حققت مركبة الهبوط القمرية “بلو غوست” التابعة لشركة “فايرفلاي إيروسبيس” -وهي شركة طيران خاصة مقرها تكساس- إنجازا مهما بالهبوط بنجاح على سطح القمر، مما يمثل لحظة محورية في استكشاف الفضاء.
وهذا يجعلها ثاني شركة خاصة تحقق هبوطا قمريا متحكما فيه، فقد كانت الأولى هي شركة “إنتويتيف ماشينز” التي تتخذ من هيوستن مقرا لها، والتي هبطت مركبة الهبوط “أوديسيوس” الخاصة بها العام الماضي، وكان الهبوط مصحوبا ببعض التحديات.
هبوط سلس
وقد بدأت رحلة “بلو غوست” الاستكشافية -التي تستمر 45 يوما- بإطلاقه في 15 يناير/كانون الثاني قاطعا مسافة هائلة تجاوزت 3.5 ملايين كيلومتر قبل دخوله مدار القمر في 13 فبراير/شباط.
وخلال هذه الفترة نفّذ المسبار سلسلة من المناورات الدقيقة للاقتراب من سطح القمر، وأكمل بنجاح تعديل مساره الأخير، ثم أصبح في وضع مثالي للهبوط بالقرب من “مونز لاتريل”، وهو تكوين بركاني يقع ضمن بحر الشدائد أحد الأحواض القمرية القديمة التي غمرتها الحمم البركانية قبل أكثر من 3 مليارات عام، وبعد ذلك نزلت مركبة الهبوط التابعة من مدارها القمري على وضع الطيار الآلي.
مركبة الهبوط القمرية “بلو غوست” مصممة لتوصيل الحمولات العلمية والتكنولوجية إلى سطح القمر، ويبلغ ارتفاع المركبة نحو مترين وعرضها قرابة 4 أمتار، وهي مجهزة بـ4 أرجل هبوط، مما يوفر الاستقرار عند الهبوط.
وفي مهمتها الأولى حملت المركبة 10 تجارب برعاية وكالة ناسا كجزء من مبادرة خدمات الحمولة القمرية التجارية (كليبس)، وهدفت هذه التجارب إلى دراسة جوانب مختلفة من البيئة القمرية، بما في ذلك خصائص التربة القمرية، والحقل المغناطيسي للقمر، وسلوك الغبار القمري.
كما تضمنت المركبة الهبوطية أدوات مثل المثقاب المصمم لقياس درجات الحرارة تحت السطح وجهاز يهدف إلى جمع عينات من تربة القمر للتحليل.
السفر الخاص للفضاء
ويؤكد هذا الإنجاز على الدور المتزايد الذي تلعبه الشركات الخاصة في استكشاف الفضاء، وهو المجال الذي تهيمن عليه الوكالات الحكومية تقليديا.
ويوضح نجاح “فايرفلاي” جدوى البعثات القمرية التجارية، ويسلط الضوء على مرونة هذا النوع من الشركات، خاصة بالنظر إلى تعرّض “فايرفلاي إيروسبيس” قبل 8 سنوات لخطر الإفلاس.
وغالبا ما تقدم الشركات الخاصة نهجا مبتكرا وحلولا فعالة من حيث التكلفة لمهام الفضاء المعقدة، لأن طبيعتها التنافسية تدفع التقدم التكنولوجي والكفاءة التشغيلية.
أضف إلى ذلك أن سوق المهام الفضائية يتوسع بشكل كبير، بداية من نشر الأقمار الصناعية -وهو نطاق تهتم به كل دول العالم حاليا- ووصولا إلى السياحة الفضائية، وهو نطاق واعد مستقبلا.
كما أن الشراكات بين الشركات الخاصة والوكالات الحكومية -مثل برنامج “كليبس” التابع لوكالة ناسا- تمكن من تقاسم الموارد والخبرات وتسريع الجداول الزمنية للمهمة وتوسيع البحث العلمي.