أجرى باحثون من الولايات المتحدة دراسة شاملة على 109 دول لتحديد البلدان التي لديها أعلى المعدلات في استهلاك المواد البلاستيكية الدقيقة (اللدائن الدقيقة)، وباتت أحد أهم القضايا الشائكة التي تهدد سكان الأرض قاطبة.

وأخذت الدراسة عدة عوامل بعين الاعتبار، بما في ذلك فحص تقنيات معالجة الأطعمة وعادات وطرق الأكل ومعدل التنفس والتركيبة السكانية العمرية.. والتي تساهم جميعها في تحديد مدى استهلاك المواد البلاستيكية الدقيقة.

وشدد خبير هندسة أنظمة الطاقة من جامعة “كورنيل” الدكتور “فنغي يو”، على أنّ استهلاك المواد البلاستيكية الدقيقة على مستوى الدولة يُعد مؤشرا حاسما لمعرفة مستوى الصحة العامة.

وتوصلت الدراسة إلى أنّ سكان الصين ومنغوليا والمملكة المتحدة وأيرلندا يستنشقون غبار البلاستيك الدقيق أكثر من سكان البلدان الأخرى، كما أنّ دول جنوب شرق آسيا مثل الفلبين وماليزيا وإندونيسيا وكذلك مصر، تصدرت قائمة الدول التي تدخل المواد البلاستيكية الدقيقة ضمن أنظمتها الغذائية بكثرة.

وفي المملكة المتحدة وأيرلندا، أشارت التقديرات إلى أنّ الأفراد يستنشقون نحو 800 ألف جسيم من البلاستيك الدقيق يوميا، أما في الصين ومنغوليا فيتضاعف الرقم إلى 2.8 مليون جسيم يوميا.

ووفقا لدراسة أجريت في عام 2019، فإنّ ارتفاع معدلات التلوث البلاستيكي الدقيق في المملكة المتحدة يُعزى إلى الأنسجة الدقيقة المصنوعة من ألياف الأكريليك، والتي تؤثر سلبًا في صفاء الهواء في المدن الصناعية البريطانية.

 

البلاستيك في الأطعمة

وتناولت الدراسة أيضا مستويات استهلاك المواد البلاستيكية الدقيقة الموجودة في المواد الغذائية، ليجمع الباحثون بيانات عن تركيز المواد البلاستيكية الدقيقة في المجموعات الغذائية الرئيسية مثل الخضراوات والفواكه ومنتجات الألبان والحبوب والسكريات والمشروبات والتوابل، كما أخذوا بعين الاعتبار متوسط كمية الطعام المستهلكة في مختلف البلدان.

وعلى الرغم من وجود بعض التشابه في أنماط الغذاء، فإنّ النتائج قد لا تتشابه بالضرورة، فعلى سبيل المثال يتشابه استهلاك الفرد من ملح الطعام في كل من الولايات المتحدة وإندونيسيا، إلا أنّ تركيز البلاستيك الدقيق في ملح الطعام الإندونيسي أعلى بنحو 100 مرّة.

كما كشفت الدراسة أنّ المواطنين بإندونيسيا يستهلكون نحو 15 غراما من هذه الجسيمات الدقيقة السامة شهريا معتمدين على الأسماك التي تُعد مصدرًا أساسيا للأطباق المحلية. أما في الولايات المتحدة، فيُقدر الاستهلاك بنحو 2.4 غرامات في الشهر، في حين سجلت جمهورية باراغواي أدنى المستويات إذ بلغت 0.85 غراما في الفترة الزمنية ذاتها.

وأجريت هذه الدراسة على بيانات جُمعت بين عامي 1990 و2018، لتشمل العديد من الدول النامية والصناعية.

“اللدائن الدقيقة”

يُعرّف العلماء المواد البلاستيكية الدقيقة على أنّها جزيئات بلاستيكية أصغر من 5 مليمترات، وتوجد في البيئة الحيوية المحيطة، ويعود منشؤها إلى عدة مصادر مثل مستحضرات التجميل والملابس والعمليات الصناعية.

ويشير “شيانغ يو” -وهو أحد باحثي الدراسة- إلى أنّ عمليات التصنيع التي تُجرفي الدول ذات الاقتصاد النامي، وخاصة في جنوب شرق آسيا، أدّت إلى زيادة استهلاك البلاستيك بمعدلات غير مسبوقة، وعلى هذا تتولّد النفايات وتتكاثر في المحيطات وفي اليابسة.

وفي الأونة الأخيرة شهد استهلاك البلاستيك تراجعا ملفتا في الدول الصناعية بسبب تخصيص المزيد من الموارد باتجاه إزالة النفايات البلاستيكية بالشكل الصحيح والحد من انتشارها وفقًا لعدة معاهدات دولية عالمية. وتؤكد الدراسة أنّ ثمّة حاجة ملحة لتكثيف الجهود في معالجة التلوث البلاستيكي الدقيق وحماية الكوكب كله، لأنّه عدوى تصيب الجميع.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.