نشرت في •آخر تحديث
أصبح واضحًا أن قرار وزارة الخارجية الأمريكية تعليق المساعدات الخارجية، بناءً على طلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وضع آلاف طلاب الجامعات الخاصة الذين يستفيدون من برنامج “USAID” في لبنان أمام مستقبل مجهول، مهددًا فرصهم في استكمال تعليمهم الجامعي وتحقيق أحلامهم الأكاديمية.
يشمل القرار الأخير منحًا دراسية لطلاب بجامعات مرموقة في لبنان وغيرها من الدول مثل الجامعة اللبنانية الأمريكية، الجامعة الأمريكية في بيروت، جامعة هايغازيان، وغيرها، والتي تعتمد على تمويل مشترك مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ومنظمات أمريكية أخرى لدعم الطلاب أكاديميًا وماليًا.
ويشكل هذا القرار ضربة قاسية للطلاب الذين يعتمدون كليًا على هذه المساعدات لتغطية أقساطهم الجامعية ونفقات سكنهم ومعيشتهم، مما يجعل مصيرهم الدراسي معلّقًا بانتظار ما ستؤول إليه الأمور بعد انتهاء فترة التجميد.
ووفقًا للموقع الإلكتروني للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، فقد استفاد حتى اليوم 16,396 طالبًا من برامج الاستعداد الوظيفي التي توفرها الوكالة ضمن مبادرة تنمية قدرات التعليم العالي، والتي تُطبَّق في عشر جامعات لبنانية، مما يعكس مدى تأثير هذا القرار على فئة واسعة من الشباب الطموحين.
وقد تلقى مؤخراً الطلاب المستفيدون من برنامج “USAID”، في الجامعة اللبنانية الأمريكية تحديداً، بريدًا إلكترونيًا يفيد بأن المنحة ستتوقف بعد 90 يوماً. والتقت “يورونيوز” بعدد من الطلاب المتأثرين في الجامعة اللبنانية الأمريكية، والذين أكدوا أنهم تلقوا هذه الرسائل، ما أثار لديهم مخاوف جدية بشأن مستقبلهم الدراسي.
“وصلتنا الرسالة… وشعرت بصدمة كبيرة”
آلاء، طالبة كيمياء، عبّرت عن صدمتها من القرار، قائلة إن الطلاب تلقوا بريدًا إلكترونيًا من الجامعة يفيد بتعليق المنحة لمدة 90 يومًا، دون أي وضوح بشأن مصيرهم بعد هذه الفترة. وأكدت أن الجامعة أبلغتهم بأنها ستضمن لهم إكمال الفصل الدراسي الحالي، لكنها لم تحدد ما سيحدث لاحقًا فيما يتعلق بالرسوم الدراسية أو تكاليف السكن.
وأضافت نور: “كانت لحظة مربكة للغاية. شعرت وكأنني أقرأ رسالة تُبلغني بأن مستقبلي، الذي خططت له لسنوات، بات معلّقًا في الهواء. سنواتي الجامعية، أحلامي، فرصي المهنية بعد التخرج.. فجأة وجدت أن كل ذلك قد يتلاشى خلال 90 يومًا”.
وقالت إن الصدمة الأكبر كانت عدم وجود أي إشارات مسبقة حول إمكانية تعليق المنحة، مشيرة إلى أن آخر دفعة مالية تلقاها الطلاب كانت عن شهر كانون الثاني/ يناير، وبعدها توقفت تمامًا.
وأضافت: “في كل لحظة، أجد نفسي أفكر: ماذا لو توقفت المنحة كلياً؟ ماذا لو اضطررت لمغادرة الجامعة؟ هل سأكون قادرة على إيجاد بديل؟ هذه الأسئلة تلاحقني يوميًا، وتؤثر على دراستي”.
“لا أعرف كيف سأكمل تعليمي”
لينا (اسم مستعار)، طالبة في اختصاص التربية، لم تتمكن من استيعاب الخبر عندما قرأت الرسالة التي أعلنت تعليق المنحة. شعرت بانهيار كامل وارتباك شديد، وكأن جميع آمالها تبعثرت في لحظة واحدة. لم تكن هذه مجرد مساعدة مالية بالنسبة لها، بل كانت الأساس الذي بنت عليه مستقبلها، وكان القرار بمثابة انهيار لكل ما خططت له.
“هذه المنحة كانت كل شيء بالنسبة لي، وفرت لي كل ما أحتاجه، من التعليم إلى اللابتوب إلى المصروف الشهري. لا أعرف كيف يمكنني الاستمرار من دونها، ولا أملك أي خطة بديلة”.
عائلتها ليست قادرة على دفع الرسوم الجامعية، والجامعة اللبنانية هي الخيار الوحيد المتاح أمامها، لكنها لا تملك أي ضمانات لاستكمال دراستها هناك. تضيف بحزن: “بعض زملائي كانوا يعيلون أسرهم بهذه المساعدة، وأنا شخصيًا كنت أساعد عائلتي بما كنت أحصل عليه… والآن كل شيء أصبح مجهولًا”.
ما يزيد من قلقها هو الغموض الذي يحيط بمصير المنحة، حيث لم تتمكن الجامعة من إعطاء إجابات واضحة سوى الانتظار لمدة 90 يومًا. في هذه الأثناء، تحاول لينا أن تبقى متماسكة، لكنها تعترف بأن القلق يؤثر على تركيزها في الدراسة، إذ باتت تتساءل كل يوم: “ما الفائدة من الدراسة إذا كنت سأُجبر على التوقف قريبًا؟”. ورغم كل ذلك، تحاول التمسك بأمل ضئيل بأن تجد مخرجًا من هذه الأزمة.
“كل شيء بنيته لمستقبلي قد ينهار فجأة”
شذى، طالبة في اختصاص تسويق الأعمال، قالت إنها اجتازت مرحلة الثانوية العامة على أمل الحصول على منحة “USAID”، لأن عائلتها غير قادرة على تحمل تكاليف الدراسة في جامعة مرموقة. وأوضحت أن هذه الفرصة منحتها أملًا كبيرًا في تحقيق طموحاتها، لكن القرار الأخير شكل ضربة قاسية لها ولزملائها.
وأضافت: “لم يكن مجرد خبر. كان كالصاعقة بالنسبة لي. كنت أبني مستقبلي، أرسم مسيرتي المهنية، أضع خططًا للمستقبل، وفجأة أشعر أن كل هذا قد ينهار. كيف يمكن أن يكون هناك قرار بهذه القسوة، دون أي تحذير؟”
وأكدت أنها لا تزال متمسكة بالأمل رغم الضبابية التي تحيط بمستقبلها، مشيرة إلى أنها وزملاءها لا يملكون سوى الانتظار حتى تنتهي مهلة الـ 90 يومًا، على أمل أن يتم التراجع عن القرار أو إيجاد حلول بديلة.
وتُعدّ الولايات المتحدة الأمريكية أكبر ممول عالمي للمساعدات الإنسانية، حيث بلغت الميزانية المخصصة لهذا القطاع في عام 2024 نحو 13 مليار دولار. وتدير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مليارات الدولارات من المساعدات الإنسانية والتنموية والأمنية في أكثر من 100 دولة.
وبحسب آخر تقرير صادر عن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، تم تخصيص حوالي 123 مليون دولار عام 2023 لدعم الأنشطة الإنسانية والتنموية في لبنان، لكن مع قرارات ترامب الجديدة، بات مصير هذا التمويل مجهولا، تمامًا كما هو حال آلاف الطلاب الذين أصبح مستقبلهم الأكاديمي معلقًا دون أي ضمانات لاستكمال تعليمهم.