باريس- ماذا لو سلكنا طريقا مختلفا لتغيير الصورة النمطية التي نحتفظ بها في أذهاننا عن فرنسا؟ من الثقافة إلى فن الطهي والتراث مرورا بالتسوق، تحتفظ كل مدينة فرنسية برونق وحكاية خاصة تجذب الزائرين من كل أنحاء العالم وتغريهم لاكتشاف وجه آخر لهذا البلد الأوروبي.

فمع وجود عدد لا يحصى من المناطق التي ستحبس أنفاسك عند رؤيتها، لا يمكن اقتصار زيارتك لفرنسا على عاصمتها باريس فقط.

وبسبب الاختيارات والأنشطة الكثيرة التي توفرها لك محركات البحث، قد يصبح تحديد الوجهات التي تريد زيارتها أمرا مرهقا ومهمة شبه مستحيلة تتطلب وقتا طويلا. لذا، إليك اختياراتنا المفضلة لإلهام قائمة السفر الخاصة بك.

عاصمة الأنوار

دون الحاجة إلى مقدمات معقدة، تحتفظ باريس بمكانتها الرائدة في السياحة ببناياتها ذات الطراز الكلاسيكي الأبيض إلى متاحفها وأشهر دور الأزياء، فضلا عن مناطقها البانورامية الأشهر مثل برج إيفل وقصر فرساي ومونتمارتر وجادة الشانزليزيه الشهيرة.

وسيكون من غير العادل تحديد فترة معينة لزيارتها. ففي فصل الصيف، ستستقبلك باريس -الملقبة بـ”عاصمة الأنوار والحب”- بنزهة دافئة على طول نهر السين وأمسيات شاعرية على شرفات المقاهي، وفي الشتاء ستبهرك بأنوار شوارعها التي لا يُمل منها. وخلال فصل الربيع، ستقع في حب الحدائق المنتشرة في كل ركن بالمدينة، حيث تزهر أشجار الكرز بلونها الوردي الساحر.

وستسهّل خطوط المترو والحافلات حركة التنقل لديك داخل العاصمة الفرنسية وضواحيها، لكن قد يكون استئجار وركوب الدراجة الهوائية فكرة جيدة كذلك مع وجود اختيارات كثيرة، فيكفي تنزيل التطبيق المناسب لتحديد الموقع والدفع ثم فتح القفل والانطلاق لبدء نزهتك الباريسية.

أرض الخزامى

مع اقتراب فصل الصيف، يصبح الجنوب الفرنسي الوجهة الأكثر جذبا للسياح، وخاصة في منطقة بروفانس التي تستقبلك برائحة الخزامى المنعشة وحقول شاسعة مطرزة باللون الأرجواني الفاتح.

ويمكن العثور على هذا المحصول الطبيعي ذي الرائحة العطرة في كل مكان تقريبا خلال هذه الفترة. ومع ذلك، يُنصح بزيارة المواقع الأكثر جمالا، مثل هضبة سولت ووادي لوبيرون وهضبة فالينسول التي يمكن الوصول إليها بواسطة الحافلة أو السيارة، وهي وجهات مناسبة للأفراد والعائلات.

ولتكتمل الجولة التي ستخلدها الذاكرة قبل الصورة الفوتوغرافية، فلا شيء يضاهي حقول الزهور المحيطة بدير نوتردام دي سينانك الذي يعود تاريخه إلى القرن الـ12 في الريف الهادئ قرب قرية غورد، التي يكتنفها بحر من اللون الأرجواني في شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز من كل عام.

وادي نهر فيردون

إذا كانت الرحلة إلى غراند كانيون في ولاية أريزونا الأميركية تبدو طويلة للغاية، فيمكنك الاكتفاء بنظيرتها الفرنسية. تبدأ رحلتك في منطقة بروفانس ألب كوت دازور في جنوب شرقي فرنسا حيث يقع وادي نهر فيردون الذي يبلغ عمقه 700 متر ويعد الأكبر في أوروبا.

ويقدم وادي نهر فيردون مشهدا خلابا وفرصة لقضاء أفضل الأوقات للمغامرة من نهاية مايو/أيار إلى بداية أغسطس/آب، وتكون هذه الأشهر مزدحمة للغاية.

وإذا كنت تفضل تجنب الحشود والاستمتاع بدرجات حرارة أكثر اعتدالا، فإن فصل الربيع ـخاصة بعد عطلات الربيع وخلال عطلات مايو/أيارـ يعد الوقت الأمثل. كما يعد فصل الخريف، وخاصة سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول، خيارا جيدا أيضا إذ يمكنك اكتشاف جانب آخر من فيردون مع المناظر الطبيعية البرية والهادئة التي تزيّنها ألوان الخريف.

ستستمتع بالإبحار على المياه الفيروزية الساحرة التي يبلغ طولها 25 كيلومترا، وتعتبر نقطة جذب للأنشطة والرياضات المائية المليئة بالأندرينالين. ولمحبي المشي، يمكن قضاء يوم أكثر استرخاء والمشي لمسافات طويلة حول حافة الوادي لمسافة تصل إلى 100 كيلومتر، أو اكتشاف المنحدرات العمودية من الحجر الجيري وحتى تجربة ركوب الخيول.

جبل القديس ميشيل

من المعروف أن فرنسا موطن لعدد لا يحصى من القرى الجميلة المثقلة بالتاريخ، ولعل أشهرها جبل القديس ميشيل الواقع على بُعد أقل من ساعتين من باريس، مع ديره المذهل الذي يعود تاريخه إلى العصور الوسطى ولا يزال يحتفظ بجمالية تفاصيله، على بعد حوالي 600 متر قبالة ساحل نورماندي.

وفي مغامرة تشبه القصص الخيالية، يمكنك التجول بين أسوار المنازل ذات الإطارات الخشبية والشوارع الضيقة المتعرجة. وقد كان هذا المكان مصدر إلهام لمملكة كورونا وبرج رابونزيل، وهما فيلمان شهيران للرسوم المتحركة، وبرج رابونزيل الحقيقي أحد مواقع التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، ويزوره أكثر من 3 ملايين سائح سنويا.

ويسمح لك الممشى بالتنقل بين الأبراج المختلفة: بعضها مرتفع ودائري، والبعض الآخر على شكل حدوة حصان. وتسمح لك هذه التجربة بالاستفادة من المناظر المطلة على القرية، وهندستها المعمارية والاستمتاع بجمالية الطبيعة المحيطة بالجبل. كما تشمل الجولة دليلا صوتيا مقابل 3 يوروهات لمعرفة المزيد عن تاريخ المكان.

عاصمة أعياد الميلاد

يمكنك بسهولة تخمين الفترة الأنسب لزيارة هذه المدينة الواقعة شرق فرنسا عند الحدود مع ألمانيا، ففي فترة أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية ولمدة تزيد على شهر، يخيّم على ستراسبورغ روح احتفالية لا مثيل لها في أوروبا وتوضع شجرة التنوب في ساحة كليبير الشهيرة بارتفاع يصل إلى 30 مترا، مما يجعلها تحتفظ بلقب “عاصمة أعياد الميلاد” بكل جدارة.

تتزين كل شوارع ومنازل المدينة بأبهى الزخرفات، وعندما يحل الليل تنثر سحر أضوائها وتبدو الكاتدرائية الشهيرة مثل جوهرة تتوسط واحدا من أقدم أسواق عيد الميلاد في أوروبا لـ4 قرون، حيث يتوزع أكثر من 300 كشك في أماكن مختلفة لبيع منتجات مستوحاة من تاريخ وتراث منطقة الألزاس.

وعند زيارة ستراسبورغ، لا يمكنك تفويت زيارة جزيرة غراند إيل (الجزيرة الكبيرة) التي تمثل تماما الشكل الذي كانت عليه المدينة خلال العصور الوسطى. وفي الجنوب الغربي منها، ستجد حي “فرنسا الصغيرة” المصنف من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، ويعكس الصورة النموذجية لمنطقة الألزاس المعروفة بمنازلها نصف الخشبية المليئة بالأزهار، وجسورها المنتشرة في كل مكان.

جزيرة الجمال

من المؤكد أن مسقط رأس نابليون الشهير يرقى إلى لقبه “جزيرة الجمال”، فستتيح لك فرصة زيارة جزيرة كورسيكا الواقعة بين فرنسا وإيطاليا التعرف على أفضل ما في ثقافة البلدين ومشاهدة قمم الغرانيت الصخرية والغابات البرية.

وبالإضافة إلى الساحل الفيروزي السماوي الممتد على طول ألف كيلومتر، تعد هذه الجزيرة نقطة جذب لا مثيل لها لعشاق الغطس والغوص، أو الاستمتاع بحمام شمس دافئ على أحد شواطئها. وقد تكون محظوظا بما فيه الكفاية ويصادف وجودك هناك تنظيم أحد المهرجانات القروية، والاستماع إلى أغنية تقليدية تسافر بك إلى عالم آخر.

ويمكن الاستفادة من هذه الرحلة لاكتشاف سحر كورسيكا مع الأطفال، أيضا حيث تتكيف العديد من الأنشطة مع أعمارهم ورغبتهم في الأنشطة الترفيهية، كما توفر قرى العطلات بالجزيرة جميع المرافق اللازمة لقضاء تجربة عائلية.

وتوجد العشرات من مدارس الغوص في هذه الجزيرة، وسيرشدك مدربوها للاكتشاف المحيط لعمق يزيد على 20 مترا لمشاهدة حشرات الزيز البحرية، ومجموعات الهامور وقنافذ البحر ذات التاج عن قرب. وإذا كنت محظوظا، فقد تتمكن من رؤية الدلافين والحيتان.

الريفيرا الفرنسية

تهتز الريفيرا الفرنسية أو منطقة ألب كوت دازور على إيقاع أحداثها المتنوعة وتوافد ملايين الزوار إليها من جميع أنحاء العالم. ففي مايو/أيار من كل عام، تتألق أحجار الراين في مهرجان “كان” السينمائي في مدينة كان الساحلية، وترقص القلوب في كرنفال نيس، بينما تفوح روائح الليمون الحلو في مهرجان مينتون.

ومنطقة كوت دازور هي المكان الأمثل لقضاء العطلة الصيفية للأفراد والعائلات، وتشمل عدة مدن شهيرة. فإذا كنت من محبي العطور، فإن مدينة غراس أو “عاصمة العطور” وجهتك للتعرف على هذه الصناعة العالمية وزيارة الحقول التي تزهر فيها الورود.

ومن المنتجعات الساحلية التي لا يمكن تفويت زيارتها إلى المواقع التاريخية المصنفة ضمن التراث العالمي لليونسكو مثل مدينة أفينيون أو مسرح آرل القديم، فإن منطقة بروفانس ألب كوت دازور مليئة بالكنوز المخفية.

التنقل والمواصلات

بالنسبة للسياح الذين اختاروا السفر بالطائرة، يعد النقل من المطار عاملا رئيسيا في الحكم على جودة تنقلاتهم أثناء إقامتهم. ففي العاصمة باريس مثلا، يمكن الاختيار بين وسائل مواصلات متعددة، بما في ذلك الحافلات ومترو الأنفاق أو سيارات الأجرة المتوفرة. ويصل سعر تذكرة المترو الذي يقلك من المطار إلى وسط العاصمة إلى 2.10 يورو، في حين يجب تخصيص ما لا يقل عن 35 يوروا لسيارة الأجرة.

وللتنقل بين المدن، يعد القطار الطريقة الأسهل والأكثر عملية في فرنسا، وقد قامت البلاد بتطوير القطارات عالية السرعة، التي تعتبر أسرع لكن بتكلفة أعلى من القطار السريع الإقليمي، للوصول إلى وِجهتك النهائية. لهذا، يجب الأخذ بعين الاعتبار أن ليس كل القطارات متساوية في السعر والمدة.

وإذا كنت تريد السفر داخل فرنسا لكن بميزانية اقتصادية، فهذا الأمر ممكن. ولتحقيق ذلك، ينصح باستخدام الحافلات. فرغم أنها تستغرق مدة أطول بكثير من القطار أو السيارة، فإن سعر التذكرة بشكل عام سيرضيك. أما إذا اخترت استئجار سيارة لتنظيم رحلتك بحرية كبرى، فيمكن للأجانب القيادة في فرنسا برخصة قيادة غير أوروبية لا تزال سارية ولكن لمدة 6 أشهر فقط.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.