ارتفعت أسعار النفط بنحو 2 في المائة أمس، بدفعة من تراجع أكبر من المتوقع لمخزونات الخام في الولايات المتحدة، بما فاق أثر القلق من تأثير الإقدام في عمليات رفع جديدة لأسعار الفائدة تبطئ من نمو الاقتصاد وتقلل الطلب العالمي على النفط.
وفي بداية التعاملات تخلى النفط عن معظم مكاسبه السابقة، بعد أن طغت المخاوف من رفع أسعار الفائدة وتباطؤ الطلب على الدعم الذي تلقته الأسعار من تقرير يظهر انخفاضا أكبر من المتوقع في مخزونات الخام الأمريكية. وانخفضت أسعار خام برنت القياسي بأكثر من 15 في المائة هذا العام، إذ أثر ارتفاع أسعار الفائدة في شهية المستثمرين، في حين تعثر التعافي الاقتصادي في الصين بعد استهلاك أقل من المتوقع على مدى عدة شهور وبيانات أخرى. ويقول لـ”الاقتصادية” محللون نفطيون إن السوق النفطية تعاني غموض الأفق وتباين التقديرات لتطورات بيانات العرض والطلب والمخزونات، مشيرين إلى أن الأسواق تواصل التركيز على تباطؤ الطلب الأمريكي، رغم عدم اليقين الجيوسياسي في روسيا والوعود بإجراءات تحفيز اقتصادية أكثر قوة من الصين.
وذكروا أن تباطؤ نمو الإنتاج من رقعة النفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط في المستقبل، خاصة إذا نجحت الولايات المتحدة في تجنب الركود وإذا كان الطلب العالمي على النفط يفي بالتوقعات الحالية للنمو بأكثر من مليوني برميل يوميا هذا العام.
وفي هذا الإطار، يقول مارتن جراف مدير شركة “إنرجي شتايرمارك” النمساوية للطاقة إن أسعار النفط الخام تحت وطأة ضغوط هائلة تتسبب في كثير من التذبذبات، حيث تكافح الأسواق للتخلص من المخاوف من أن ارتفاع أسعار الفائدة سيؤثر في النمو العالمي. وعد أن تجدد المخاوف بشأن احتمالية حدوث ركود في جميع أنحاء العالم يلقي بظلاله على اتجاهات العرض والطلب في أسواق النفط، لافتا إلى اتخاذ عديد من صانعي السياسة نبرة متشددة بشأن أسعار الفائدة، منوها إلى قول رئيس البنك المركزي الأوروبي إنه ربما لن يكون قادرا على إعلان نهاية دورة رفع أسعار الفائدة في أي وقت قريب. من جانبه، يقول سلطان كورالي المحلل الألباني ومختص شؤون الطاقة والمصارف إن السوق النفطية يغيب عنها اليقين بشدة وتعاني آفاقا ضبابية ولذا ستستمر – بحسب بنك جولدمان ساكس – في مواجهة رياح معاكسة بسبب وجهات النظر المتشائمة بشأن الطلب وأسعار الفائدة المرتفعة. وذكر أن الخام الأمريكي في طريقه تسجيل أول خسائر فصلية متتالية منذ 2019 ويرجع ذلك جزئيا إلى الرياح المعاكسة من الانتعاش الاقتصادي الباهت في الصين والتشديد النقدي القوي من مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، كما زادت مرونة صادرات الخام الروسي من الضغط على الأسعار. ويرى جوران جيراس مساعد مدير بنك “زد أيه إف” في كرواتيا أن مزيدا من التشديد في المعروض النفطي متوقع بشكل كبير في النصف الثاني من العام الجاري بسبب تخفيضات “أوبك +” القياسية والمتوالية، كما من المقرر أن تكون وتيرة نمو الإنتاج في رقعة النفط الصخري في الولايات المتحدة الشهر المقبل هي الأبطأ في ستة أشهر.
ونوه إلى أن مخاوف الركود تلقى بظلال كثيفة على سوق النفط الخام في ظل توجه قوي للفيدرالي الأمريكي بالعودة إلى سياسة الرفع المتكرر والمتلاحق لأسعار الفائدة، بينما يتعثر الطلب الصيني في العودة إلى مستويات النمو القوية والمأمولة.
وأشار إلى تأكيد شركة “بايونير ناتشيورال ريسورسز” أن شركات النفط الصخري الأمريكي تقلصت هوامش أرباحها بشكل كبير خلال العام الماضي نتيجة ارتفاع التكاليف، ما أدى إلى الضغط على هوامش الربح في رقعة الصخر الزيتي في الولايات المتحدة، حيث توقف نمو النشاط التجاري في الربع الثاني من العام.
وتتفق ليندا تسيلينا مدير المركز المالي العالمي المستدام مع أن من المرجح تباطؤ نشاط الحفر ويمكن أن يتباطأ أكثر وسط حالة عدم اليقين بشأن الاقتصاد العالمي وسياسات الإدارة الأمريكية تجاه صناعة النفط الخام. ولفتت إلى أنه لم يعد منتجو النفط الصخري في الولايات المتحدة هم المنتجون المتأرجحون في العالم لأنهم لا يعززون نشاط الحفر كثيرا حتى عندما ترتفع أسعار النفط لافتة إلى تركيز الشركات الأمريكية حاليا على إعادة مزيد من السيولة إلى المساهمين مع تقلص الربحية نتيجة ارتفاع التكاليف وصعود معدلات الفائدة. من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 1.31 دولار، أو 1.8 في المائة، إلى 73.57 دولار للبرميل. وزاد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 1.40 دولار، أو 2.1 في المائة، إلى 69.10 دولار للبرميل.وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية الأربعاء، إن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة سجلت انخفاضا بمقدار 9.6 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 23 يونيو بما يشكل ثاني أسبوع على التوالي من التراجع.
وارتفعت أسعار النفط رغم مخاوف من أن رفع أسعار الفائدة قد يبطئ النمو الاقتصادي ويقلل الطلب على النفط.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.