نجحت المركبة الفضائية “ستارشيب” التابعة لشركة “سبيس إكس” في تحقيق هبوط ناعم في مياه المحيط الهندي بعد إتمام رحلتها المدارية في الفضاء القريب، مخترقةً الغلاف الجوّي للأرض بسرعة تفوق سرعة الصوت لدى عودتها، وهو النجاح الأوّل للمركبة الفضائية بعد 3 محاولات فاشلة.

وانطلقت المركبة الفضائية صباح أمس الخميس 6 يونيو/حزيران، من منصة إطلاق الصواريخ “ستار بيس” الخاصة بالشركة في ولاية تكساس الأميركية في رحلة مدتها 65 دقيقة، لتحقق نجاحا باهرا على صعيد مراكب وصواريخ الفضاء المصممة لإعادة الاستخدام والقادرة على الهبوط على أسطح مختلفة من الأجرام السماوية مثل القمر والمريخ.

وتنتمي “ستارشيب” إلى نظام إطلاق فضائي كامل؛ يشمل في مرحلة أولى الصاروخ الحامل الذي يُطلق عليه “سوبر هيفي”، ويُستخدم لرفع المركبات الفضائية والأقمار الصناعية والحمولات من سطح الأرض إلى الفضاء الخارجي، ثم في مرحلة ثانية المركبة الفضائية نفسها التي تمتلك نظام دفع خاص بها تستخدمه عند انفصال الجسمين عن بضعهما البعض عند ارتفاع معيّن، ويبلغ طولهما مجتمعين نحو 122 مترا.

تفاصيل الرحلة التجريبية

وشهدت المهمة التجريبية الأخيرة انفصال المرحلة الأولى عن المرحلة الثانية عند ارتفاع 74 كيلومترا، وحينها عاد الصاروخ الحامل العملاق “سوبر هيفي” إلى الأرض محققًا هبوطا ناعما في خليج المكسيك. في حين انطلقت المركبة الفضائية “ستارشيب” باستخدام محركات الدفع الخاصة بها بسرعة 25 ألف كيلومتر في الساعة لتصل إلى ارتفاع 200 كيلومتر عن سطح الأرض.

وبفضل أجهزة التصوير الموجودة على متن المركبة، عرضت “سبيس إكس” بثًا مباشرا لرحلة “ستارشيب” أثناء عودتها إلى الأرض، وشُوهِد في البث حقل البلازما شديد السخونة يتشكّل حول الجزء الخارجي من المركبة الفضائية، وظهرت البلازما بعدة ألوان مثل البرتقالي والأحمر والأرجواني والأخضر.

وبسبب الاحتكاك الكبير مع ذرّات الهواء، فإنّ البلاط الأسود الذي يغلّف المركبة الفضائية أخذ يتطاير بالإضافة إلى بعض الألواح المعدنية من الدرع الحراري، كما تفككت أجزاء من أجنحة المركبة الفضائية المسؤولة عن التحكم الديناميكي الهوائي، لكنها ظلّت تعمل بالكفاءة المطلوبة.

وفي منتصف طريق العودة، عادت محركات “ستارشيب” إلى العمل لتخفيف سرعة الهبوط إلى أن وصلت إلى السرعة المطلوبة قبل أن تهبط على سطح الماء.

وبعد نجاح عملية الهبوط، قال الرئيس التنفيذي للشركة إيلون ماسك عبر منصة إكس: إنه “على الرغم من فقدان العديد من القطع وتلف أحد اللوحات، تمكنت المركبة الفضائية من الهبوط بسلاسة في المحيط”.

وفي وقت سابق صرح ماسك أنّ عودة المركبة الفضائية واختراق الغلاف الجوّي عند طاقة حرارية قصوى كان الهدف الأساسي من هذه المهمة التجريبية.

وجاء تصميم مركبة “ستارشيب” لتكون أرخص وأقوى من الصاروخ “فالكون 9” المصنع بواسطة الشركة نفسها، ويعد الأكثر تداولا مؤخرا.

وتخطط وكالة الفضاء “ناسا” لاستخدام مركبة “ستارشيب” في مهامها القمرية القادمة ضمن برنامج “أرتميس” الذي يهدف إلى إرسال روّاد فضاء مجددًا إلى سطح القمر في أقرب فرصة مع حلول عام 2026، لا سيما وأنّ الصين دخلت منافسا قويّا في سباق الفضاء، وتهدف إلى إرسال رواد فضاء بحلول عام 2030.

وعلى الرغم من الوتيرة السريعة التي يعمل بها مسؤولو برنامج “ستارشيب”، فإنّ ثمّة بعض الشكوك التي تدور حول مدى جاهزية المشروع وغياب الوضوح في ذلك، وهو ما دفع الملياردير الياباني “يوساكو مايزاوا” مؤخرا إلى إلغاء رحلته الفريدة من نوعها المخصصة لكي تكون أوّل رحلة سياحية للقمر بواسطة “ستارشيب”.

وأشار “ماسك” بالفعل إلى أن “ستارشيب” ستخضع لمئات الرحلات التجريبية قبل أن تحمل على متنها أيّ رائد فضاء، وهذا يعني أنّ ثمّة العديد من السنوات حتى تصبح هذه المركبة الفضائية العملاقة مؤهلة للرحلات المأهولة.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.