واشنطن- بناء على ما أعلنت عنه خلال كلمة قبولها ترشيح الحزب الديمقراطي لها على البطاقة الانتخابية الرئاسية، فتح موقف كامالا هاريس بشأن أزمة غزة باب النقاش في واشنطن حول إذا ما كانت نائبة الرئيس ستتبنى موقفا أميركيا جديدا لأزمة غزة، أم إنها ستلتزم بموقف إدارة جو بايدن المتناغم تماما مع الموقف الإسرائيلي.

فقد دافعت هاريس خلال كلمتها بقوة عن “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، مع ضرورة أن يتمكن الفلسطينيون من “تقرير مصيرهم”، كما أنها تكرر عند حديثها عن أزمة غزة ارتباط موقفها بموقف الرئيس بايدن، وقالت “أنا والرئيس بايدن نعمل على مدار الساعة، لأن الوقت قد حان للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار”، لكنها في الوقت ذاته لا تؤيد دعوات التيار التقدمي بالحزب المطالب بتعليق المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل.

إعادة التوازن

أثار صعود هاريس السريع بعض التوقعات بإمكانية تغيير النهج الأميركي تجاه غزة، ونظم النشطاء المناصرون لفلسطين من المندوبين المشاركين في مؤتمر الحزب الديمقراطي فعاليات تلقت تغطية إعلامية جيدة.

إلا أن فشل محاولات حركة “غير ملتزمين” للدفع باتجاه كلمة يلقيها متحدث فلسطيني على المنصة الرئيسية للمؤتمر، بسبب رفض حملة هاريس لهذه الخطوة، عبر عن موقف محافظ منها، وبأنها ملتزمة بدعم إسرائيل.

ويرى الخبير بمجلس العلاقات الخارجية جيمس ليندسي أن هاريس “لم تقدم أي جديد أو حلولا للأزمة”، لكنها تعهدت بالعمل لإنهاء هذه الحرب، بحيث تكون إسرائيل آمنة، ويتم إطلاق سراح المحتجزين، وتنتهي المعاناة في غزة، ويتمكن الشعب الفلسطيني من تحقيق حقه في الكرامة والأمن والحرية وتقرير المصير.

وفي حديث للجزيرة نت، ذكر غريغوري أفتانديليان، خبير ملف سلام الشرق الأوسط والأستاذ بالجامعة الأميركية في واشنطن، أن موقف هاريس من أزمة غزة يختلف مع بايدن فقط من حيث اللهجة وليس من حيث الجوهر، وقال “هاريس وبايدن يقولان الشيء نفسه بشكل أساسي، لكنها تظهر المزيد من التعاطف مع محنة الفلسطينيين، ومن غير المعروف ما إذا كان ذلك سيترجم إلى تغيير بالسياسة في هذا التوقيت”.

نظرتها للفلسطينيين

عكست كلمات هاريس التي دعت فيها لأن يقرر الفلسطينيون مصيرهم اتساقها مع الخطاب الرسمي لإدارة بايدن بدعم حل الدولتين، لكن دون اتخاذ أي خطوات عملية في هذه الاتجاه.

فإدارة بايدن لم تقم باتخاذ أي خطوات ولو رمزية تبعث رسالة جدية لما تدعيه من دعم حل الدولتين، ورفضت إدارة بايدن-هاريس خلال أكثر من عامين بعد وصولها للحكم في يناير/كانون الثاني 2021 السماح بفتح مكتب دبلوماسي فلسطيني في واشنطن، أو إعادة افتتاح قنصلية أميركية في القدس للفلسطينيين، وأصبح هذا الطرح شبه مستحيل عقب هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وقبل نهاية مايو/أيار الماضي، وفي حديث أمام مجلس العلاقات الخارجية بواشنطن حضرته الجزيرة نت، أكد فيل غوردون، مستشار الأمن القومي لكامالا هاريس، أن “المسار الذي تتبعه واشنطن ووضعته إدارة بايدن لا يزال في الأساس المسار الوحيد، الذي يبدأ باتفاق تحرير المحتجزين ووقف إطلاق نار طويل الأجل، مع اتخاذ تدابير لمنع حركة حماس من أن تكون في وضع يسمح لها مرة أخرى بحكم غزة”.

واعتبر غوردن، الذي يتوقع له أن يدير السياسة الخارجية حال فوز هاريس بانتخابات نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، أن “انتقال الحكم في غزة إلى السلطة المدنية الفلسطينية، وإعادة الإعمار سيُمكن الفلسطينيين في نهاية المطاف من حكم أنفسهم”.

وقال “كما تعلمون، بدأت العديد من الدول الأوروبية تعترف بفلسطين، وهو ما لا نعترض عليه، ونعتقد أنه يجب أن يكون نتيجة لعملية وليس شيئا تعلنونه فقط دون أي وضوح حول ما ستكون عليه حدود فلسطين، هدفنا على المدى الطويل هو تفاوض يؤدي لدولة فلسطينية”.

وأكد خبير الشؤون الدولية والسياسة الأميركية آدم شابيرو أنه لا توجد أي خلافات بين موقفي هاريس وبايدن حول غزة، وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن “هاريس أوضحت أنها نفس سياسة حملة بايدن، وذلك قد يكون ضروريا نظرا لأنها لا تزال نائبة الرئيس في هذه الإدارة، ولا يمكنها حقا صياغة سياسة مختلفة على هذا النحو”.

ووضح شابيرو أن هذا هو جوهر المسألة بالنسبة للعديد من الناخبين، أي إن فشل هاريس في التعبير عن رؤية مختلفة، على أقل تقدير، يشير إلى أنها لن تكون مختلفة كثيرا بأي شكل من الأشكال عن بايدن.

في حين قال محلل السياسة الخارجية والمدافع عن حقوق الإنسان سنجيف بيري إنه إذا تم انتخاب هاريس كرئيسة، فلا ينبغي لأحد أن يتوقع أن تتغير السياسة الخارجية للولايات المتحدة بطريقة سحرية، ومن دون ضغوط خارجية، وقال “من المرجح أن يستمر البيت الأبيض في عهد هاريس في دعم تدمير إسرائيل للمجتمع الفلسطيني، في حين يلوح بفخر براية السلام”.

دعم إسرائيل

تبنى المؤتمر العام للحزب الديمقراطي رسميا برنامجا صارما في دعمه لإسرائيل يعكس بصراحة رؤية إدارة هاريس حال فوزها بالبيت الأبيض. وخلص البرنامج إلى 5 نقاط تعكس سياسة هاريس الخارجية تجاه القضية الفلسطينية، وجاءت على النحو التالي:

  • يعتقد الديمقراطيون أن كون إسرائيل قوية وآمنة وديمقراطية أمرا حيويا لمصالح الولايات المتحدة. وإن التزامنا بأمن إسرائيل، وتفوقها العسكري النوعي، وحقها في الدفاع عن نفسها، ومذكرة التفاهم لعام 2016، هو التزام صارم.
  • دعم حل الدولتين عن طريق التفاوض بما يضمن مستقبل إسرائيل بصفتها دولة يهودية وديمقراطية ذات حدود معترف بها ويدعم حق الفلسطينيين في العيش بحرية وأمن في دولة قابلة للحياة خاصة بهم.
  • معارضة التوسع الاستيطاني، وفي حين أن القدس مسألة تخضع لمفاوضات الوضع النهائي، فإنها ينبغي أن تظل عاصمة موحدة لإسرائيل، يمكن للناس من جميع الأديان الوصول إليها.
  • سيعيد الديمقراطيون العلاقات الدبلوماسية الأميركية الفلسطينية وتقديم المساعدات الحيوية للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، بما يتفق مع القانون الأميركي.
  • نعارض أي جهد لاستهداف إسرائيل ونزع الشرعية عنها بشكل غير عادل، ومن ذلك الجهود في الأمم المتحدة أو من خلال حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات أو فرض العقوبات، وذلك مع حماية الحق الدستوري لمواطنينا في حرية التعبير.
شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.