بقلم:&nbspيورونيوز

نشرت في

اعلان

وسط دمار شامل ناجم عن الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين، يواجه السودان واحدة من أخطر الأزمات الإنسانية التي تهدد حياة الملايين. ففي ظل تدهور الخدمات الأساسية وتوقف أكثر من 80% من المستشفيات، تتفاقم جائحة الكوليرا بسرعة مذهلة، لتتحول العاصمة الخرطوم إلى بؤرة رئيسية للوباء.

وأفادت السلطات الصحية بأن عدد حالات الإصابة بالكوليرا في الخرطوم تجاوز 1000 حالة يوميًا، مما يجعلها البؤرة الرئيسية لانتشار المرض.

وقال نيكولا جان، رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود (MSF) في السودان : “الوضع الحالي لوباء الكوليرا سيء جدًا، خاصة في الخرطوم التي أصبحت بؤرة تفشي المرض. لقد شهدنا موجة كوليرا ارتفعت بشكل سريع خلال أيام قليلة، حتى بلغ عدد الإصابات المئات، بل وحتى تجاوزت ألف حالة يوميًا في الخرطوم.”

وأرجع جان سبب التفشي إلى “آثار الصراع على نظام المياه وعلى النظام الصحي وعلى نظافة المواطنين”، مشيرًا إلى أن “الكثير من الناس تشردوا مرارًا وتكرارًا، ولم يجدوا ملجأ أو حتى منزلًا، واضطروا للعيش في مراكز إيواء مكتظة. هذا الاختلاط، ونقص المياه، وسوء النظافة، وعدم الوصول إلى الرعاية الصحية كلها عوامل ساعدت على انتشار المرض وجعلت من الصعب السيطرة عليه.”

وسجلت وزارة الصحة السودانية حالات في مدينة أم درمان، وكذلك في ولايات كردفان الشمالية وسنار والجزيرة والنيل الأبيض والنيل. وقد كانت كلتا المدينتين الخرطوم وأم درمان ساحتي قتال طوال الحرب، ما أدّى إلى نزوح معظم السكان.

مع استعادة الجيش السيطرة على المنطقة من قوات الدعم السريع في نهاية مارس الماضي، بدأ نحو 34 ألف شخص في العودة إلى ديارهم، لكنهم وجدوا مدنًا مدمرة، ومنازل مهترئة، وبنية تحتية منهارة.

وقال أحد سكان الخرطوم العائدين بعد الهجرة : “منذ عودتنا إلى هنا، لم نجد طريقة للحصول على مياه الشرب سوى من النهر. نستخدم شاحنات لجلب المياه، ثم نملأ بها الحاويات أو البراميل، ونتركها لفترة قصيرة، ثم نضعها في أواني الشرب ونشرب منها.”

وروت إحدى السيدات: “بعد شهرين أو ثلاثة من الحرب، توقفت إمدادات المياه تمامًا، والكهرباء تنقطع ثم تعود، لكن المياه توقفت بشكل كامل. الأمر يفوق أي جهد، وفي الوقت الحالي هناك الكثير من المعاناة.”

وأرجعت اليونيسيف سبب نقص المياه النظيفة إلى تدمير محطات توليد الكهرباء، مما أدى إلى تعطل مضخات المياه. كما تعرضت أنظمة الصرف الصحي لأضرار بالغة، مما زاد من خطر انتشار الأمراض.

ويشير الدكتور سيد محمد عبدالله من اتحاد الأطباء السودانيين إلى أن “أكثر من 80% من المستشفيات غير قادرة على العمل، بينما تعاني تلك التي ما زالت تعمل من نقص المياه والكهرباء والأدوية.” وهو ما يجعل الاستجابة الطبية للوباء صعبة للغاية.

ووصفت منظمة الصحة العالمية الكوليرا بأنها “مرض الفقر”، إذ تنتشر في المناطق التي تعاني من ضعف البنية التحتية الصحية ونقص المياه النظيفة. وهو مرض إسهالي ينتج عن تناول طعام أو ماء ملوث ببكتيريا الفيبريو كوليرا، ويمكن علاجه بسهولة باستخدام محلول إعادة الترطيب والمضادات الحيوية.

ويواجه العالم اليوم نقصًا حادًا في اللقاحات، حيث انخفض مخزون منظمة الصحة العالمية العالمي من لقاح الكوليرا الفموي دون الحد الأدنى البالغ 5 ملايين جرعة، مما يزيد من صعوبة السيطرة على الجائحة.

ويرزح السودان تحت وطأة الحرب الأهلية منذ أبريل 2023، عندما تحولت التوترات بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى معارك عنيفة منتشرة في جميع أنحاء البلاد. أُبلغ عن مقتل 24 ألف شخص على الأقل، رغم أن الرقم الحقيقي قد يكون أعلى بكثير. وتم تهجير أكثر من 14 مليون شخص من منازلهم، بما في ذلك أكثر من 4 ملايين فروا إلى الدول المجاورة. وأُعلنت مجاعة في خمس مناطق على الأقل، وكان مركزها الرئيسي هو إقليم دارفور المدمّر.

شاركها.
اترك تعليقاً