بقلم:&nbspيورونيوز

نشرت في

اعلان

كشفت وكالة “رويترز” في تحقيق صحفي معمق أن محمود حبيبي، المواطن الأمريكي من أصل أفغاني، تم اعتقاله في 10 أغسطس 2022 أمام شقته في حي شيربور بكابول، من قبل مقاتلين من طالبان يرتدون زي الشرطة العسكرية ويحملون شارات تابعة للمديرية العامة للشؤون الاستخبارية (GDI)، الجناح السري والاستخباراتي للحركة.

وكان حبيبي، البالغ من العمر 37 عامًا، يُعدّ أمتعته للعودة إلى منزله في نيوجيرسي، عندما احاط به مسلحون ووضعوا عصابة على عينيه داخل سيارة تويوتا لاندكروزر، قبل أن يُنقل إلى جهة مجهولة.

وأظهر التحقيق شهادات سكان عاينوا الواقعة، تفيد بأن مجموعة أخرى من المسلحين اقتحمت شقته بعد كسر الباب إثر رفض شقيقته فتحه، وصادروا حاسوبه المحمول ومستنداته الشخصية.

ومنذ اختفائه، تنكر سلطات طالبان باستمرار احتجازه، وتدّعي عدم امتلاكها لأي معلومات عن مكان تواجده.

الربط مع اغتيال الظواهري

ووفقًا لمصدرين أمريكيين على دراية بالقضية نقلت عنهم “رويترز” قولهم، “يُحتمل أن طالبان احتجزت حبيبي بسبب تسلل الـCIA إلى شركة “مجموعة آسيا للاستشارات” (ACG)، إحدى الشركات التابعة لشركة ARX للاتصالات، التي كان يعمل بها حبيبي كمشرف على العقد الأفغاني”.

وبحسب الوكالة استخدمت الـCIA كاميرات مراقبة مثبتة على أبراج اتصالات نصبتها ACG حول كابول، إحداها كانت موجهة نحو منزل في الحي الدبلوماسي، حيث رُصد زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري. وقد أكدت لقطات الفيديو من الكاميرا وجود الظواهري، مما ساعد في تحديد موقعه قبل اغتياله بضربة بطائرة مسيرة في 31 يوليو 2022.

وكان حبيبي قد عاد إلى كابول من رحلة عمل إلى دبي في 4 أغسطس 2022، أي بعد عشرة أيام من اغتيال الظواهري. وبحسب المصدرَين، لم يكن على علم بتدخل الـCIA أو بالخطر الذي قد يواجهه.

قال أحمد، الشقيق الأكبر لحبيبي: “لم يخبره أحد بشيء. لا الشركة، ولا وكالة الاستخبارات المركزية، ولا أي جهة. فعاد ببساطة”.

أدلّة تتعارض مع الإنكار

ورغم نفي طالبان، توجد أدلة تشير إلى احتجازه حسب شهادات بحوزة الحكومة الأميركية اطلعت عليها “رويترز” منها شهادة زميل عمل كان محتجزًا معه ثم أُفرج عنه لاحقًا، ذكر فيها أنه رأى حبيبي في مقر المديرية العامة للشؤون الاستخبارية (GDI)، وسمعه أثناء استجوابه حول ما إذا كان يعمل لصالح الـCIA أو له علاقة بعملية استهداف الظواهري.

كما رصدت الحكومة الأمريكية إشعارات من هاتف حبيبي المحمول في يونيو وأغسطس 2023، أظهرت تفعيل الجهاز داخل مقر الـGDI، وفقًا للمسؤول الأمريكي والمسؤول السابق.

ولم تتمكن “رويترز” من الوصول إلى الشهود الذين أدلوا بأقوالهم، بمن فيهم زميله في العمل، أو التحقق من دقة روايتهم عن احتجاز حبيبي.

كما أظهرت وثيقة داخلية من شركة ACG، مؤرخة 15 سبتمبر 2022، أن المديرية الاستخبارية اعتقلت 30 موظفًا من الشركة، وأفرجت عن جميعهم عدا حبيبي وشخصًا آخر. وطلبت الشركة في الرسالة من وزارة الاتصالات الأفغانية السماح بزيارة أفراد العائلة للسجناء الثلاثة، بمن فيهم حبيبي.

وردت الوزارة بعد يومين، مُقرةً باحتجاز حبيبي كأحد سجناء الـGDI، ومضيفة أن القرار بشأن طلب الزيارة سيُتخذ بعد انتهاء التحقيقات.

لكن في 3 يوليو 2025، نفى المتحدث باسم طالبان، زبيح الله مجاهد، عبر وكالة الأنباء الرسمية، احتجاز حبيبي، قائلًا إن التحقيق لم يعثر على دليل على توقيفه من قبل قوات الأمن، مؤكدًا أن طالبان “سلطة شرعية لا تحتجز أشخاصًا دون إجراءات قانونية”.

الرجل الذي لا يُعترف بوجوده

حبيبي، المولود في كابول لأبوين من قندهار، بدأ حياته المهنية في وكالة الطيران المدني التابعة للأمم المتحدة عام 2008، ثم عمل في مكتب إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية (FAA) بالسفارة الأمريكية من 2011 إلى 2013. وترقّى ليصبح وزير الطيران المدني في 2017، قبل أن يستقيل في 2019 للانضمام إلى شركة ARX.

وخلال السنوات الخمس التي تلت، قسّم وقته بين كابول والولايات المتحدة، وجمع 30 شهرًا من الإقامة المستمرة، مما أهّله للحصول على الجنسية الأمريكية في 2021.

وكان حبيبي في كابول أثناء الانسحاب الأمريكي في أغسطس 2021، وسافر لاحقًا إلى دبي، ثم عاد إلى كابول في 4 أغسطس 2022، بعد توقف في قطر للاطمئنان على عائلته ووالديه، الذين كانوا في قاعدة عسكرية أمريكية هناك بانتظار تأشيرات الهجرة.

ومنذ اعتقاله، لم ترَ زوجته وابنته ووالداه حبيبي، الذين انتقلوا لاحقًا للعيش في كاليفورنيا.

موقف الحكومة الأمريكية

وتعتبر الحكومة الأمريكية حبيبي “رهينة” رسميًا، بسبب رفض طالبان تأكيد احتجازه أو الكشف عن مكانه. وتُعد قضيته عقبة أمام أي تقارب محتمل بين واشنطن وطالبان، التي تسعى للحصول على اعتراف دولي.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية: “نحن نعلم أن طالبان اختطفت محمود حبيبي منذ ما يقرب من ثلاث سنوات”، داعية إلى “إطلاق سراحه فورًا”.

وأكدت مصلحة التحقيقات الفيدرالية (FBI) التزامها بإعادته إلى عائلته، بالتعاون مع شركاء في الحكومة الأمريكية.

ورغم عرض مكافأة قدرها 5 ملايين دولار مقابل معلومات، ومحاولات دبلوماسية، بما في ذلك عرض تبادل حبيبي مع محمد رحيم، أحد مساعدي أسامة بن لادن المحتجز في غوانتانامو، رفضت طالبان الصفقة.

وقال مسؤول أمريكي: “لقد جربنا كل من الحافز والضغط. طالما يضعون جدارًا أمامنا”.

ومنذ توقيف حبيبي، اعتقلت طالبان أربعة أمريكيين آخرين ثم أُفرج عنهم لاحقًا. لكن حالته تبقى الأشد تعقيدًا.

شاركها.
اترك تعليقاً