ترأس وزير الدفاع الهندي راجناث سينغ، صباح الجمعة، اجتماعًا أمنيًا رفيع المستوى في العاصمة نيودلهي جمعه برئيس أركان الدفاع الجنرال أنيل شوهان ووثلاثة من قادة القوات المسلحة، وذلك في أعقاب التصعيد العسكري مع باكستان.
وجاء الاجتماع بعد ساعات من إحباط الهند لسلسلة من الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة، التي أطلقتها القوات الباكستانية مستهدفة منشآت عسكرية ومدنًا أخرى، وفق ما أعلنت السلطات الهندية.
وخُصص اللقاء لتقييم المستجدات الأمنية على الأرض، عقب الضربات الحدودية التي نفذتها القوات الهندية ضمن عملية “سيندور”.
تصعيد على الحدود وتعزيزات أمنية
في بيان نُشر على منصة “إكس”، قال الجيش الهندي إن القوات الباكستانية شنت، ليل 8-9 أيار/ مايو 2025، سلسلة من الهجمات باستخدام طائرات بدون طيار وذخائر مختلفة على طول الحدود الغربية، إضافة إلى تنفيذ خروقات متعددة لوقف إطلاق النار على خط المراقبة في إقليمي جامو وكشمير.
وأشار البيان إلى أن الدفاعات الجوية الهندية نجحت في صد هجمات الطائرات المسيّرة، وأن الجيش رد على “الانتهاكات الباكستانية برد مناسب”، حسب تعبيره. وأضاف: “الجيش الهندي لا يزال ملتزمًا بحماية سيادة البلاد وسلامة أراضيها، وسيتم التصدي بحزم لكل المحاولات العدائية”.
وقد تمّ الإبلاغ عن انقطاعات كبيرة في التيار الكهربائي ليلًا بمناطق سريناغار وجامو، بالإضافة إلى مواقع أخرى في ولايتي البنجاب وراجستان.
وفي إطار رفع الجاهزية، عززت الهند إجراءاتها الأمنية في مختلف الموانئ، ومحطات الشحن، والمنشآت البحرية، كما علّقت الرحلات الجوية المدنية في 24 مطارًا بشمال البلاد.
من جهته، أعلن وزير الإعلام في الشطر الباكستاني من كشمير، عطا الله تارار، عن مقتل 5 مدنيين وإصابة 29 آخرين في قصف عبر الحدود.
مقاتلات صينية في قلب المعركة
أشار مسؤولان أمريكيان لوكالة رويترز، يوم الأربعاء، إلى أن طائرات مقاتلة باكستانية صينية الصنع شاركت في إسقاط طائرتين هنديتين على الأقل خلال المواجهات الجوية الأخيرة.
وقال أحد المسؤولين الأميركيين، الذي طلب عدم الكشف عن هويته: “نرجّح بدرجة كبيرة أن القوات الجوية الباكستانية استخدمت مقاتلات من طراز جيه-10 الصينية لإطلاق صواريخ جو-جو أسفرت عن إسقاط طائرتين هنديتين على الأقل”.
من جانبه، صرّح وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف، يوم الخميس، بأن طائرات “جيه-10” استُخدمت بالفعل لإسقاط ثلاث طائرات رافال فرنسية الصنع، كانت الهند قد حصلت عليها مؤخرًا.
واشنطن: “ليس من شأننا”
قال نائب الرئيس الأمريكي، جيه دي فانس، في تصريح لقناة “فوكس نيوز” مساء الخميس، إن على الهند وباكستان تهدئة التوترات المتصاعدة بينهما، لكنه شدد على أن النزاع القائم “ليس من شأن الولايات المتحدة”.
وأوضح فانس أن واشنطن لا تستطيع فرض سيطرتها على دولتين مسلحتين نوويًا مثل الهند وباكستان. وأضاف: “نريد أن يهدأ الوضع في أسرع وقت ممكن. مع ذلك، لا يمكننا السيطرة على هذه الدول”.
وتابع قائلاً: “ما يمكننا فعله هو محاولة تشجيع الأطراف على خفض التصعيد، لكننا لن نتورط في حرب لا تعنينا على الإطلاق”.
تخوّف من انفجار أوسع
تعود جذور التصعيد إلى الهجوم الدامي الذي وقع قبل أكثر من أسبوعين في كشمير الخاضعة للسيطرة الهندية، وأسفر عن مقتل 26 مدنيًا، وهو ما أثار موجة من الغضب في الهند. واتهمت نيودلهي باكستان بالوقوف خلف الهجوم، في حين نفت إسلام آباد أي علاقة لها بالحادثة.
وردًا على الهجوم، شنت الهند يوم الأربعاء ضربات جوية طالت أراضي باكستانية ومواقع في كشمير التي تديرها إسلام آباد، في إطار ما سمّته “عملية سيندور”. وأسفرت الغارات عن مقتل عدد من المدنيين وإصابة آخرين، بحسب تقارير ميدانية.
وقالت الحكومة الهندية إن الضربات استهدفت “البنية التحتية الإرهابية” على حدّ تعبيرها، لكن رئيس الوزراء الباكستاني، شهباز شريف، وصفها بأنها “عمل حربي”، فيما توعّد قائد الجيش الباكستاني بالرد على ما اعتبره عدوانًا مباشرًا.
وقد أسفرت الضربات المتبادلة عن مقتل نحو 50 شخصًا في كلا البلدين، وسط تحذيرات من توسّع رقعة النزاع.
وعلى الرغم من أن الهند وباكستان، الدولتين النوويتين، خاضتا ثلاث حروب وعددًا من النزاعات المحدودة، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تراجعًا في وتيرة الاشتباكات المباشرة. لكن محللين حذّروا من أن وتيرة التصعيد الحالية قد تقود إلى مواجهة أوسع، لا سيما في ظل التوتر الإقليمي الحاد وتزايد الضغوط السياسية على الجانبين.