في عصر يعتمد فيه مليارات الأشخاص على الإنترنت في مختلف جوانب الحياة، أصبحت سرعة الاتصال وجودته عنصرين أساسيين في تحديد مدى كفاءة التجربة الرقمية.

وفي حين تتجه الأنظار نحو شبكات “الجيل الخامس” (5G) وما تحمله من وعود بثورة جديدة في عالم الاتصالات، فلا يزال معيار “التطور الطويل الأمد” (LTE) –الذي يعد العمود الفقري لشبكات “الجيل الرابع” (4G)– يحتفظ بمكانته بصفته أحد المعايير الأكثر انتشارا وتأثيرا في البنية التحتية للاتصالات اللاسلكية.

ومنذ إطلاقه، أحدث هذا المعيار تحولا جذريا في عالم الاتصالات، إذ وفر سرعات أعلى بكثير مقارنة بشبكات “الجيل الثالث” (3G)، مع تقليل زمن الانتقال بشكل ملحوظ، مما أتاح تحسين تجربة المستخدم في مجالات البث المباشر، والألعاب عبر الإنترنت، والمكالمات الصوتية عبر الإنترنت (VoIP).

ما هذا المعيار؟

يُعرَّف “التطور الطويل الأمد” بأنه معيار لاسلكي للاتصالات المتنقلة ونقل البيانات، وهو مبني على تقنيات “النظام العالمي للاتصالات المتنقلة” (GSM) و”خدمة الاتصالات المتنقلة العالمية” (UMTS).

وجرى تقديمه أول مرة عام 2008، بعد أن طورته مجموعة “مشروع شراكة الجيل الثالث” (3GPP)، ووُصف حينئذ بأنه نظام اتصال خلوي جديد بمعدل نقل مرتفع ووقت انتقال منخفض.

ورغم أنه كان في البداية أقل من المعايير التي حددها “الاتحاد الدولي للاتصالات” (ITU) لتقنية “الجيل الرابع”، فإن تطويراته المستمرة جعلته قادرا على تلبية تلك المتطلبات، ليصبح حجر الأساس للاتصالات اللاسلكية الحديثة.

كيف يعمل المعيار؟

يعتمد المعيار على تقسيم البيانات إلى حزم صغيرة وإعادة تجميعها عند الاستقبال، مما يزيد من كفاءة الإرسال مقارنة بالتقنيات السابقة.

كما يوفر اتصالا أكثر استقرارا وسعة نطاق أوسع، وهو ما يجعله مثاليا لنقل البيانات بسرعات عالية.

ووفقا لتقرير من “جمعيات موردي الهاتف المحمول العالمية” (GSMA)، فإن 60% من مستخدمي الهاتف المحمول لديهم (4G LTE) في شهر ديسمبر/كانون الأول 2023، كما أن معيار “التطور الطويل الأمد” يمثل 60% من 5.4 مليارات اشتراك فريد يربط ثلثي مستخدمي الهاتف المحمول على مستوى العالم.

وتدير 791 شركة اتصالات شبكات “التطور الطويل الأمد” في 240 دولة ومنطقة حول العالم، وطرحت 336 شركة شبكات “التطور الطويل الأمد المتقدم” (LTE-Advanced)، وبدأت 227 شركة شبكات “الصوت عبر التطور الطويل الأمد” (VoLTE).

ومع تطور تقنيات الاتصالات، برز معيار “التطور الطويل الأمد المتقدم” بوصفه إصدارا أكثر كفاءة من “التطور الطويل الأمد”، حيث يوفر سرعات أعلى، واستقرارا أفضل، وتقنيات محسّنة مثل تجميع النطاق الترددي، مما يسمح باستخدام نطاقات تردد متعددة لتحسين الأداء.

مزايا “التطور الطويل الأمد”

يقدم معيار “التطور الطويل الأمد” للمستخدمين عديدا من المزايا، ومنها ما يلي:

  • سرعات تنزيل وتحميل أسرع من “الجيل الثاني” و “الجيل الثالث”.
  • يسمح للمستخدمين بالتواصل مع الآخرين من دون التعرض للتأخير.
  • توفر تقنية “التطور الطويل الأمد المتقدم” سرعات تنزيل وتحميل أسرع مرتين إلى 3 مرات من “التطور الطويل الأمد”.
  • تعمل تقنية “التطور الطويل الأمد المتقدم” على تحسين سعة الشبكة، وإضافة عرض نطاق ترددي لتحسين الإشارة والسرعة والموثوقية.

ما شبكة “التطور الطويل الأمد” الخاصة؟

تعد شبكات “التطور الطويل الأمد” الخاصة بمنزلة إصدارات مصغرة من شبكات “التطور الطويل الأمد” العامة، وهي مصممة لتوفير تغطية خلوية خاصة عبر حرم الشركة أو مركز التوزيع أو في المطارات والملاعب والمواقع الأخرى.

وتستخدم هذه الشبكات طيفا غير مرخص أو مشتركا لتوفير التغطية للهواتف المحمولة والأجهزة الأخرى.

وتعد شبكات “التطور الطويل الأمد” الخاصة حلا ميسور التكلفة للمواقع المحددة جغرافيا، مثل حقول النفط النائية أو مواقع التعدين، أو في المناطق المحصورة، مثل المصانع الكبيرة أو الموانئ البحرية.

“الصوت عبر التطور الطويل الأمد”

تتيح تقنية “الصوت عبر التطور الطويل الأمد” للمستخدمين إجراء مكالمات هاتفية عبر شبكة “التطور الطويل الأمد” بصفتها حزم بيانات بدلا من مكالمات صوتية نموذجية.

وتدعم هذه التقنية عديدا من المتصلين، كما تدعم إعادة تخصيص النطاق الترددي حسب الحاجة.

وتشمل مزايا تقنية “الصوت عبر التطور الطويل الأمد” الأخرى تحسين النطاق الترددي والسماح للمستخدم بمعرفة إذا كان الهاتف الذي ينوي الاتصال به مشغولا أو متاحا.

عصر “الجيل الخامس”

مع توسع شبكات “الجيل الخامس”، لا يزال “التطور الطويل الأمد” يلعب دورا محوريا، إذ تستمر شركات الاتصالات في تطوير شبكات (4G LTE) لتعزيز التغطية وتحسين الأداء، خصوصا في المناطق التي لم تصلها بعد تقنيات “الجيل الخامس”.

وعلاوة على ذلك، تعتمد شبكات “الجيل الخامس غير المستقلة” (NSA 5G) على “التطور الطويل الأمد” لإدارة الجلسات وضمان استقرار الاتصال، مما يجعله تقنية أساسية خلال المرحلة الانتقالية نحو شبكات أكثر تقدما.

Globalized world, the future of digital technology. Connections and cloud computing in the virtual world. World map with satellite data connections. Connectivity across the world. 3D illustration.

تاريخ “التطور الطويل الأمد”

ظهرت تقنية “الجيل الثالث” عام 1998، وهي الأساس التقني لمعيار “التطور الطويل الأمد”، حيث كانت تقنية “الجيل الثالث” أول تقنية بسرعات بيانات في نطاق ميغابايت في الثانية.

وجرى تحديد معايير سرعة واتصال تقنية “الجيل الرابع” في مارس/آذار 2008. وحددت معايير “الجيل الرابع” للهواتف المحمولة أن أي منتج أو خدمة تطلق على نفسها اسم “الجيل الرابع” يجب أن تكون لها سرعات اتصال لا تقل عن 100 ميغابايت في الثانية، ولا تقل عن 1 غيغابايت في الثانية للاستخدامات الثابتة.

ومع ذلك، عندما جرى تحديد المعايير لأول مرة، لم تكن هذه السرعات ممكنة بعد. وردا على ذلك، سُمح بتصنيف المنتجات والتكنولوجيا على أنها “التطور الطويل الأمد” إذا كانت توفر تحسنا كبيرا على تقنية “الجيل الثالث”.

وظهرت لاحقا تقنية “التطور الطويل الأمد المتقدم”، وهي إصدار محسّن من “التطور الطويل الأمد” يوفر سرعات أسرع واستقرارا أكبر من “التطور الطويل الأمد” العادي، لكنه لا يزال ليس بنفس سرعة “الجيل الرابع”.

ويحقق “التطور الطويل الأمد المتقدم” سرعات أعلى من خلال تجميع القنوات، حتى يتمكن المستخدمون من تنزيل البيانات من مصادر متعددة في نفس الوقت.

وتتضمن المعالم الرئيسية في تطوير “التطور الطويل الأمد” ما يلي:

  • اقترحت شركة “إن تي تي دوكومو” (NTT DoCoMo) عام 2004 جعل هذا المعيار هو المعيار الدولي التالي للنطاق العريض اللاسلكي، وبدأ العمل على تطويره.
  • استطاعت شركة “نوكيا” عام 2006 تنزيل فيديو عالي الدقة وتحميل لعبة عبر المعيار في الوقت نفسه.
  • استخدمت شركة “إريكسون” عام 2007 المعيار بمعدل بتات يبلغ 144 ميغابايت في الثانية.
  • أجرت شركة “إريكسون” عام 2008 أول مكالمة هاتفية من طرف إلى طرف عبر المعيار.
  • وفرت شركة “تيلياسونيرا” (TeliaSonera) عام 2009 المعيار في أوسلو وستوكهولم.
  • انتهت في عام 2011 عمليات تطوير تقنية “التطور الطويل الأمد المتقدم”.

في الختام، يمثل معيار “التطور الطويل الأمد” نقلة نوعية في عالم الاتصالات اللاسلكية، إذ جمع بين السرعة والكفاءة وسهولة الوصول، مما جعله أساسا لعديد من الخدمات الرقمية التي نعتمد عليها يوميا.

ورغم التقدم نحو شبكات “الجيل الخامس”، فإن هذا المعيار يظل جزءا مهما من البنية التحتية للاتصالات لسنوات قادمة، خاصة في المناطق التي تتطلب استقرارا وموثوقية في الاتصال.

شاركها.
اترك تعليقاً

2025 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.