قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية إن سوريا، لا تزال، بعد مرور أكثر من 10 سنوات على بدء الحرب الأهلية التي شنها نظام بشار الأسد بوحشية غير مسبوقة، تعاني من الفقر المدقع ولا يزال مجتمعها مستمرا في التفكك.
وتساءلت الصحيفة -في افتتاحيتها- ماذا بقي من سوريا منذ انتهاء الحرب الأهلية التي بدأت عام 2011، خلال موجة “الربيع العربي”؟ وقالت إن التقارير التي تنشرها تباعا منذ 15 سبتمبر/أيلول الجاري، توفر معلومات قيّمة، تظهر أن سوريا دولة منغلقة أكثر من أي وقت مضى، وتقدم دروسا مثيرة للقلق.
وتصف هذه التقارير بلدا وصل إلى انهيار داخلي بطيء ويائس، بعد اندلاع الحرب التي خاضها النظام السوري والمعارضة المسلحة بوحشية لا تصدق، وهي لا تقف عند الأطلال التي لا تمكن استعادتها والفقر المستشري، بتقطيع أوصال المجتمع وطمس جيل مزقت إغراءات المنفى منه ما لم تسحقه الحرب.
أسباب الانهيار
وذكرت الصحيفة أن أسباب هذا الانهيار معروفة، إذ فازت الأسرة الحاكمة في السلطة في دمشق بدعم من إيران وروسيا المدفوعتين بمصالحهما الإستراتيجية الخاصة، حيث ركزت الأولى على بقائها والثانية مشغولة بحربها في أوكرانيا.
وأضافت أن لا أحد يملك السبل اللازمة لاستكمال الاستعادة الكاملة لسيطرة بشار الأسد على المنطقة التي لا تزال أجزاء منها خارج قبضته، ناهيك عن تمويل عملية إعادة الإعمار المكلفة والطويلة الأمد.
وأشارت لوموند إلى أن النفوذ الذي اكتسبته إيران خلال العقد الماضي في منطقة فقدت جزءا كبيرا من سيادتها، لا يمكن إلا أن يثني دول الخليج عن التدخل، كما تشكل العقوبات التي فرضها الغرب عقبة أخيرة، خاصة قانون قيصر الذي اعتمده الكونغرس الأميركي لحماية المدنيين في سوريا عام 2019 باسم مكافحة الإفلات من العقاب.
الإرهاق الدولي
أما الرئيس السوري بشار الأسد فيرى -حسب الصحيفة- أن السياسة الواقعية ستؤدي في نهاية المطاف إلى اختفاء هذه العقوبات، بمجرد الاعتراف بالقوة الوحيدة المتبقية له، وهي الإزعاج الذي يسببه دوره الضار في تهريب مخدرات اصطناعية مدمرة على نطاق واسع في المنطقة، دون التنازل عن أدنى جزء من السلطة.
ومع ذلك، يبقى هذا الحساب عبثا، لأن إعادة الدمج الرمزي لسوريا في جامعة الدول العربية العاجزة، لم تغير المأزق الذي تجد سوريا نفسها فيه.
وخلصت الصحيفة إلى أن هذا المأزق يستمر في إثارة الضجر الدولي، خاصة في البلدان التي استقبلت أكبر عدد من اللاجئين السوريين الذين شردتهم الحرب الأهلية، لأنهم كلما اعتقدوا أن بلادهم أصبحت آمنة لعودة اللاجئين، تظهر التقارير أن الأمر ليس كذلك.