بيروت- تأتي الذكرى الـ48 ليوم الأرض الفلسطيني هذا العام محملة بذكريات مؤلمة وتحديات جديدة تواجه الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، مع تجاوز العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة شهره الخامس.
ورغم تراجع الأنشطة في المخيمات الفلسطينية في لبنان، يظل يوم الأرض رمزا للصمود والمقاومة، إذ تكتسب هذه الذكرى أهمية كبيرة لدى الفلسطينيين، كونها أول انتفاضة شعبية تحدث داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
فعلى مدى 4 عقود وما يزيد، اعتاد الفلسطينيون في المخيمات على إحياء ذكرى يوم الأرض بسلسلة من الفعاليات والأنشطة، ولكن هذا العام كان مختلفا، حيث غابت معظم الفعاليات المعتادة لإحياء هذا اليوم.
فعاليات خجولة
نظمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في منطقة صيدا وقفة تضامنية في مخيم عين الحلوة، لتجديد فكرة الانتماء والعودة، وتعبيرا عن التضامن مع غزة، واستنكارا لاستمرار قوات الإحتلال الإسرائيلي بارتكاب المجازر وجرائم الإبادة الجماعية بحق سكان القطاع.
وقال مسؤول العلاقات السياسية للجبهة الشعبية في منطقة صيدا حسين حمدان للجزيرة نت: “هذا يوم من الأيام التي يجسد فيها الشعب الفلسطيني نضاله على أرض فلسطين، والجميع يعلم أن تصدي العدو الإسرائيلي لهذه المظاهرة في يوم الأرض في 30 مارس/آذار، وسقوط عدد من الشهداء من أهلنا في الجليل، يعزز قيمة هذه المناسبة، فهي خرجت من الجليل، أي من الأرض والإنسان الذي اعتقد الإسرائيليون أنه تم تهجينهم”.
وأضاف: “نحن نحي كل عام يوم الأرض لتجديد فكرة الانتماء والعودة، يوم الأرض ليس مجرد يوم عادي، بل يجسد حق عودة الفلسطينيين إلى أراضيهم وبيوتهم ومدنهم ليعيشوا بكرامة، ما يحدث في غزة اليوم يجسد هذه الحالة، حالة الجانب الوطني التي يغفل عنها العالم، فحتى حرب غزة التي وقعت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول تظهر للعالم أن القضية الفلسطينية لا تزال قائمة، وحية في وجدان الناس”.
وعن طبيعة الفعاليات التي أُقيمت بشكل خجول في المخيمات الفلسطينية هذا العام، يوضح حمدان للجزيرة نت: “لبنان كان في السابق الساحة الأولى لدعم القضية الفلسطينية، والآن، بسبب الظروف الاقتصادية والتجاذبات السياسية والحرب، لا نستطيع أن نخوض التحليلات حول سبب التراجع الملحوظ الآن، ولكن بعد انتهاء هذه الحرب، سنقف أمام هذا الموضوع ونتشارك مع الحركة الوطنية اللبنانية، كيف نستطيع تجاوز هذه الصعوبات لصالح لبنان وساحته”.
إصرار على الإحياء
بالمقابل، واكبت منظمة “ثابت لحق العودة” إحياء يوم الأرض من خلال دعوتها لتنظيم مسيرات لإحياء هذا اليوم، وتعبيرا عن التضامن والدعم لأهالي قطاع غزة، وفي حديث للجزيرة نت، أكد المدير العام للمنظمة سامي حمود أن “ذكرى يوم الأرض تأتي وسط الإبادة الجماعية والمجازر والدمار والقتل والتهجير وعمليات التجويع لشعبنا في قطاع غزة، لمدة تقارب 175 يوما متواصلة”.
ويتابع سامي حمود: “لا شك أن هذه المناسبة تؤكد على أن استرداد الحقوق، والدفاع عن الأرض والمقدسات لا يأتي إلا بالتضحيات، وخصوصا عندما تكون هناك مقاومة ومواجهة من الشعب الفلسطيني في رد أي عدوان أو أي اعتداء، سواء كان على مستوى الأرض أو المقدسات أو الأسرى أو المرابطين والمرابطات، كما حدث في معركة طوفان الأقصى”.
من جهته اعتبر مدير عام “الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين” علي هويدي للجزيرة نت أن “اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يحيون ذكرى يوم الأرض بشكل سنوي لتجديد تشبثهم بأرضهم المحتلة وحق العودة”.
وأكد هويدي أن الاحتلال إلى زوال، وأن جرائمه بقتل المدنيين ومصادرة الأراضي وتهجير السكان لا تسقط بتقادم الزمن، وقال: “نرى أن معركة الأرض لم تنتهِ في 30 مارس/آذار 1976، بل مستمرة حتى يومنا هذا، مع استمرار سياسات الاحتلال في مصادرة الأراضي وسرقتها، ومحاولاته الحالية في قطاع غزة”.
ورأى هويدي أن “العدو يعمل على تهجير الفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم وتهويدها، لكنه سيفشل في ذلك بسبب صمود أبناء الشعب الفلسطيني الذي عرف الدرس جيدا، ليس فقط منذ 48 عاما في يوم الأرض، بل أيضا بعد مرور أكثر من 75 عاما على النكبة واللجوء، إنهم يتمسكون بأرضهم التي سقط عليها شهداء وقدّمت التضحيات”.
وأشار هويدي في حديثه للجزيرة نت إلى أن الأسباب وراء تراجع الفعاليات لهذا العام هو “انشغال الشعب الفلسطيني بمتابعة ما يجري في قطاع غزة جراء العدوان الإسرائيلي والإبادة الجماعية”، وأكد أن “متابعة ما يجري في غزة يتداخل بشكل كامل مع فعاليات هذه الذكرى، إلا أن هناك بعض الأنشطة المقررة مثل المسيرات، والحراك الإعلامي على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل عام”.