شهدت الأسواق المالية العالمية اضطرابات كبيرة الأيام الأخيرة، في وقت تعرض فيه شاشات التداول في الولايات المتحدة وآسيا وأوروبا أرقاما حمراء مثيرة للقلق رغم التعافي النسبي فيما بعد. هذا الانخفاض المفاجئ أثار مخاوف متزايدة من أن الاقتصاد الأميركي، الأكبر في العالم، قد يكون في حالة تباطؤ.

بيانات الوظائف تثير القلق

وتقول “بي بي سي” في تقرير لها تناول الاضطرابات أن المحرك الرئيسي لهذه المخاوف هو بيانات الوظائف الأميركية لشهر يوليو/تموز، التي صدرت يوم الجمعة الماضي.

الأرقام أظهرت أن قطاع الأعمال الأميركي أضاف 114 ألف وظيفة فقط، وهو أقل بكثير من التوقعات التي كانت تشير إلى 175 ألف وظيفة جديدة.

بالإضافة إلى ذلك، ارتفع معدل البطالة إلى 4.3%، وهو أعلى مستوى له في نحو 3 سنوات، مما أدى إلى تفعيل “قاعدة ساهام”.

وهذه القاعدة، التي سميت على اسم الخبيرة الاقتصادية كلوديا ساهام، تشير إلى أنه إذا كان متوسط معدل البطالة على مدى 3 أشهر أعلى بنصف نقطة مئوية من أدنى مستوى له خلال الـ12 شهرا الماضية، فقد تكون البلاد في بداية ركود.

وفي يوليو/تموز الماضي، كان متوسط معدل البطالة لمدة 3 أشهر 4.1%، مقارنة بأدنى مستوى له خلال العام الماضي البالغ 3.5%.

أسعار الفائدة وإجراءات الفدرالي

إضافة إلى هذه المخاوف، قرر مجلس الاحتياطي الفدرالي (المركزي الأميركي) الأسبوع الماضي عدم خفض أسعار الفائدة، على عكس البنوك المركزية الكبرى الأخرى، مثل بنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي.

ومع ذلك، أشار رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول إلى أن خفض الفائدة قد يكون على الطاولة لشهر سبتمبر/أيلول. وهذا التأخير في خفض الفائدة أدى إلى تكهنات -وفقا لبي بي سي- بأن الفدرالي ربما تأخر في اتخاذ الإجراءات، مما قد يفوت الفرصة لتعزيز الاقتصاد عن طريق جعل الاقتراض أرخص.

تأثير قطاع التكنولوجيا

وكان قطاع التكنولوجيا أيضا مساهما كبيرا في تقلبات السوق، حسب بي بي سي، إذ أعلنت شركة إنتل عن خطط لخفض 15 ألف وظيفة من إجمالي موظفيها، وكانت هناك شائعات بأن شركة إنفيديا قد تؤجل إصدار شريحتها الجديدة للذكاء الاصطناعي.

هذه التطورات أدت إلى انخفاض حاد في ناسداك، وهو المؤشر الأميركي الذي يضم عمالقة التكنولوجيا، الذي انخفض بنسبة 10% يوم الجمعة الماضي. والخوف الناجم عن هذا البيع في أسهم التكنولوجيا زاد من المخاوف في السوق الأوسع.

مخاطر ركود؟

ورغم أن البيانات الأخيرة وردود فعل السوق أثارت الإنذارات، فإن بعض الخبراء يعتقدون أن الحديث عن الركود قد يكون سابقا لأوانه. ففي حديث لشبكة “سي إن بي سي”، قالت كلوديا ساهام نفسها: “نحن لسنا في ركود الآن، لكن الزخم يذهب في هذا الاتجاه”. وأضافت أن الركود ليس حتميا، وهناك مجالا كبيرا لخفض أسعار الفائدة، حسبما نقلته “بي بي سي” على لسانها.

وأشار نيل شيرينغ، كبير الاقتصاديين في “كابيتال إيكونوميكس” في حديث لبي بي سي، إلى أن الذعر في السوق قد يدفع الاحتياطي الفدرالي إلى خفض الفائدة قبل اجتماعه في سبتمبر/أيلول إذا تفاقمت الحالة وهددت الاستقرار المالي.

كما لاحظ أن تقرير الوظائف لشهر يوليو/تموز كان ضعيفا، لكنه قد يكون تأثر بعوامل مثل إعصار بريل، وتشير البيانات الأخرى إلى سوق عمل يبرد بدلا من الانهيار.

وقدم سيمون فرينش، كبير الاقتصاديين في “بانمور ليبروم” للاستشارات، نصيحة بتحليل الوضع بحذر، قائلا لـ”بي بي سي” إنه “من المهم أن نأخذ خطوة للوراء. هل قمنا فجأة بإعادة تقييم صحة أكبر اقتصاد في العالم؟ لا، ولا ينبغي لنا ذلك”. وأقر بأن الوضع الحالي يمثل نقطة بيانات أخرى في فترة من السيولة والعديد من المخاوف.

ورغم اضطرابات السوق الأخيرة والبيانات المخيبة للآمال بشأن الوظائف، فإن “بي بي سي” تشير إلى أن الركود ليس نتيجة حتمية. وإن احتمال خفض الاحتياطي الفدرالي الفائدة في سبتمبر/أيلول المقبل وصمود سوق العمل يوفران بعض الأمل في أن يتمكن الاقتصاد الأميركي من تجاوز هذه التحديات من دون الانزلاق إلى ركود.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.