اعلان

بعد أن جدّد ترامب مطالبته للاتحاد الأوروبي بشراء كميات أكبر من النفط والغاز الأمريكي، رد مفوض الطاقة الأوروبي دان يورجنسن بالإشارة إلى أن الاتحاد مستعد بالفعل لزيادة وارداته من الطاقة، لكنه شدد على أن ذلك لن يتم إذا كان سيقوّض الأهداف المناخية والبيئية التي يلتزم بها التكتل، وهو تعقيد لا يُستهان به.

وفي ما يبدو أنه تعليق موجّه نحو تجارة السلع، رفض ترامب يوم الإثنين اقتراح بروكسل بشأن اتفاق تعريفة “صفر مقابل صفر”، مؤكدًا أن الولايات المتحدة تسجّل عجزًا تجاريًا بقيمة 350 مليار دولار مع الاتحاد الأوروبي.

وقال ترامب للصحفيين من العاصمة واشنطن: “إحدى الطرق السريعة والبسيطة للتخلص من هذا العجز هي التحول نحو استيراد الطاقة منا، لأنهم يحتاجون إليها. يمكننا أن نخفض 350 مليار دولار في غضون أسبوع واحد فقط”.

وكان ترامب، في وقت انتخابه، قد لوّح عبر منصاته على وسائل التواصل الاجتماعي بفرض “رسوم جمركية شاملة” في حال لم يُقدم الاتحاد الأوروبي على رفع مستوى وارداته من الطاقة الأمريكية.

ووفقًا لبيانات مكتب التحليل الاقتصادي التابع للحكومة الأمريكية، بلغ العجز التجاري عام 2024 نحو 235.6 مليار دولار، غير أن هذا الرقم يتجاوز بكثير ما يمكن أن تمثّله السوق الأوروبية المحتملة للغاز الطبيعي المسال الأمريكي، أو حتى لأي نوع آخر من الغاز الطبيعي المسال.

فبحسب مكتب الإحصاءات التابع للاتحاد الأوروبي (يوروستات)، وصلت القيمة الإجمالية لجميع واردات أوروبا من مصادر الطاقة خلال العام الماضي، بما في ذلك الغاز عبر الأنابيب، والنفط، والفحم، إلى جانب الغاز الطبيعي المسال، إلى 375.9 مليار يورو. وقد شكّل الغاز الطبيعي المسال فقط 41.4 مليار يورو من هذا الإجمالي، كان نصيب الولايات المتحدة منها أقل بقليل من النصف، فيما تراجع إجمالي واردات الطاقة بنسبة 15% مقارنة بالعام السابق.

وفي الوقت ذاته، تواصل أوروبا تسريع وتيرة تطوير بنيتها التحتية للطاقة المتجددة، مع تركيز خاص على طاقة الرياح والطاقة الشمسية، في ظل تراجع تدريجي في الطلب على الوقود الأحفوري، خصوصًا إذا ما التزم الاتحاد الأوروبي بتنفيذ أجندة إزالة الكربون بالكامل.

ومع ذلك، يظل الواقع المقلق أن روسيا لا تزال تسيطر على 17.5% من سوق الغاز الطبيعي المسال في الاتحاد الأوروبي، وهو ما يُعقّد مساعي بروكسل لإنهاء الاعتماد على الطاقة الروسية بحلول عام 2027. ومع ذلك، قد تتيح هذه الاستراتيجية مجالًا لزيادة مؤقتة في واردات الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة على المدى القصير.

تحفّظ أوروبي على دعوات ترامب ومخاوف من الارتهان لمورد واحد

رغم ما طرحه ترامب من دعوة لزيادة ضخمة في واردات الطاقة الأوروبية من الولايات المتحدة، بدا واضحًا أن مسؤولي الاتحاد الأوروبي قد تعاملوا بفتور مع الفكرة. ففي اليوم التالي لتصريح ترامب الغامض بشأن “المقايضة”، شدد متحدث باسم المفوضية الأوروبية على موقف الاتحاد، قائلاً: “نريد تجنّب الاعتماد المفرط على أي مورد واحد… لقد تعلمنا الدرس جيدًا”.

كما أشار المتحدث إلى أن المفوضية الأوروبية ليست فاعلًا مباشرًا في السوق، وأن سلطتها التنفيذية تقتصر على إجراءات تنظيمية، مثل مراجعة تراخيص مشاريع البنية التحتية للغاز الطبيعي المسال، والتي تمتلك أوروبا بالفعل فائضًا منها، أو السعي لتفعيل منظومة شراء موحّد للطاقة.

أما بخصوص رقم الـ350 مليار دولار الذي طرحه ترامب، فقد علّق المسؤول الأوروبي: “من الصعب التعاطي مع رقم صدر بشكل أحادي من الجانب الأمريكي”.

من جانبه، لم يكن يورجنسن أكثر حماسة، إذ قال في مقابلة مع صحيفة فاينانشال تايمز يوم الخميس 10 نيسان/أبريل، إن هناك “إمكانية” لأن يشتري الاتحاد الأوروبي مزيدًا من الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، لكن بشرط أن يتم ذلك “وفق معايير تتماشى أيضًا” مع القوانين البيئية الأوروبية.

ومن أبرز هذه القوانين لائحة الميثان، التي تنص على إلزام جميع المصدّرين إلى الاتحاد الأوروبي بنفس معايير الرصد والإبلاغ والتحقق المفروضة على المشغلين داخل التكتل. كما تنص على حظر توقيع عقود توريد لوقود تتجاوز بصمته الكربونية عتبة لم تُحدّد بعد، وهي عتبة يُرجّح أن تشمل الغاز المُستخرج باستخدام تقنية التكسير الهيدروليكي، المعتمدة على نطاق واسع في الإنتاج الأمريكي.

ومنذ انطلاق حرب ترامب الجمركية العالمية، يحرص مسؤولو الاتحاد الأوروبي على التأكيد مرارًا أن معاييرهم البيئية وسلامة الأغذية ليست موضع تفاوض.

ورغم ذلك، أوضح متحدث باسم الاتحاد الأوروبي في حديثه لـيورونيوز أن “هناك حوارًا مستمرًا على المستوى التقني” بين مسؤولي الطاقة الأوروبيين ونظرائهم الأمريكيين بشأن تنظيمات الميثان. وأضاف: “صحيح أن هناك نقاشات بشأن تداعيات اللائحة، لكنها ليست قيد النقاش بشكل مباشر في الظروف الحالية”.

اعلان

وفي خلفية هذه النقاشات، تلوح خطة التكتل لإنهاء الاعتماد على الطاقة الروسية، والتي كان من المفترض تنفيذها بحلول نهاية آذار/مارس. إلا أن يورجنسن أقرّ في مقابلته مع فاينانشال تايمز بأن الاتحاد الأوروبي أنفق منذ عام 2022 على واردات الطاقة الروسية أكثر مما قدّمه من مساعدات لأوكرانيا.

ولكن، بحسب جدول الأعمال المؤقت الأخير للمفوضية، لا تعتزم السلطة التنفيذية تقديم خطة الاستغناء التدريجي عن الطاقة القادمة من روسيا قبل الصيف، ما يعني أن أمام التكتل، في أفضل السيناريوهات، أكثر من عامين فقط لتنفيذ هذا التحوّل الاستراتيجي. واختتم المسؤول الأوروبي بالقول: “نحن نراقب عن كثب ما يجري أثناء إعدادنا للخطة، حتى تكون ملائمة للأهداف المرجوة”.

شاركها.
اترك تعليقاً

2025 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.