واشنطن- رغم مضي أيام على التسريبات، لم تعلن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن موقفها حول حقيقة مناقشتها إمكانية التفاوض على صفقة منفصلة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بوساطة قطرية لإطلاق سراح 5 محتجزين أميركيين. وحتى إعداد هذا التقرير، لم يصل الجزيرة نت رد بهذا الشأن على أسئلتها لوزارة الخارجية الأميركية والبيت الأبيض.
وكانت شبكة “إن بي سي” قد ذكرت الأحد الماضي أن الولايات المتحدة قد تتفاوض على صفقة رهائن منفصلة مع حركة حماس لإطلاق سراح المواطنين الخمسة مزدوجي الجنسية الأميركية والإسرائيلية، الذين ما زالوا محتجزين لدى الحركة في غزة، وهم: هيرش غولدبرغ بولين، وإيدان ألكسندر، وساغي ديكل تشين، وكيث سيغل، وعومير نيوترا.
ويأمل المسؤولون الأميركيون كذلك، بحسب المصدر، في استعادة رفات 3 مواطنين أميركيين آخرين يعتقد أنهم قتلوا يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ونقلت جثثهم إلى غزة.
خيار حقيقي للغاية
ويلف الغموض مصير خطة وقف إطلاق النار التي أعلنها الرئيس بايدن قبل أسبوعين، وتشمل 3 مراحل وتتضمن: الإفراج عن كل الرهائن، ووقف القتال وانسحاب إسرائيل من كامل من قطاع غزة، والبدء بعودة النازحين وإعادة الإعمار.
وأبدت إسرائيل قبولها المرحلة الأولى الممتدةَ 6 أسابيع، في حين وافقت حماس على الخطة مع تضمينها تعديلات على المقترح الإسرائيلي بما يشمل وقف إطلاق النار. كما شملت التعديلات الانسحاب الإسرائيلي من كامل القطاع، بما فيه معبر رفح ومحور فيلادلفيا. ولا تزال واشنطن والدوحة والقاهرة تقيم رد الحركة.
وقال مسؤول أميركي رفيع لشبكة “إن بي سي”، إن فكرة محاولة التفاوض على اتفاق بين إدارة بايدن وحماس لا تزال “خيارا حقيقيا للغاية” إذا فشل اتفاق وقف إطلاق النار المقترح الحالي في إحراز تقدم.
وفي حديث مع الجزيرة نت، قال السفير ديفيد ماك، مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأوسط، والخبير حاليا بالمجلس الأطلسي “لن يفاجئني أن تشرع إدارة بايدن الآن في التعامل مع حماس من خلال شركائنا الدبلوماسيين مثل قطر ومصر لإطلاق سراح الرهائن الأميركيين”.
واعتبر السفير ماك أن هذا التوجه الأميركي “من شأنه أن يُظهر للإسرائيليين أن حكومتهم تخذل رهائنهم، وأن الولايات المتحدة لديها خيارات أخرى غير انتظار نتنياهو لقبول الاتفاق الذي كان الوزير غانتس وغيره من القادة الإسرائيليين على استعداد لقبوله”.
غموض بشأن الثمن
لم يذكر المسؤولون الأميركيون ما الذي قد تقدمه الولايات المتحدة لحماس مقابل إطلاق سراح الرهائن الأميركيين. لكن المسؤولين قالوا، بحسب التسريبات، إن حماس قد يكون لديها حافز لإبرام صفقة أحادية الجانب مع واشنطن لأن ذلك قد يزيد من توتر العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، ويضيف ضغوطا سياسية داخلية على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقال أحد المسؤولين السابقين إن المناقشات الداخلية جرت أيضا في سياق إمكانية قيام الولايات المتحدة بإبرام صفقة أحادية الجانب مع حماس قد تضغط على نتنياهو للموافقة على اقتراح وقف إطلاق النار الحالي.
في حين ذكر خبير الشؤون الدفاعية مايكل بيك -للجزيرة نت- أن “إدارة بايدن تسير في حقل ألغام. ومن شأن أي اتفاق مع حماس أن يثير تساؤلات حول أسباب عدم قيام البيت الأبيض بالمزيد من الخطوات، لمساعدة إسرائيل في تأمين حرية الرهائن المتبقين. كما أن من شأن أي تحرك في هذا الاتجاه أن يتم استغلاله ضد بايدن في الانتخابات الرئاسية، على اعتبار أنه قدم تنازلات لجماعة تعتبرها القوانين الأميركية منظمة إرهابية”.
من جانبه، تساءل آرون ديفيد ميلر، المفاوض السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط في عدة إدارات أميركية، في تغريدة له على منصة إكس، قائلا “هل هذه خطة طوارئ بديلة في حالة عدم وجود فرصة للتوصل إلى اتفاق بشأن خطة بايدن؟ هل هي حيلة أميركية للضغط على إسرائيل؟ وماذا لو كان بايدن على استعداد لإعطاء حماس أي شيء! المحتجزون مواطنون مزدوجو الجنسية، ولا يوجد ما يؤكد هذا النبأ من المسؤولين الأميركيين”.
وكانت الولايات المتحدة قد أجرت عمليات تبادل مع روسيا وإيران وكوبا، لإطلاق سراح أميركيين محتجزين. ومن غير الواضح ما إذا كان هناك سجناء محتجزون لدى الولايات المتحدة تريد حماس إطلاق سراحهم.
اللوبي الإسرائيلي يهاجم
وهاجم مدير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى روبرت ساتلوف، المعروف بقربه من منظمة أيباك، فكرة الاتفاق الأميركي مع حركة حماس.
ونشر ساتلوف تغريدة على موقع إكس قال فيها إن “تأمين إطلاق سراح الرهائن الأميركيين لدى حركة حماس هو أولوية قصوى، ويجب علينا جميعا أن نطلب من الحكومة الأميركية فعل كل ما هو ممكن لتحقيق ذلك. لكن عقد صفقة منفصلة مع حماس لاستعادة 5 أميركيين، مع استمرار رفض حماس قبول مقترح بايدن، ليس سياسة حكيمة”.
“وحتى من دون معرفة ما ستقدمه واشنطن لحماس، فإن مثل هذه الصفقة من شأنها أن تقسم الحلفاء وتعطي قدرا من الاعتراف الأميركي بحماس، مما يقوض أهدافنا المشتركة في الحرب ويزيد من تآكل الدعم الضئيل لما تبقى من المعتدلين الفلسطينيين” بحسب ساتلوف، الذي طالب واشنطن بالضغط على قطر ومصر ليضغطوا بدورهم على حماس، وأن تواصل واشنطن دعم وتسليح العملية الإسرائيلية المستمرة في رفح.
وخلال كلمة له، يوم الاثنين الماضي، أمام المنتدى العالمي للجنة اليهودية الأميركية، قال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان إن إدارة بايدن لا تزال ملتزمة برؤية “خروج حماس من السلطة في غزة”، وتابع أن الرئيس الأميركي قال صراحة إن “طريق التقدم إلى الأمام في غزة يتحقق عندما لا يكون لحماس وجود في السلطة”.
وكرر سوليفان ما قاله نتنياهو من أن إسرائيل لن توافق على وقف دائم لإطلاق النار قبل “تدمير قدرات حماس العسكرية، وضمان أن غزة لم تعد تشكل تهديدا لإسرائيل”.