفط الخام، مبينا أن تخفيضات الإنتاج من غير المرجح أن تحافظ على سعر برميل النفط في مستوى الثمانينيات أو التسعينيات من الدولارات نتيجة ضعف الطلب ووجود إمدادات أقوى من بعض الدول بحلول نهاية العام الجاري.
من ناحيتها، قالت مواهي كواسي العضو المنتدب لشركة أجركرافت الدولية، إن المخاوف من ضعف الطلب تفاقمت بعد أن أظهرت بيانات حديثة ارتفاع مخزونات النفط الخام الأمريكية للأسبوع السابع على التوالي وتقترب حاليا من متوسط الأعوام الخمسة.
وأشارت إلى أن بيانات تجارة النفط الخام أظهرت أخيرا تقلبات كبيرة بشكل غير عادي في الصادرات والواردات بينما جاءت الأخبار الأكثر هبوطا خارج السوق الأمريكية مع تقارير تفيد بأن إيران قد تستأنف قريبا صادرات النفط رسميا مع تقدم المحادثات النووية مع الولايات المتحدة بمعدل أسرع من المتوقع.
وفيما يخص الأسعار، انخفض النفط الخام أمس، ليتراجع عن المكاسب التي حققها الأسبوع الماضي.
وتراجع خام برنت 68 سنتا ليتم تداوله عند 75.93 دولار للبرميل، في حين انخفض خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 59 سنتا إلى 71.19 دولار.
وفي الأسبوع الماضي زاد برنت 2.4 في المائة وارتفع خام غرب تكساس 2.3 في المائة.
وخفض عدد من البنوك الكبرى التوقعات بشأن نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين لعام 2023، بعد أن أظهرت بيانات أيار (مايو) والتي نشرت الأسبوع الماضي أن التعافي بعد جائحة كوفيد في ثاني أكبر اقتصاد في العالم يواجه عثرات.
وقالت مصادر لـ”رويترز” إن الصين ستطرح مزيدا من الدعم التحفيزي لاقتصادها المتباطئ هذا العام، لكن المخاوف بشأن الديون وهروب رؤوس الأموال ستبقي على التدابير التي تهدف إلى دعم الطلب الضعيف في القطاعين الاستهلاكي والخاص.
ومع ذلك ارتفع معدل استهلاك المصافي في الصين في أيار (مايو) إلى ثاني أعلى مستوى على الإطلاق ما ساعد على تعزيز مكاسب الأسبوع الماضي.
وقلصت شركات الطاقة الأمريكية عدد منصات النفط والغاز الطبيعي العاملة للأسبوع السابع على التوالي للمرة الأولى منذ تموز (يوليو) 2020.
وانخفض عدد منصات النفط والغاز، وهو مؤشر مبكر للإنتاج في المستقبل، بمقدار ثماني منصات ليصل إلى 687 منصة في الأسبوع المنتهي في 16 حزيران (يونيو) وهو أدنى مستوى منذ نيسان (أبريل) 2022.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 75.89 دولار للبرميل يوم الجمعة مقابل 74.02 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء حقق أول ارتفاع عقب انخفاض سابق وأن السلة استقرت تقريبا مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 75.85 دولار للبرميل.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.