عندما تعرض النجم الجزائري نبيل بن طالب، لاعب خط وسط ليل الفرنسي لنوبة قلبية خلال مشاركته في مباراة غير رسمية مع أصدقائه في يونيو/حزيران 2024، لم يكن الكثيرون يتوقعون أن يعود اللاعب -الذي خضع بعد ذلك بأيام لجراحة على مستوى القلب- إلى ممارسة الكرة بعد أن أكد الأطباء معاناته من مشاكل صحية.

وبعد مضي نحو 8 أشهر على تلك الحادثة، ظهر النجم الجزائري من جديد في تشكيلة ليل، وذلك في الدقيقة 75 من مباراة الجولة 25 من الدوري الفرنسي أمام رين الأحد الماضي، لكن تلك العودة تحولت إلى حدث تاريخي في مسيرة لاعب الوسط بعدما سجل هدف فريقه الثاني وقاده إلى الفوز 2-0.

وأعاد ظهور بن طالب إلى الأذهان قصص رياضيين تعرضوا للإصابة بنوبات قلبية خطيرة، ولكنهم ظهروا من جديد في ملاعب الكرة بعد الخضوع لجراحة في القلب.

ويرصد التقرير التالي أشهر الرياضيين الذين ظهروا من جديد في الملاعب واستأنفوا نشاطهم بعد سقوط مروع نتيجة أزمة قلبية، وذلك أثناء ممارستهم الرياضة:

نبيل بن طالب (ليل الفرنسي)

في 18 يونيو/حزيران الماضي سقط بن طالب (29 عاما) في حالة إغماء بسبب أزمة قلبية حادة بينما كان يخوض مباراة كرة قدم في الحي الذي يقطن فيه بفرنسا مع الأصدقاء ليتم نقله على جناح السرعة إلى المستشفى، حيث خضع للعلاج، في حين أكد الأطباء أنه نجا من مخاطر صحية كادت تودي بحياته.

وأجبرت الحادثة اللاعب الذي ينتهي عقده مع ليل في يونيو/حزيران 2025 على التوقف عن ممارسة الرياضة لعدة أشهر، بعد أن خضع لجراحة ناجحة خلال الشهر ذاته، من أجل تزويده بجهاز لتنظيم ضربات القلب يستخدم عادة للرياضيين الذين يعانون من أعراض قلبية.

وبعد أسابيع على خضوعه للجراحة، أرسل ليل الملف الطبي لبن طالب إلى اللجنة الطبية لاتحاد الكرة لاتخاذ قرار إمكانية عودته للملاعب من عدمها، وكانت المفاجأة السارة الأولى بالإعلان عن إمكانية ظهوره ولكن بعد مراحل من العلاج والتشخيص وتقييم تحسن حالته.

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، أكد أوليفر ليتانغ رئيس ليل أن وضع بن طالب يسير نحو التحسن، قبل أن يعلن النادي في 13 فبراير/شباط الجاري أن اللجنة الطبية للاتحاد سمحت للاعب باستئناف النشاط ليظهر من جديد في تشكيلة فريقه ضد رين يوم 16 من الشهر الجاري ويحرز هدفا في أول مباراة بعد تركيب جهاز تنظيم نبضات القلب.

كريستيان إريكسن (مانشستر يونايتد)

يعتبر النجم الدانماركي كريستيان إريكسن أحد أشهر اللاعبين الذين تعرضوا لسكتة قلبية أثناء المباراة ثم عادوا للعب بأعلى مستوى.

ولا تزال حادثة سقوط إريكسن على أرض الملعب -في مباراة منتخب بلاده أمام فنلندا في كأس أمم أوروبا- راسخة في أذهان الكثير من متابعي كرة القدم في العالم.

وفي 12 يونيو/حزيران 2021، سقط إريكسن الذي كان ينتمي في ذلك الوقت لإنتر ميلان الإيطالي من تلقاء نفسه على أرض الملعب في الدقيقة 42 من مباراة الدور الأول، أمام فنلندا. وتجمع حوله كل اللاعبين قبل أن يتدخل المسعفون لإجراء عملية تدليك للقلب واستخدام جهاز مزيل الرجفان.

وتم إجلاء إريكسن إلى المستشفى في كوبنهاغن لإجراء سلسلة من الاختبارات، ثم خضع لجراحة لزرع جهاز مزيل الرجفان التلقائي. وبعد نجاح العملية، غادر اللاعب المستشفى في 18 من الشهر ذاته، قبل أن يعود لممارسة كرة القدم رسميا في مارس/آذار 2022، وتحديدا بعد 9 أشهر من إصابته بالسكتة القلبية.

وتماما مثل بن طالب، دخل إريكسن في الشوط الثاني من مباراة ودية بين الدانمارك وهولندا في 26 مارس/آذار، ووضع بصمته في تلك المباراة بتسجيل هدف بعد دخوله بدقائق، ليتم اختياره رجل المباراة.

وشارك النجم الدانماركي الذي انتقل صيف 2022 إلى برينتفورد الإنجليزي ومنه إلى مانشستر يونايتد، مع منتخب بلاده في كأس العالم قطر 2022 وكأس أمم أوروبا التي احتضنتها ألمانيا الصيف الماضي.

وشارك لاعب الوسط الهجومي في 143 مباراة حتى الآن مع الدانمارك وأحرز 43 هدفا.

دالي بليند (جيرونا الإسباني)

عندما دخل النجم الهولندي دالي بليند، قائد منتخب الطواحين السابق، والمدافع الحالي لجيرونا الإسباني، بديلا في الدقيقة 64 من مباراة أوكرانيا ضمن الدور الأول من بطولة أوروبا 2021، انهار اللاعب بالدموع، قبل أن يعترف أنه تذكر إصابة إريكسن بسكتة قلبية في “يورو 2021” أيضا، لا فقط لأنه صديقه وإنما أيضا لأن بليند نفسه يعاني بدوره من مشاكل في القلب، وفق قوله.

واعترف بليند أنه كان يشكو من مشاكل في عضلات القلب تم تشخيصها من قبل الأطباء عام 2019، ليخضع لجراحة لتركيب جهاز إزالة الرجفان القلبي العام ذاته.

وبعد تلك الجراحة الناجحة، عاد بليند لممارسة كرة القدم، ولعب لأندية مانشستر يونايتد وبايرن ميونخ ثم جيرونا فريقه الحالي الذي يستمر تعاقده معه حتى يونيو/حزيران 2026.

واعترف النجم الهولندي -البالغ حاليا 34 عاما- في مقطع “بودكاست” أنه تعرض لنوبة قلبية خلال مباراة بدوري أبطال أوروبا في 10 ديسمبر/كانون الأول 2019 جمعت فريقه آنذاك أياكس الهولندي وفالنسيا، وقال “شعرت بالإغماء واضطررت إلى الخضوع للعلاج لفترة قصيرة لإنعاش القلب ثم واصلت اللعب.. البعض لا يعرف أني أمارس كرة القدم وأنا أحمل جهاز تنظيم النبضات وإزالة الرجفان”.

ولعب بليند 108 مباريات مع هولندا وشارك في كأس العالم 2010 و2014 و2018 و2022، كما خاض بطولة أمم أوروبا الأخيرة في ألمانيا.

نوانكو كانو (إنتر ميلان)

يعتبر النيجيري نوانكو كانو من أول اللاعبين الذين خضعوا لجراحة في القلب قبل العودة إلى التألق والبروز بشكل لافت، ونحت مسيرة كروية مذهلة.

وكان كانو، الذي توج مع منتخب نيجيريا بالذهبية في دورة الألعاب الأولمبية 1996، انضم إلى إنتر ميلان الإيطالي وبعدها تم تشخيص إصابته بمشاكل في القلب مما يشكل خطرا محدقا بحياته ومسيرته.

وأجرى كانو في ذلك الوقت جراحة القلب المفتوح عندما كان بعمر 23 عاما، وتكفل ماسيمو موراتي رئيس إنتر ميلان بثمن العلاج، ليكمل كانو حياته ومشوراه الرياضي بصمام في القلب، وعاد بعدها لممارسة كرة القدم وحمل ألوان أرسنال ووست بروميتش وبورنموث بالدوري الإنجليزي الممتاز حتى اعتزاله عام 2012، كما وصل مع بلاده لنهائي أمم أفريقيا 2000 ونصف النهائي 2004 وخاض نهائيات كأس العالم 2002.

ما هو مزيل الرجفان أو جهاز تنظيم نبضات القلب؟

يقول فرانسوا سيمارد الطبيب الفرنسي المتخصص بأمراض القلب الرياضية إن المهمة الأساسية لجهاز مزيل الرجفان أو تنظيم ضربات القلب هي التأكد من أن القلب لا ينبض ببطء شديد.

ويقول في تصريحات لوسائل إعلام فرنسية “عندما يكون معدل ضربات القلب أقل من 40 نبضة في الدقيقة الواحدة فذلك مؤشر على وجود أعراض للإصابة بنوبات قلبية خلال أداء جهد بدني قوي”.

ويضيف سيمارد “يبدأ جهاز إزالة الرجفان في تنشيط القلب ويعطي صدمات صغيرة بهدف الوصول إلى الحد الأدنى لمعدل ضربات القلب (40 نبضة في الدقيقة)”.

وجهاز مزيل الرجفان هو سلك كهربائي يدخل إلى القلب ويلعب دور “الحارس المراقب” لأداء القلب، ومراقبة كل نبضة. وإذا كان هناك عدم انتظام في ضربات القلب، فسوف يكتشفه هذا الجهاز على الفور ويمنح القلب شحنة للوقاية من التعرض للموت المفاجئ، وفق سيمارد.

ويشير الطبيب المتخصص أن جهاز مزيل الرجفان الذي يتم أحيانا بعد تشخيص التهاب عضلة القلب لا يمنع العودة لممارسة الرياضة، ولكن له انعكاسات قليلة إذ أن نسبة التعرض للخطر مرة أخرى تظل مرتفعة مقارنة بمن لا يحملون ذلك الجهاز.

دوريات تمنع اللعب بجهاز مزيل الرجفان

وتمنع بعض الاتحادات الكروية اللعب بجهاز مزيل الرجفان، على غرار الاتحاد الإيطالي، إذ لا تسمح اللجنة الطبية للاعبين بالمشاركة في المسابقات التي ينظمها الاتحاد بعد الخضوع لجراحة في القلب.

وكان ذلك من أسباب مغادرة الدانماركي كريستيان إريكسن لإنتر ميلان عام 2022 وانتقاله لبرينتفورد الإنجليزي قبل التوقيع خلال العام الموالي لمانشستر يونايتد.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2024، تعرض لاعب فيورنتينا إدواردو بوف لسكتة قلبية مفاجئة في مباراة إنتر ميلان بالدوري الإيطالي، وخضع بعد أسبوع لجراحة ناجحة لتركيب جهاز مزيل الرجفان، لكن لن يسمح له بالعودة للمشاركة مع فريقه طالما ظل الجهاز في جسده.

يُشار إلى أن عددا من اللاعبين توقفوا -في المقابل- عن ممارسة الكره بعد سكتات قلبية مفاجئة، ويبقى أشهرهم المغربي عبد الحق آيت نوري لاعب أياكس الهولندي الذي سقط في يوليو/تموز 2017 على أرض الملعب في مباراة ودية مع فيردر بريمن.

وأكد الأطباء عقب الحادثة أنه أصيب بتلف خطير في الدماغ نتيجة سكتة قلبية مفاجئة أنهت مشواره الكروي مبكرا عن عمر 20 عاما.

شاركها.
اترك تعليقاً

2025 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.