دعوات تبرع مشبوهة مغلفة بصفة دعم العمل الخيري في البلدان الفقيرة والمحتاجين، وفي باطنها تحمل أجندة مشبوهة تستهدف السعودية أمنياً واقتصادياً. ويخطط لهذه العمليات عناصر تظهر (عمل الخير)، والعزف على أوتار البسطاء لكسب تعاطفهم ودفعهم إلى تقديم الأموال بزعم المشاريع الخيرية من حفر الآبار وبناء ما تهدم من منازل أو إصلاح ما دُمر من طرق، إلا أن تلك الأموال تحول إلى أيادٍ متطرفة تجيد صناعة الموت والقتل والتدمير، وظلت الجهات المختصة تحذّر من مثل هذه الدعوات، مؤكدة فقدانها التشريع وعدم امتلاكها التراخيص الرسمية، ونبهت من خطورة مثل هذه التبرعات التي قد تجد طريقاً لها نحو أعداء الوطن.

حِيَل السقاية وحفر الآبار !

حذر قانونيون، من قيام بعض الجهات أو الأفراد بجمع تبرعات دون الحصول على ترخيص من الجهات المختصة، مؤكدين أن ذلك يُعد جريمة، فجمع التبرعات دون ترخيص يعد عملاً مخالفاً للأنظمة؛‏ ومنها نظام مكافحة الإرهاب وتمويله.

وطبقاً للمحامي ماجد الأحمري، فإن الدعوات المشبوهة بين فترة وأخرى لجمع الأموال تتنوع أساليبها بين الرسائل النصية أو منشورات ورقية وأخرى إلكترونية عبر منصات التواصل، وتتمثل الممارسات بين ادعاء مرض، وإعالة أسر، وتختتم بإبراز حسابات بنكية.

وينبه الأحمري، من ممارسات البعض في المواقع والمنصات التي تعتمد على تقديم رسائل دعوية تحثُّ على التبرع، وتحويل المساعدات المالية على أرقام حسابات مصرفية مجهولة وغير معروفة، بزعم إيصالها للفقراء والأيتام والمساكين، أو المساهمة بها في بناء الآبار، وشق الأودية، وسقاية المحتاجين، وإرسالها لإغاثة الشعوب المنكوبة وغيرها.

وأَضاف المحامي ماجد الأحمري، أن جمع التبرعات دون ترخيص في المملكة يُعد انتهاكاً للأنظمة، ويعرض الأشخاص الذين يقومون بهذا العمل أو استجابوا له للمساءلة النظامية، فالغرامات والسجن بانتظار المخالفين؛ حسب نوعية التبرعات، فمثل هذه الممارسات تؤثر سلباً على جهود الجمعيات الخيرية والمؤسسات الإنسانية المعتمدة، والمصرح لها لاستقبال وجمع التبرعات، وإيصالها لمستحقيها واستثمارها في المشاريع الخيرية والإنسانية المختلفة تحت المظلة الرسمية المعتمدة في الدولة.

المحامي الأحمري، أكد وجود عقوبات مشددة ورادعة لمن يخالف النظام تأسيساً على نظام مكافحة الإرهاب وتمويله، ويعرض النظام من يقوم بالتبرع دون ترخيص أو يستجيب لها للمساءلة النظامية، وعقوبة السجن لمدة لا تزيد على 15 سنة، ولا تقل عن خمس سنوات، وفق ما نصت عليه المادة السابعة والأربعون من نظام مكافحة جرائم الإرهاب.

شروط وضوابط للتبرعات

المحامي والمستشار القانوني عبيد أحمد العيافي، جدد التأكيد على أن التعليمات نصت على أن تقتصر ممارسة جمع التبرعات على المنشآت السعودية بعد الحصول على الترخيص أو التصريح. وقال: إن التعليمات اشترطت لمنح المنشأة ترخيصاً لممارسة نشاط جمع التبرعات عدة متطلبات؛ وهي: طلب مقدم عبر قنوات المركز المعتمدة، شهادة تسجيل المنشأة، رقم حساب بنكي معتمد للغرض المراد جمع التبرع له، خطة عمل مشروع لجمع التبرعات موافق عليه موضح بها الغرض من جمع التبرع بما يتفق مع أهداف المنشأة، وطريقته، ومدته الزمنية، والفئة المستفيدة من التبرع، وقيمة مبلغ التبرع المستهدف.

وأوضح العيافي، أن التعليمات حددت طرق جمع التبرعات؛ ومنها: الإيداع عن طريق الخدمات البنكية كالتحويل البنكي أو الشيكات أو الحسابات البنكية المعتمدة لجمع التبرعات، والمتجر الإلكتروني التابع للمنشأة، أو الدفع الإلكتروني عن طريق الأجهزة الذكية، أو الرسائل النصية، أو نقاط البيع الإلكترونية الخاصة بالمنشأة.

وشدد العيافي، على أن النظام حظر على المرخّص له قبول الإيداعات أو الحوالات أو الشيكات الواردة من خارج المملكة إلا بعد موافقة المركز والجهات ذات العلاقة، أو جمع التبرعات النقدية، ويستثنى من ذلك الجمعيات الأهلية المرخّص لها جمع أو استقبال التبرعات النقدية من خلال مقراتها الرئيسية أو فروعها، أو إيصال أو تقديم أو صرف التبرعات لأي شخص أو جهة خارج المملكة إلا بعد موافقة المجلس والجهات ذات العلاقة.

أين يذهب الفائض ؟

العيافي قال: إنه يجب أن تصرف التبرعات الخاصة بمواسم معينة في المواسم المخصّص لها مثل إفطار صائم، زكاة الفطر، كسوة العيد، وغيرها، أما الفائض من التبرعات الموسمية فيُعاد توجيهه لمشروع آخر بعد أخذ موافقة المركز، باستثناء الزكاة.

ويجب على المرخّص له إيداع الفائض من التبرعات الموسمية والمخصصة للزكاة لدى الهيئة العامة للزكاة والضريبة والجمارك، وتستثنى الجمعيات الأهلية من هذا البند، وإذا تعذر توجيه الفائض لمشروع آخر فيقوم المرخص له بإيداع المبلغ الفائض من التبرعات الموسمية في الحساب البنكي الخاص بالمركز، ويتولى المجلس إنفاقه في الغرض المتبرع له أو إنفاقه في وجوه البر التي يراها.

وشدد على أن النظام حدد غرامة تتراوح بين 2500 إلى 4500 ريال، وبعض هذه المخالفات منها ما يتعلق بممارسة النشاط دون ترخيص، وممارسة النشاط بترخيص ملغى، وممارسة النشاط خلال فترة سحب الترخيص، وممارسة النشاط لغير الغرض المحدّد بالترخيص، واستقبال التبرعات دون تصريح، وإعلان المنشأة عن طريق وسيط لجمع التبرعات دون أخذ موافقة المركز، وقد ترتفع هذه الغرامة إلى خمسة آلاف في حال تكرار المخالفة.

ما الجهة المعتمدة ؟

أكّدت وزارة الداخلية، في بيان لها، أن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يعد الجهة الوحيدة المصرّح لها بتسلّم وإيصال التبرعات إلى خارج السعودية. وأشارت الوزارة إلى أن المجتمع السعودي معطاء، فيما ترتكز حملات التبرع التي تنفذها المملكة لإغاثة الدول في الكوارث، بجانب منصات إحسان، وفُرجت، وتبرع، على إجراءات نظامية تضمن وصول التبرعات إلى مستحقيها، فضلاً عن عدم استغلالها للتأثير في الأمن.

وشددت وزارة الداخلية، على أن أي نشاطات لجمع التبرعات بأي صورة كانت ستعرض مرتكبها للعقوبات المقررة نظاماً، داعية إلى الإبلاغ عن أي مخالفة لذلك بالاتصال بالرقم (911) في مناطق الرياض ومكة المكرمة والشرقية، و(999) في بقية مناطق المملكة.

ضوابط التبرع للخارج

أكدت رئاسة أمن الدولة، أن التبرع داخل المملكة يجري عبر القنوات والجهات المصرّح لها، انطلاقاً من الحرص على سلامة العمل الخيري، وتنامي مصادر دخله، وخشيةً من استغلال بعض الجهات أو الأفراد في ترويج الدعوات ونشر الرسائل بقصد الحصول على التبرعات والأموال من المواطنين والمقيمين.

وأوضحت رئاسة أمن الدولة، أن الجهة الوحيدة المصرّح لها بإيصال التبرعات خارج المملكة هي مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، علماً أن مخالفة تلك التعليمات تُعرّض المتبرع للمساءلة وفق الأنظمة المعمول بها في البلاد.

إنذارات وعقوبات

أحال المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، خلال شهر أبريل المنصرم، 13 كياناً تجارياً إلى رئاسة أمن الدولة، وكياناً واحداً إلى النيابة العامة، كما أحال مخالفات ثلاث جمعيات أهلية إلى النيابة العامة، وأصدر قراراً بحل جمعية أهلية، ووجه عدة إنذارات بحق جمعيات أهلية، وثلاث مخالفات جمع تبرعات في حق أفراد.

وأشار إلى أن التعليمات التنفيذية للائحة جمع التبرعات تهدف إلى زيادة مستوى الرقابة على البرامج المخصصة للتبرع، وتقنين الممارسات عالية المخاطر، مثل: غسل الأموال، وتمويل الإرهاب، كما تسعى إلى حوكمة جمع التبرعات النقدية والعينية، وزيادة وعي المنظمات غير الربحية بآليات التبرع المرخّصة وأنواع المخالفات المختلفة.

خدمة للتحقق من الحسابات المصرفية

أطلق البنك المركزي السعودي (ساما)، خدمة استعراض الحسابات البنكية للعملاء الأفراد، التي تتيح للأفراد إمكانية التحقق من ملكية الحسابات الشخصية لدى البنوك المحلية، وذلك عبر القنوات الإلكترونية للبنوك.

وتساهم الخدمة في تعزيز الموثوقية، والحد من مخاطر العمليات المشبوهة، والاستخدام غير المصرح به للحسابات، وانتحال الهوية الشخصية؛ وذلك انطلاقاً من أهداف البنك المركزي المتصلة بدعم استقرار القطاع المالي وتعزيز الثقة به.

وتأتي الخدمة استمراراً لجهود البنك المركزي والقطاع المصرفي في تطوير وإيجاد خدمات ذات قيمة مُضافة؛ لتعزيز تنفيذ التعاملات المالية الإلكترونية بصورة آمنة، مثل خدمة التحقق من الحساب عند إضافة وتفعيل المستفيدين. ويعمل البنك المركزي السعودي بشكل مستمر على تطوير التعاملات المالية الإلكترونية، وذلك وفق أفضل الممارسات الدولية.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.