تتحدث أوساط كثير من العالم عن إمكانية التخلي عن الوقود الأحفوري، لكن بالنظر إلى الاعتماد الكبير عليه في النشاط الاقتصادي العالمي، فإن قطاعات واسعة ستنهار إذا تم التخلي عنه.

في ظل انتشار الحديث عن ترك العالم الوقود الأحفوري (النفط والفحم والغاز) لمنع تغير المناخ، لم يتحدث أحد من الناحية العملية حول مدى الاعتماد الكبير للاقتصاد العالمي عليه، بحسب ملاحظة موقع أويل برايس.

ويعتمد الاقتصاد بشكل غير عادي على الوقود الأحفوري، فإذا لم يتوفر ما يكفي منه، فسيكون من المرجح نشوب صراع على المتاح منه، وقد تحصل بعض البلدان على أكثر بكثير من حصتها العادلة، في حين لن يحصل بقية سكان العالم إلا على قدر ضئيل للغاية منه، أو لا يحصلون عليه.

وسرد الموقع المهتم بالموارد الطبيعية 10 أسباب تجعل العالم لا يستطيع التخلي عن الوقود الأحفوري:

انهيار البنوك

يرجح التقرير انهيار البنوك في المناطق التي لا يوجد بها وقود أحفوري، مع حالة من التضخم المفرط، وعلى الأرجح ستزيد الحكومات المعروض النقدي بصورة كبير في محاولة “يائسة” لجعل الناس يعتقدون أنه سيتم إنتاج المزيد من السلع والخدمات.

وتوقّع التقرير أن تلجأ الحكومات إلى هذا النهج، لأن الناس يساوون بين امتلاك المزيد من المال مع القدرة على شراء المزيد من السلع والخدمات، لكن لسوء الحظ، بدون الوقود الأحفوري سيكون من الصعب للغاية إنتاج كثير من السلع، وفق التقرير.

وستؤدي زيادة المعروض النقدي إلى زيادة التضخم، لأن الأمر يتطلب موارد مادية، بما في ذلك الأنواع المناسبة من الطاقة، لتشغيل الآلات بجميع أنواعها لصنع السلع.

ويتطلب استحداث الخدمات كذلك وقودا أحفوريا، لكن بشكل عام بدرجة أقل من تصنيع السلع، وفق التقرير.

وتوقع المصدر ذاته أن تنهار البنوك، في حال انعدام الوقود الأحفوري، لأن عددا كبيرا من المقترضين لن يتمكنوا من سداد ديونهم مع الفائدة، وسيتلخص جزء من المشكلة في ارتفاع مستويات أسعار السلع والخدمات بصورة أكبر من ارتفاع الأجور، الأمر الذي يجعل من الصعب تحمل تكاليف السلع.

وبحسب التقرير، فإن جزءا آخر يتمثل في أن الاقتصادات الخدمية (المعتمدة على الخدمات)، مثل الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، سوف تتأثر بشكل غير متناسب بالاقتصاد المتدهور، فمن المرجح أن يلجأ الناس في هذه الاقتصادات إلى الإنفاق على الضروريات كالغذاء والماء، مع الإحجام عن الإنفاق على غيرها، مما سيدفع الشركات التي تقدم الخدمات الأخرى إلى الانهيار، ويؤدي بذلك إلى تخلفها عن سداد ديونها.

انهيار الحكومات

مع فشل البنوك فإن حكومات اليوم سوف تنهار كذلك، ويرجع ذلك جزئيا إلى محاولاتها إنقاذ البنوك، وثمة مشكلة أخرى، بحسب التقرير، تتمثل في انخفاض عائدات الضرائب، بسبب إنتاج عدد أقل من السلع والخدمات.

وتوقع موقع أويل برايس -في حال التخلي عن الوقود الأحفوري- أن تصبح برامج التقاعد أكثر صعوبة في التمويل، مما سيؤدي إلى سياسات مثيرة للانقسام بصورة متزايدة، وفي بعض الحالات، قد يتم حل الحكومات المركزية، مما يترك الولايات والوحدات الأصغر الأخرى، مثل المقاطعات تستمر في العمل بمفردها.

ورجّح التقرير أن تجد المنظمات الحكومية الدولية، مثل الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي، أن أصواتها أصبحت أقل اهتماما قبل أن تنهار.

انهيار الشركات

الوقود الأحفوري ضروري لجميع الشركات، فهو يستخدم في استخراج المواد الخام ونقل البضائع، وتمهيد الطرق والبناء، وبدون هذا الوقود، فإن حتى الإصلاحات البسيطة للبنية التحتية القائمة ستكون مستحيلة، وبدون الوقود الأحفوري الكافي، فإن الشركات الدولية معرضة بشكل خاص لخطر التفتت إلى وحدات أصغر، وعلى الأرجح ستجد أنه من المستحيل العمل في أجزاء من العالم لا يوجد بها أي إمدادات من الوقود الأحفوري تقريبا.

ويستخدم الوقود الأحفوري، كذلك، في صناعة الألواح الشمسية وتوربينات الرياح وقطع غيار السيارات الكهربائية، لذلك -بحسب التقرير- فإن الحديث عن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح باعتبارها “مصادر متجددة” أمر مضلل إلى حد كبير، وفي أحسن الأحوال، يمكن وصفها بأنها عوامل مساعدة للوقود الأحفوري، وقد تساعد في حل مشكلة الانخفاض الطفيف في إمداداته، لكنها بعيدة عن أن تكون بدائل كافية.

لا كهرباء ولا إنترنت

فالوقود الأحفوري مهم للحفاظ على نظام نقل الكهرباء، وعلى سبيل المثال، تتطلب استعادة خطوط الكهرباء المعطلة بعد العواصف استخدام الوقود الأحفوري، كما يتطلبه توصيل الألواح الشمسية أو توربينات الرياح بالشبكة الكهربائية.

ويعد الوقود الأحفوري مهما للحفاظ على كل جزء من نظام الإنترنت، وعلاوة على ذلك، بدون شبكة الكهرباء، يصبح من المستحيل استخدام أجهزة الحاسوب للاتصال بالإنترنت، وفق التقرير.

انكماش التجارة الدولية

بدون الوقود الأحفوري -وفق التقرير- لن يكون لدى بعض أجزاء العالم سوى القليل ليقدمه في مقابل السلع المصنوعة باستخدامه، وعلى الأرجح ستكتشف البلدان التي تستخدم هذا الوقود بسرعة أن الديون الحكومية المستحقة على تلك الدول التي لا تستخدمه، لا تساوي كثيرا في مقابل ثمن السلع والخدمات.

ونتيجة لذلك، سيتم تقليص التجارة لتتناسب مع الصادرات المتاحة، ومن المرجح أن تكون صادرات السلع محدودة للغاية بالنسبة لأجزاء العالم التي لا تستخدم الوقود الأحفوري، وفق التقرير.

تراجع كفاءة الزراعة

أصبحت الزراعة اليوم فعالة بصورة كبيرة باستخدام معدات ضخمة، تعمل بالديزل، بالإضافة إلى عدد كبير من المواد الكيميائية تشمل مبيدات الأعشاب، والمبيدات الحشرية، والأسمدة، كما تستخدم الأسوار والشباك المصنوعة من الوقود الأحفوري لمنع الآفات الحيوانية غير المرغوب فيها، في بعض الحالات، يتم استخدام الصوب الزراعية لتوفير مناخ متحكم فيه للنباتات، وباستخدام الوقود الأحفوري، يتم تطوير بذور هجينة متخصصة تؤكد على الخصائص التي يعتبرها المزارعون مرغوبة، وكل هذه “المساعدات” سوف تميل إلى الاختفاء، بحسب التقرير.

وبدون هذه المساعدات، ستكون الزراعة أقل كفاءة بكثير.

تفاوت احتياجات العمالة

من المرجح أن تكون احتياجات العمالة المستقبلية بشكل غير متناسب في القطاع الزراعي، وفق التقرير.

ويأمل البعض في أن يؤدي التحول إلى استخدام الزراعة المستدامة إلى حل مشكلة اعتماد الزراعة على الوقود الأحفوري، لكن التقرير يرى أن ذلك سيؤدي إلى توسيع الاعتماد عليه، فهي تفترض استخدام العديد من الأجهزة القائمة على الوقود الأحفوري، مثل الصوّب والأدوات الحديثة.

وحسب التقرير، فإن ثمة فجوة واسعة بين حصة الزراعة في العمالة في الولايات المتحدة مقارنة في البلدان الأقل نموا، والواقعة في أفريقيا جنوب الصحراء، وهذه البلدان تستخدم القليل جدا من الوقود الأحفوري.

ندرة التدفئة المنزلية

من دون الوقود الأحفوري -يقول التقرير- سيرتفع الطلب على الخشب لقيمته الحرارية، وستكون ثمة حاجة إليه لطهي الطعام، فمن الصعب الاعتماد على نظام غذائي يتكون من جميع الأطعمة النيئة.

وسيكون الخشب أيضا مطلوبا لصنع الفحم، والذي بدوره يمكن استخدامه لصهر بعض المعادن، ومع الطلب على الأخشاب، من المرجح أن تصبح إزالة الغابات مشكلة كبيرة في أجزاء كثيرة من العالم، وسيصبح الخشب بشكل عام مكلفا للغاية، نظرا للتكلفة الكبيرة لحصاده ونقله لمسافات طويلة دون الاستفادة من الوقود الأحفوري.

لا عيش بمفردك

وبدون حرارة كافية، ومع وجود ما يكفي من الخشب بالكاد للطهي، سيتعين على الناس وحيواناتهم أن يتجمعوا معا أكثر -بحسب التقرير- وقد تصبح المنازل التي تؤوي أجيالا متعددة، والتي تم بناؤها فوق مكان لتربية حيوانات المزرعة، شائعة مرة أخرى.

وحتى في الأجزاء الدافئة من العالم، سيعيش الناس معا في مجموعات، وذلك ببساطة لأن الحفاظ على منزل لشخص واحد سوف يصبح مكلفا بشكل مستحيل -وفق التقرير- وسيستهلك الغذاء والوقود اللازم للطهي حصة كبيرة من دخل الأسرة، لن يتبقى سوى القليل للنفقات الأخرى.

لا قوانين

قطعت الحكومات العشرات من الوعود، لكن في غياب إمدادات متزايدة من الوقود الأحفوري (أو بديل مناسب)، فلن تتمكن من الوفاء بها، وستختفي المعاشات التقاعدية، وكذلك قدرة الحكومات على إنفاذ قوانين الملكية، وفي غياب أي بديل جيد للوقود الأحفوري، فإن الفوضى الجماعية تصبح نتيجة محتملة، وفق السيناريو الذي رسمه التقرير.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.