قال الدكتور زياد ماجد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في باريس، إن العلاقات الغربية الصينية ستبقى لفترة طويلة محل مراوحة بين تمتينها اقتصاديا، ومحاولة إيجاد آليات تعاون مشتركة، واستمرار حضور التوتر والتنافس في مساحات ومناطق مختلفة.

وأشار إلى أن العمل المشترك لإيجاد سياقات عبر مسارات مختلفة، تهدف إلى تعزيز التعاون المتبادل لتخفيف الخلافات، لن يبدد بصورة كاملة مخاوف الغرب من طموحات الصين لاستثمار قوتها الاقتصادية المتنامية، في مناطق مختلفة كآسيا، والبرازيل وعدد من الدول الأفريقية، مثل الجزائر والسودان.

وجاء حديث ماجد خلال الحلقة التي خصصها برنامج “ما وراء الخبر” بتاريخ (2023/7/9) لحديث وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، عن تفاؤلها بنتائج زيارتها للصين التي استمرت 4 أيام، رغم اعترافها باستمرار الخلافات معها بشأن قضايا عدة، في حين دعا مسؤولون صينيون إلى ما سموه، بناء علاقات اقتصادية تحكمها قواعد عادلة.

وجاء ذلك بالتزامن مع دعوة مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إلى دعم المقاربة مع بكين “لتعزيز أمن الاتحاد الأوروبي”.

وتساءلت الحلقة عن الأسس التي بنت عليها وزيرة الخزانة الأميركية تفاؤلها بشأن مستقبل العلاقة مع بكين، ومدى اتفاق الجانب الصيني مع هذا التقييم، ومفهوم أمن أوروبا الذي دعا الاتحاد الأوروبي إلى دعم التقارب مع الصين من أجله، ومستقبل العلاقات بين الصين والغرب في ضوء تلك المعطيات.

تطور إيجابي

واعتبر ماجد في حديثه لـ”ما وراء الخبر”، أن زيارة يلين، تعد تطورا إيجابيا بعد مرحلة توتر شهدتها منطقة بحر جنوب الصين، وإقامة واشنطن تحالفا جديدا سياسيا وعسكريا مع أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية، بهدف احتواء تمدد الصين بسبب أزمة تايون.

كما يرى أن هذه الزيارة تأتي في توقيت مهم، حيث الحرب الروسية في أوكرانيا، ويعكس ذلك سعيا غربيا لإظهار تباينات بين بكين وموسكو، ومحاولة لاسترضاء الصين في بعض الأمور مقابل شروط معينة، بهدف إبعادها عن روسيا.

لكنه أشار إلى أن المخاوف الأوروبية من الصين تختلف نوعا ما عن المخاوف الأميركية، كون القارة العجوز، مرتبطة بما تنتجه الصين في الجانب الرقمي، كما أنها في ظل استمرار الحرب الروسية بأوكرانيا، لا تريد أن يكون لها توترات مع عملاق اقتصادي يمكن أن يساهم بالتجسس من خلال إنتاجه التكنولوجي المتطور الذي يصدره لأوروبا.

اختلاف محدود

اختلاف المخاوف عززه حديث دينيس وايلدر، مدير مجلس الأمن القومي الأميركي السابق لشؤون الصين، عن الاختلاف “المحدود” في الآراء بين الولايات المتحدة وأوروبا بشأن العلاقات مع الصين رغم تعاونهما الوثيق في هذا المسار، وأرجع ذلك إلى أن واشنطن تركز أكثر على مساحة التنافس بينما تركز أوروبا على مساحة التعاون.

وأشار في حديثه لما وراء الخبر إلى أن أحد أسباب زيارة الوزيرة الأميركية لبكين، هو التعرف على أعضاء الوزارة الجديدة المعنية بالاقتصاد في الصين، وحرصها على أن تشرح لهم أن بلادها لا تريد الابتعاد عن الصين، وتود أن تكون هناك منافسة صحية وعلاقات جيدة.

وأوضح أن أحد مسارات القلق الأميركي مرتبطة بقانونَي التجسس والعلاقات الأجنبية اللذين أصدرتهما بكين، حيث يثيران قلق رجال الأعمال الأميركيين من إمكانية حبسهما تحت ذرائع غير مقبولة، وهو ما اعتبر أنه يأتي ردَّ فعل وانتقاما على قرارات اقتصادية مشروعة اتخذتها واشنطن.

لا داعي لها

هذه المخاوف، يرى رونغ هوان، الإعلامي والكاتب الصحفي الصيني، أنه لا داعي لها، خاصة أنها متعلقة بإجراءات صينية تهدف من خلالها بكين للتوسع والانفتاح الاقتصادي وتعطي ضمانا قانونيا لذلك، مضيفا أنه إذا كانت الشركات الأجنبية لا نية لها للتجسس فالأحرى أن تدعم تلك القوانين.

وشدد في حديثه لما وراء الخبر على أن بلاده متمسكة بموقف منفتح مع الغرب وخاصة الولايات المتحدة، وتأمل من واشنطن تطبيق التوافقات التي توصل إليها رئيسا البلدين في لقاء سابق، مؤكدا أن التقارب الاقتصادي يمكن أن يدعم التقارب في مجالات أخرى.

وأضاف أن بكين ترحب كذلك بالتواصل والتعاون مع الجانب الأوروبي، مشيرا إلى زيارات أجراها عدد من المسؤولين الأوروبيين خلال الشهور الماضية، وهو الأمر الذي يدعم توجه بكين للانفتاح على دول أوروبا وحرصها على تعزيز تلك العلاقات.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.