إدلب- تعصف أزمة نقص الكتب المدرسية بمدارس الشمال السوري، مما يرهق الطلاب والمعلمين والأهالي على حد سواء، وهي مشكلة متجددة تهدد بتدهور العملية التعليمية.

ويقول أحمد عبد الله، وهو مدرّس في إحدى مدارس إدلب، إن العام الدراسي انطلق منذ نحو أسبوعين ولا توجد حتى الآن كتب مدرسية، وهذا يسبب معاناة كبيرة للمعلمين لأنهم يضطرون لكتابة الدروس والوظائف على السبورة ومن ثم ينقلها التلاميذ في دفاترهم، وهو ما يتطلب وقتا طويلا ويتسبب في تأخير إنجاز الخطة الدراسية.

وبعدم توفر كتب ودفاتر في كثير من الأحيان أيضا، لا يستطيع عبد الله وزملاؤه إلزام التلاميذ بتنفيذ واجباتهم المدرسية، ويقول للجزيرة نت إن هذا سيؤدي لتأخرهم دراسيا لأن هذه المرحلة التعليمية بالصفوف الأربعة الأولى تُعد مرحلة التأسيس للطلاب وتؤثر بمستوياتهم طوال مسيرتهم التعليمية.

أسباب

وفي حديث للجزيرة نت، أرجع عمار العوض، معاون رئيس إدارة التوجيه التربوي بمديرية التربية والتعليم في إدلب، مشكلة نقص الكتب إلى عدة أسباب، أهمها الإقبال الكبير على المدارس بعد إطلاق حملة “العودة للمدرسة” التي أتت من مبدأ حق الطفل في التعليم لما له من أثر إيجابي بتحفيز الطلاب على انطلاقة جديدة في هذا العام الدراسي.

وأشار إلى أن عدد الطلاب زاد في هذا العام بشكل كبير وتوقع أن يصل إلى 600 ألف طالب، وذلك لعدة أسباب هي:

  • دخول عدد كبير من المغتربين السوريين من الخارج إلى مناطق شمال سوريا.
  • دخول عدد من السوريين أيضا من مناطق سيطرة النظام.
  • عودة عدد كبير من المتسربين من الطلاب إلى المدرسة.
  • انتهاء العام الدراسي الماضي بعدم توفر أي كتاب لهذه السنة.
  • يحتاج الطالب في المرحلة الأولى إلى كتاب جديد حصرا لارتباط عمله بالخطة الدراسية بشكل مباشر.

وعن أهم الصعوبات التي تواجههم جراء ذلك، يشير العوض إلى التعامل مع أعداد الطلاب الضخمة، وعدم وجود طابعة خاصة بمديرية التربية تستطيع طباعة هذا العدد الكبير من الكتب المدرسية، بالإضافة للتكلفة الكبيرة التي تصل لما يقارب 4 ملايين دولار.

وأكد أنهم يسعون لتعزيز فكرة تزويد الكتاب المدرسي بدعم من المنظمات العاملة والشريكة في مجال التعليم والجهات المانحة، كما أنهم تلقوا وعدا من جمعية “قطر الخيرية” لتأمين عدد كبير من الكتب المدرسية التي ستساعد في استمرار العملية التعليمية.

طلاب سوريين عادوا إلى مقاعدهم الدراسية في مدارس إدلب شمال غرب سوريا

عوائق

وحسب المسؤول العوض، انتهى العام الماضي بإحصاء 530 ألف طالب ومن المتوقع أن يصل عددهم هذه السنة إلى 600 ألف، و”بالتالي يلزمنا 600 ألف نسخة من الكتاب لكل طالب” في المراحل التعليمية الثلاث.

وعن العوائق التي تمنع مديرية التربية والتعليم من طباعة الكتب، أوضح أنهم يفتقرون لوجود طابعات مختصة لطابعة الكتب بالإضافة لتكلفتها العالية وعدم توفر المديرية على الميزانية اللازمة لها.

وتمنى التعاون بين كل الشركاء العاملين في المجال التربوي من المنظمات الإنسانية والجهات الحكومية لتأمين كل مستلزمات الطفل التعليمية “حتى لا يفوته قطار التعليم ويقع في فجوة لن يستطيع رأبها أبدا في المستقبل”.

بدوره، قال مدرس اللغة العربية حسن الآغا -للجزيرة نت- إن نقص الكتب يشكل تحديا ضخما في إنجاز العملية التعليمية التي تقوم على المعلم والطالب والصفوف والكتاب.

وفي حال نقص أي مكون، يضيف، سينتج خللا يعرقل العملية كلها، وخاصة نقص الكتب التي تُعد الركيزة الأساسية التي يعول عليها الطالب في فهم المقررات ومتابعة الدروس والقيام بإجراءات تطبيقية في المنزل.

وأشار الآغا إلى أن عدم توفر الكتب سيتسبب في عدم فهم الدروس وعدم متابعتها، كما يؤثر سلبا في نفوس الطلاب فسرعان ما سيشعرون بالنقص والتململ الذي سيؤدي إلى تركهم المدارس وتسربهم، مما “يقضي على مستقبل العشرات منهم ويوسع دائرة الأمية”.

ونوه إلى أن نقص الكتب المدرسية يؤثر على نفسية المعلمين أيضا، لأنه سيقضي على مساحة الإبداع العلمي لديهم في إعطاء الدروس وسيؤثر سلبا في تقييم مستويات التلاميذ العلمية.

طلاب سوريين عادوا إلى مقاعدهم الدراسية في مدارس إدلب شمال غرب سوريا

عجز ومعاناة

من جانبه، يقف ماهر الحسن الذي يسكن في مخيمات “مشهد روحين” ولديه 5 أطفال في المدارس، عاجزا عن شراء نسخ من الكتب لهم بسبب ارتفاع ثمنها في المكتبات الخاصة حيث يصل سعر النسخة إلى 15 دولارا، وبذلك يلزمه نحو 75 دولارا بالإضافة إلى تكاليف القرطاسية والواجبات المدرسية، وهو لا يملك منها ليرة واحدة، كما قال للجزيرة نت.

وأضاف أن إصابته جراء الحرب جعلته لا يستطيع العمل. ومع تخفيف دعم المخيمات، أصبح عاجزا عن تأمين احتياجاتهم، وإذا لم يحصل على الكتب المدرسية مجانا فلن يستطيع شراءها.

من جهته، أفاد مدير فريق “منسقو استجابة سوريا” محمد حلاج، أن أكثر من 2.3 مليون طفل تسربوا من المدارس في سوريا بينهم 386 ألفا في شمال غرب البلاد و84 ألفا داخل المخيمات، ومعظمهم تسرب من التعليم جراء عوامل مختلفة أبرزها التوجه للعمل نتيجة ارتفاع تكلفة المعيشة وعدم قدرة الأهالي على تأمين المستلزمات الدراسية.

وأضاف حلاج للجزيرة نت، أن هجمات النظام السوري وروسيا أخرجت مئات المدارس عن الخدمة حيث بلغ عدد المدمرة منها أكثر من 891، بينها 266 منشأة تعليمية في شمال غرب سوريا خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

وحسب حلاج، فإن مخيمات النازحين التي تضم أكثر من مليوني نازح، لا تحتوي أكثر من 66% منها (1011 مخيما) على نقاط تعليمية أو مدارس، حيث يضطر الأطفال إلى قطع مسافات طويلة في عوامل جوية مختلفة للحصول على التعليم، ويضاف إلى ذلك معاناة نقص الكتب المدرسية.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.