اعلان

وأوضح بيشني في مقابلة مع وكالة رويترز أن الانضمام المحتمل لأوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، إلى جانب تصاعد الدور الأوروبي في دعم القدرات الدفاعية للبلاد، يحتم على البنك المركزي الأوكراني إعادة النظر في الإطار النقدي القائم.

وقال: “الجدل المتنامي حول استقرار الأسواق واحتمال تفكك سلاسل التجارة العالمية، تدفع باتجاه إعادة تقييم دور الدولار كمرجعية للهريفنيا مقابل اليورو“. ولفت إلى أن هذا التغيير يتطلب “ترتيبات معقدة وإعدادًا متقنًا”، دون أن يقدم تفاصيل إضافية حول الخطوات المحتملة.  

ورغم استمرار هيمنة الدولار على حركة التداول في سوق الصرف الأجنبي، قال بيشني إن حصة اليورو بدأت بالارتفاع، وإن كان ذلك لا يزال محدودًا.

وتجدر الإشارة إلى أن مولدوفا، التي تسير في المسار ذاته نحو أوروبا، عمدت في 2 كانون الثاني/ يناير إلى ربط عملتها الوطنية “الليو” باليورو بدلًا من الدولار، ضمن خطوات استباقية تمهد للاندماج الأوروبي.

الدولار يفقد زخمه

تاريخيًا، ظل الدولار يحتفظ بمكانته كعملة مهيمنة عالميًا، مدعومًا بالتحالفات الأمنية والعلاقات العسكرية التي تربط الولايات المتحدة بعدد كبير من الدول.

لكن سنوات حكم الرئيس دونالد ترامب، وعودته الثانية إلى البيت الأبيض، أدت إلى تعميق الشكوك حول مستقبل الدولار كعملة احتياطية. إذ أطلق الرئيس الجمهوري خلال ولايته السابقة حربًا تجارية شرسة فرض فيها رسومًا جمركية غير مسبوقة، مما دفع بعض الخبراء إلى التساؤل عن مدى استدامة هذا الدور.

وفي هذا السياق، فقد مؤشر الدولار أكثر من 9% من قيمته مقابل سلة العملات الرئيسية، نتيجة عزوف المستثمرين عن الأصول الأمريكية.

ومع أن بعض المحللين يحذرون من المبالغة في ربط قوة الدولار بوضعه كعملة احتياط، فإن بيشني يشير بوضوح إلى تحول تدريجي في المشهد النقدي العالمي، تتفاعل معه أوكرانيا عبر مراجعة خياراتها.

إصلاحات اقتصادية وترقّب لمآلات الحرب

منذ إطلاق عملتها الوطنية “الهريفنيا” عام 1996، اعتمدت أوكرانيا الدولار كعملة مرجعية. وبعد بدء الغزو الروسي في شباط/ فبراير 2022، فرض البنك المركزي الأوكراني ضوابط على رأس المال وحدد سعرًا رسميًا للهريفنيا بنحو 29 مقابل الدولار، قبل أن يضطر لاحقًا إلى خفض قيمة العملة بسبب تفاقم الاختلالات المالية.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2023، انتقلت السياسة النقدية من تثبيت سعر الصرف إلى “نظام سعر الصرف المُدار” الذي يستند إلى الدولار لتقييم تدخلات السوق وضبط التقلبات.

قبل نحو عام، بدأت أوكرانيا ومولدوفا محادثات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، في عملية طويلة تتطلب التزامًا بإصلاحات شاملة في النظامين السياسي والقضائي.

وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين قد أعربت في شباط/ فبراير الماضي عن أملها في أن تنضم أوكرانيا إلى الاتحاد بحلول عام 2030، شرط المحافظة على وتيرة الإصلاحات الحالية.

اقتصاديًا، يعوّل بيشني على تعافي تدريجي في الاستثمار والنشاط الاستهلاكي نتيجة تعميق الروابط مع أوروبا، متوقعًا نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تتراوح بين 3.7 و3.9% خلال العامين المقبلين. لكنه يشدد على أن مصير هذا التعافي يبقى مرهونًا بمسار الحرب.

ويختم بالقول: “نهاية سريعة للحرب ستكون سيناريو إيجابيًا إذا اقترنت بضمانات أمنية. لكن الفوائد الاقتصادية لإنهائها قد تستغرق وقتًا حتى تظهر بشكل ملموس”.

شاركها.
اترك تعليقاً