قال الفريق أول فتح الرحمن محيي الدين (قائد القوات البحرية السودانية سابقاً) إن الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية لتنمية دول شرق أفريقيا “إيغاد” تجاهلا مطالب وتحفظات الخرطوم، وهو ما دفعها لرفض مبادرتيهما لحل الأزمة، مشددا على أنه في حال عدم التجاوب مع تلك المطالب، فإن السودان قد ينسحب من “إيغاد”.

ورأى -في حديثه لحلقة برنامج “ما وراء الخبر” (2023/6/22)- أنه في حال لم تُؤخذ في الاعتبار تحفظات الخرطوم التي قدمتها عبر بيان الخارجية، فإنه لم يعد أمام الجيش إلا المضي قدما للحسم عسكريا، مؤكدا أن تأخر هذا الحسم سببه أن الجيش كان مكبلا بالهدن التي التزم بها منذ بدء الحرب.

يأتي ذلك على خلفية إعلان مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة السوداني رفض مبادرة الاتحاد الأفريقي لحل الأزمة، بسبب تعليق عضوية السودان، ووصفه ما طرحته دول إيغاد بأنها “مبادرة احتلال” بسبب سعيها لإدخال قوات دولية إلى السودان، وجعل منطقة الخرطوم منزوعة السلاح، بحسب تعبيره.

وتساءلت حلقة البرنامج عن مدى وجاهة حيثيات رفض الخرطوم مبادرتي الاتحاد وإيغاد، وكيفية تعامل المنظمتين الأفريقيتين مع هذا الرفض، وعن فرص حل الأزمة بعد تعثر العديد من المبادرات بالتوازي مع استمرار القتال وتفاقم الأوضاع الإنسانية.

غير محايدة

وعاد محيي الدين ليوضح في حديثه لـ “ما وراء الخبر” أن التحفظ على رئاسة كينيا لرباعية إيغاد مرجعه عدم حيادها، وما هو معروف من أن رئيس قوات الدعم السريع (حميدتي) كان أبرز الممولين لحملة رئيس كينيا الحالي وليام روتو، كما أنها تستضيف عناصر من التمرد وتنحاز انحيازا واضحا له.

وحول الرفض المتتابع للمبادرات الدولية المختلفة، يرى الفريق محيي الدين أن العالم لا يريد أن يرى المشهد في السودان كما ينبغي ويصنف الأحداث تصنيفا حقيقيا باعتبارها أزمة تمرد لمجموعة خارجة عن القانون، إنما ينطلق في موقفه من اعتباره الأزمة صراعا على السلطة بين جنرالات عسكرية.

وفي هذا السياق، قال الجنرال إن بلاده تواجه حربا إقليمية من أطراف مختلفة، وإن عشرات الآلاف من المقاتلين الأجانب يتدفقون إلى البلاد دعما للقوات المتمردة، مشددا على أن الخرطوم ستكون مقبرة لهم وأنه سيتم دحرهم نهاية المطاف.

وضع معقد

بدوره، يرى الباحث بالشؤون الأفريقية موسى شيخو أن الوضع في السودان معقد للغاية منذ اليوم الأول، وبات في أسوأ حالته مؤخرا، ومن ثم فإن المبادرات الأفريقية تهدف لإيقاف الحرب والالتفات للحالة الإنسانية التي يعيشوها السودان ومعالجة هذا الوضع المتردي.

وأضاف شيخو -في حديثه لبرنامج “ما وراء الخبر”- أن رفض الخرطوم رئاسة كينيا لرباعية إيغاد ليس مبررا، في ظل ما هو معلوم بأنها لا يمكن أن تتصرف بمفردها، وإنما من خلال موقف موحد لدول المنظمة التي أغلبها من دول جوار السودان، والكل على قناعة بضرورة أن يكون لهم دور في حل الأزمة.

وشدد على أن دول العالم ترى أن الصراع الحالي حول السلطة، وليست مقتنعة بتصورات القوات المسلحة عن الأزمة كونها صادرة عن “سلطة انقلاب” وجاءت بعد إبعاد حكومة مدنية، مشيرا إلى أن الحل الوحيد هو سحب الجهات المتقاتلة من العاصمة وإحلال الشرطة السودانية محلها بمراقبة قوات من قبل إيغاد.

واعتبر شيخو رفض المبادرات الأفريقية، من قبل القوات المسلحة، إنما هو رفض من مكون عسكري وليس من السودانيين. ومع إقراره بأنه لا يمكن فرض حل على أطراف النزاع، فإنه شدد على ضرورة أن تتعقل تلك الأطراف وتتخلى عن نظرية المؤامرة التي تدور في فلكها وتحول دون معالجة الأزمة بشكل حقيقي.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.