القدس المحتلة- يقوم الجيش الإسرائيلي منذ بداية التوغل البري في قطاع غزة بتوسيع ما يسمى محور “نتساريم” (مفرق الشهداء) وربطه بطرقات عسكرية متفرعة وقواعد جديدة في منطقة شمال القطاع، وذلك تحت ذريعة منع عودة المسلحين إلى المنطقة وتحويله إلى منطقة ارتكاز لانطلاق العمليات البرية.

ويمكّن محور نتساريم والطرقات العسكرية المتفرعة منه السكان في شمالي القطاع من النزوح جنوبا، ولكن ليس إلى الداخل ولا في الاتجاه المعاكس، إذ تم إنشاء 4 نقاط عسكرية كبيرة في المنطقة لتحقيق أهداف العملية العسكرية ومخطط تفريغها من الفلسطينيين تمهيدا لإحلال المستوطنين.

محور عسكري

وتنتشر قوات الاحتلال على طرقات ومحاور عسكرية متفرعة من محور نتساريم، وذلك في شريط غير محدد من شمالي القطاع، من بينها المحور العسكري مفساليم الذي يبلغ عرضه نحو 3 كيلومترات وفي وسطه منطقة عسكرية جديدة.

ويتقاطع المحور العسكري مع الطريق السريع الذي شقه الجيش الإسرائيلي، والذي يبدأ عند “المعبر 96” الذي أقامه في مارس/آذار الماضي عند الحدود بالقرب من كيبوتس “باري”، وهو عبارة عن طريق سريع دشنته إسرائيل خلال الحرب بمحاذاة قطاع غزة بذريعة إيصال المساعدات من الجنوب إلى الشمال.

وينتهي المعبر 96 -الذي يعتبر موازيا للسياج الأمني للوصول إلى شمال قطاع غزة- عند البؤرة العسكرية ونقطة التفتيش الساحلية بالقرب من منطقة الميناء العائم الذي أقامه الجيش الأميركي.

وتمت إضافة ساريتين كبيرتين إلى المواقع الدائمة في محور نتساريم الذي تم تحديثه وتوسيعه لصالح الاتصالات التشغيلية وعشرات وسائل التجميع والمراقبة والتصوير، والتي تتم إدارتها على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع من قبل غرفة عمليات خاصة لصالح تنفيذ المهمة العسكرية في شمالي القطاع وإحكام السيطرة عليه بعد تهجير سكانه.

وبما ينسجم مع حرب الإبادة في شمالي القطاع والتطلع نحو إحكام السيطرة العسكرية على المكان ووفقا لـ”خطة الجنرالات” -التي تهدف إلى عزل شمالي غزة عن سائر القطاع للضغط على حركة حماس لقبول صفقة بشروط إسرائيلية- أنهى الجيش بناء 4 نقاط عسكرية على طول ممر نتساريم، لتوفير إقامة دائمة لمئات الجنود الذين ينتمون إلى لواءين احتياطيين.

طرق عبور

وبالقرب من الساحل يقوم الجيش الإسرائيلي باستكمال تجهيز طرق عبور كبيرة بوسائل التفتيش عن بعد، خاصة الكاميرات المزودة بتقنية التعرف على الوجه، كما أفاد يوآف زيتون المراسل العسكري لصحيفة “يديعوت أحرونوت”.

ويبدو أن سيطرة الجيش الإسرائيلي على ممر نتساريم نفسه -بحسب زيتون- “قد أثبتت نفسها بالفعل كقاعدة عسكرية عادية، وكأن الجنود يوجدون في موقع ناحال عوز العسكري أو في موقع ريعيم العسكري، حيث لا يزال هناك قادة عسكريون على مستوى السرايا والكتائب في شمال القطاع، ورغم العملية العسكرية والضربات التي تتلقاها حماس فإنها لا تزال واقفة على قدميها”.

ولذلك، فإن ممر نتساريم -يضيف المراسل العسكري- “يتوسع أكثر في العمليات اليومية للجيش الإسرائيلي بطريقة من المفترض أن تلحق الضرر بمقاتلي حماس وإبعادهم عن الأحياء المحيطة بالممر، سواء الأحياء الجنوبية لمدينة غزة، وحي الزيتون والشيخ عجلين من جهة، وأطراف بلدتي البريج والنصيرات من جهة أخرى”.

وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد أعاد السيطرة على محور نتساريم في 5 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عبر الفرقة 36، وكان الغرض من الاحتلال المتجدد تطويق مدينة غزة كجزء من المعركة وتقسيم القطاع إلى قسمين.

ويبلغ طول المحور نحو 8 كيلومترات ومساحته قرابة 38 كيلومترا مربعا، ويمتد بين ممر كارني (معبر المنطار) والبحر الأبيض المتوسط، مرورا بطريق صلاح الدين ومستوطنة “نتساريم” السابقة قبل تفكيكها عام 2005 وطريق الرشيد، ومن الممكن في نهايته الغربية الإشراف على ميناء غزة.

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هالفي برفقة قائد لواء الجنوب بالجيش يرون فينكلمان خلال جولة بمنطقة في شمالي القطاع.(جميع الصور من تصوير المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي التي عممها للاستعمال الحر لوسائل الإعلام)

نقاط تفتيش وقواعد

في المساحة التي تم تحديثها تم بناء مواقع دفاعية ونقاط عسكرية ومقرات ألوية تقيم فيها القوات الإسرائيلية وطواقم شركات الخدمات اللوجستية، وتحتوي المواقع الدفاعية على أدوات إلكترونية تحذيرية في حالة إطلاق الصواريخ، ودروع ضد إطلاق القذائف الصاروخية، بحسب تقرير لصحيفة “إسرائيل اليوم”.

وقام الجيش الإسرائيلي من خلال الكتيبتين 749 و601 في فيلق الهندسة القتالية بتعبيد طريق عسكري سريع في الممر يعرف بـ”طريق 749″، مما يسمح -وفقا للصحيفة- بتحرك القوات الإسرائيلية والإمدادات العسكرية بطريقة فعالة ويعزز السيطرة على الأعمال العسكرية وتفجير فوهات الأنفاق القتالية.

وبالإضافة إلى ذلك، أقام الجيش الإسرائيلي نقطتي تفتيش أمنيتين في اتجاه واحد بغرض عبور سكان غزة إلى جنوب قطاع غزة، ولا تسمح إسرائيل للنازحين الفلسطينيين بالمرور شمالا عبر الممر ونقاط التفتيش والحواجز العسكرية المنتشرة على محور نتساريم باستثناء الإمدادات الإنسانية، بحسب زعم الصحيفة.

نقاط مراقبة للجيش الإسرائيلي شمالي القطاع.(جميع الصور من تصوير المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي التي عممها للاستعمال الحر لوسائل الإعلام)

وبدأ الجيش الإسرائيلي في أبريل/نيسان 2024 إنشاء قواعد عسكرية على طول الممر، وكانت القاعدة الغربية هي قاعدة نتساريم، وهي قاعدة كبيرة ضمن مجموعة من القواعد التي يتم بناؤها في الممر بهدف السيطرة على المنطقة وزيادة القدرة على إطلاق عمليات عسكرية بشكل فعال في قطاع غزة.

وتم إنشاء قاعدة عسكرية أخرى في مبنى المستشفى التركي وأغلب القواعد الأخرى أصغر حجما، وقد أقيم في كل قاعدة برج يستخدم للاتصالات والمراقبة، وفي مايو/أيار الماضي أعلن الجيش الانتهاء من بناء 4 نقاط استيطانية كبيرة على طول الممر.

وفي منتصف أبريل/نيسان الماضي تم توسيع الممر إلى الجنوب من خلال بناء الجسور فوق وادي غزة وشمال النصيرات.

وفي يوليو/تموز الماضي عمل الجيش على توسيع عرض الممر من كيلومترين إلى نحو 5 كيلومترات، مع هدم المباني على جانبي الممر وتفجير المربعات السكنية والبنية التحتية، ولم تبق هناك أي منازل للفلسطينيين حول الممر.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.