كشف باحثون من مستشفى “بريغهام والنساء” (Brigham and Women’s Hospital) في الولايات المتحدة الأميركية -في دراسة رائدة- أن فحصا واحدا يمكنه التنبؤ بخطر الإصابة بالجلطات القلبية والسكتات الدماغية خلال الأعوام الثلاثين اللاحقة لإجرائه.
ويقيس الفحص ثلاثة مؤشرات يمكن العمل على خفضها من خلال الاستخدام المبكر للأدوية وإجراء تعديل في أنماط حياة النساء المعرضات لهذه المخاطر. الفحص المقترح يتم إجراؤه من خلال عينة دم واحدة ولمرة واحدة طيلة الحياة.
المؤشرات الثلاثة
شارك في عينة الدراسة -التي نُشرت نتائجها يوم 31 أغسطس/آب الماضي في مجلة نيو إنغلاند الطبية– 27 ألفا و939 امرأة أميركية كن يتمتعن بصحة جيدة في بداية مشاركتهن. وتم قياس مستويات بروتين سي التفاعلي والدهون المنخفضة الكثافة وليبوبروتين إيه لدى النساء في عينة دم تم الحصول عليها عند التحاقهن بالدراسة.
بدأت التجربة الرئيسية في عام 1993 ومنذ ذلك الحين تمت متابعة النساء اللواتي تجاوزن سن 45 عاما. تابعت الدراسة النساء حتى حدوث أول عارض صحي سلبي يتعلق بالقلب والأوعية الدموية مثل النوبات القلبية أو السكتات الدماغية أو الوفاة لسبب متعلق بصحة القلب والأوعية الدموية.
وبروتين سي التفاعلي العالي الحساسية (High-Sensitivity C-reactive Protein) وهو بروتين يشير ارتفاعه إلى التهاب الأوعية الدموية، كما يرتفع مستواه في مختلف الاضطرابات المزمنة مثل أمراض المناعة الذاتية والأورام الخبيثة والجروح المزمنة بعد الإصابة والحالات الالتهابية والاضطرابات الأيضية.
والدهون المنخفضة الكثافة (Low-density lipoprotein) هي الدهنيات السيئة السمعة التي يرتبط ارتفاعها بخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
أما “ليبوبروتين إيه” (lipoprotein a) فهو نوع من البروتينات الدهنية التي تنتقل عبر العائلات وراثيا، كما أنه عامل خطر شائع لأمراض القلب. يكون تركيز هذا البروتين ثابتا بمرور الوقت، يوصى بقياسه مرة واحدة ولا حاجة لإعادة الفحص.
وقال المؤلف الرئيسي للدراسة الدكتور بول ريدكر -مدير مركز الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية في مستشفى بريغهام والنساء والذي قدم نتائج الدراسة في مؤتمر الجمعية الأوروبية لأمراض القلب “إي إس سي” (ESC) في لندن لعام 2024- “لا يمكن للأطباء علاج ما لا يقيسونه. لتقديم أفضل رعاية لمرضانا، نحتاج إلى فحص شامل للالتهاب والكوليسترول وليبوبروتين إيه، ونحتاج إلى ذلك الآن. من خلال القيام بذلك، يمكننا استهداف علاجاتنا لاحتياجات بيولوجية محددة لكل مريض، مما يحقق أملنا الطويل الأمد في تقديم رعاية وقائية مخصصة بالفعل”.
إنذار للنساء
ورغم أن بروتين سي التفاعلي كان المؤشر الأقوى بين المؤشرات الثلاثة، فإنها جميعها كانت مهمة جدا. النساء اللواتي لديهن مستويات مرتفعة من جميع المؤشرات الثلاثة كان لديهن احتمال أعلى بمقدار 2.6 مرة للإصابة بمرض يؤثر على القلب أو الأوعية الدموية بشكل سلبي كبير. وكانت هذه العلاقة أقوى حتى بالنسبة للسكتة الدماغية، إذ كانت النساء اللواتي لديهن أعلى المستويات أكثر عرضة للإصابة بسكتة دماغية بمقدار 3.7 مرات على مدى الثلاثين عاما التالية.
قالت الباحثة المشاركة في تأليف الدراسة الدكتورة جولي بيرينغ، الباحثة الرئيسية في دراسة صحة المرأة وعالمة الأوبئة في قسم الطب الوقائي بمستشفى بريغهام، “يجب أن تكون هذه البيانات بمثابة جرس إنذار للنساء، الانتظار حتى تكون النساء في الستينيات والسبعينيات من العمر للبدء في الوقاية من النوبات القلبية والسكتات الدماغية هو وصفة للفشل”.
درهم وقاية
يمكن التأثير على كل عامل من عوامل الخطر الثلاثة من خلال مزيج من التغييرات في نمط الحياة والعلاج الدوائي. لقد أظهرت العديد من التجارب العشوائية أن خفض الكوليسترول وتقليل الالتهاب يقللان بشكل كبير من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.
علاوة على ذلك، يتم اختبار العديد من الأدوية الجديدة التي تخفض ليبوبروتين إيه بشكل كبير وكذلك الجيل الثاني من العوامل المضادة للالتهابات لمعرفة ما إذا كان يمكن أن تخفض أيضا معدلات الأمراض.
قال ريدكر -وفقا لموقع يوريك أليرت– “في حين أننا ما زلنا بحاجة إلى التركيز على الأساسيات المتعلقة بنمط الحياة مثل النظام الغذائي والتمارين الرياضية والإقلاع عن التدخين، فإن مستقبل الوقاية سيكون بلا شك شاملاً لعلاجات تجمع بين استهداف الالتهاب وليبوبروتين إيه بالإضافة إلى الكوليسترول”.