بمناسبة يوم استقلال الهند الـ 79، أتقدم بأحرّ التحيات وأطيب التمنيات لجميع المواطنين الهنود في المملكة العربية السعودية، ولأصدقائنا وشركائنا السعوديين الأعزاء.

يوم 15 أغسطس يمثل أهمية بالغة لكل هندي، ففي هذا اليوم من عام 1947م نالت الهند استقلالها. إن هذا اليوم يُمثّل نهاية الحكم الاستعماري وبداية رحلتنا كأكبر ديمقراطية في العالم. وفي هذا اليوم، نذكر أولئك الذين ناضلوا من أجل حريتنا، ونُكرّم الجنود الشجعان الذين يواصلون حماية حدودنا، والذين قدّم الكثير منهم أقصى التضحيات من أجل وطنهم.

وتفخر الهند بتاريخها الحضاري الغني، وثقافتها المتنوعة، وقيمها الديمقراطية الراسخة. ويرتكز نهج الهند في العلاقات الدولية على الثقة والشراكة. والهند صوتٌ رائدٌ في الجنوب العالمي، وقد ساهمت بشكلٍ كبير في جهود الأمم المتحدة لحفظ السلام، ولعبت دورًا فاعلًا في دعم الاستدامة والعمل المناخي.

وبعد ما يقرب من ثمانية عقود من الاستقلال، تبرز الهند كمثال ساطع لما يمكن تحقيقه من خلال العمل الجماعي من قبل 1.4 مليار شخص. وفي المجال الاقتصادي، تعد الهند رائدة في التجارة العالمية والاستثمارات والابتكار، مدفوعة ببيئة أعمال قوية وملف ديموغرافي ديناميكي وإصلاحات اقتصادية مستدامة.

وبصفتنا رابع أكبر اقتصاد في العالم بحجم ناتج محلي إجمالي أكبر من 4 تريليونات دولار، فإننا في طريقنا لنصبح ثالث أكبر اقتصاد مع ناتج محلي إجمالي متوقع يبلغ 7.3 تريليون دولار بحلول عام 2030م، كما أن الهند هي أسرع اقتصاد رئيسي نموًا في العالم، حيث ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 6.5٪ في المتوسط. ولا تزال الهند وجهة مفضلة للاستثمارات العالمية، حيث وصلت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر التراكمية إلى 1.05 تريليون دولار، اعتبارًا من 2024م -2025م. وقد أرست مبادراتنا الاستراتيجية مثل مخططات الحوافز المرتبطة بالإنتاج (PLI) وتنشيط المنشآت المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة (MSMEs) وتوسيع البنية التحتية الرقمية الأساس لاقتصاد عالي النمو وعالي الفرص. ولقد قمنا بترسيم مسارات جديدة من الفضاء إلى أعالي البحار وحددنا أهدافنا بأن تصبح الهند دولة متقدمة بحلول عام 2047م.

ويُعدّ هذا اليوم أيضًا فرصةً للتأمل في علاقاتنا الوثيقة مع شركائنا الرئيسيين. والمملكة العربية السعودية من أكثر شركاء الهند الاستراتيجيين ثقةً وتقديرًا. وتتجذر علاقاتنا في نسيجٍ غنيّ من الروابط الحضارية والثقافية والتجارية التي تعود إلى قرون. واليوم، تمتدّ الشراكة الهندية السعودية لتشمل مجموعةً واسعةً من المجالات، بما في ذلك الدفاع والأمن والتجارة والاستثمار والطاقة والتكنولوجيا والرعاية الصحية والتعليم والثقافة، بالإضافة إلى التبادلات الشعبية النابضة بالحياة. ومع ذلك، فإنّ قوة علاقتنا تتجاوز بكثير القطاعات الفردية. فهي ترتكز على الثقة المتبادلة وحسن النية والإدراك المشترك بأنّ شراكتنا، في عالمٍ يتزايد فيه عدم اليقين، تُمثّل ركيزةً للاستقرار والقوة.

وكانت الزيارة الرسمية التاريخية التي قام بها رئيس وزراء الهند للمملكة العربية السعودية في شهر أبريل 2025م عكسًا حقيقيًا لهذه الروابط المتنامية. وأجرى رئيس وزراء الهند، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود لقاءات مثمرة للغاية في جدة، أسفرت عن نتائج رئيسية، بما في ذلك الاتفاقية حول إنشاء مصفاتين كمشروع مشترك بين الهند والمملكة العربية السعودية في الهند، ومذكرات تفاهم في مجالات الصحة، والتعاون البريدي، والتعاون الفضائي، والرياضة (مكافحة المنشطات)، والتعاون البريدي.

وترأس القائدان الاجتماع الثاني لمجلس الشراكة الاستراتيجي الهندي – السعودي خلال هذه الزيارة. وتماشيًا مع تعميق الشراكة الاستراتيجية على مدى السنوات القليلة الماضية، تم إنشاء لجنتين وزاريتين جديدتين تحت مظلة مجلس الشراكة الاستراتيجي؛ إحداهما: التعاون الدفاعي، والأخرى: التعاون السياحي والثقافي.

وعلى الصعيد التجاري، بلغ حجم تجارتنا الثنائية نحو 42 مليار دولار في السنة المالية 2024م-2025م. وتُعدّ الهند الآن ثاني أكبر شريك تجاري للمملكة العربية السعودية، بينما تحتل المملكة المرتبة الخامسة بالنسبة للهند.

وتقوم الشركات الهندية بالاستثمار بشكل متزايد في المملكة العربية السعودية. ويشارك العديد منها في مشاريع رئيسية للبنية التحتية والطاقة في إطار رؤية 2030م.

وتساهم شركات تكنولوجيا المعلومات والتقنية الهندية في التحول الرقمي في المملكة العربية السعودية، بينما يتزايد الاهتمام أيضًا بمجالات مثل الرعاية الصحية والخدمات اللوجستية والتعدين والشركات الناشئة، لقد أنشأنا أطرًا مؤسسية قوية، بما في ذلك لجنة وزارية حول التجارة والطاقة والاستثمار والتكنولوجيا، وفريق العمل رفيع المستوى حول الاستثمار، وتتكامل رؤيتنا الاقتصادية – رؤية 2030 للمملكة العربية السعودية ورؤية الهند 2047 – مما يخلق تآزرًا واسعًا للنمو.

ولا تزال الطاقة ركيزة أساسية في شراكتنا. والمملكة العربية السعودية مورد رئيسي وموثوق للنفط والغاز، التي تواصل دعم تنمية الهند. كما نعمل مع المملكة العربية السعودية في مجالات مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين. وتغطي مذكرة التفاهم التي تم التوقيع عليها في عام 2023م الربط الكهربائي والهيدروجين وسلاسل التوريد. وندرس فكرة ربط شبكاتنا الكهربائية، وهو مشروع يندرج ضمن مشروع الممر الاقتصادي الأوسع بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEEC) الذي تم الإعلان عنه عام 2023م.

ونُدرك أن الاستقرار في المنطقة وخارجها يعود بالنفع على دولنا والعالم. ولتحقيق هذه الغاية، شهد التعاون الدفاعي نموًا مطردًا. وتم إجراء التمرين الأول العسكري المشترك، «صدى التنسيق-١»، العام الماضي، إلى جانب 2 من التمارين البحرية، «المحيط الهندي»، في عامي 2021م و2023م، وهناك تبادل منتظم للقيادات العسكرية، وبرامج تدريبية، وتعاون متزايد في الصناعات الدفاعية. وعلى الصعيد الأمني، نعمل معًا بشكل وثيق لمكافحة الإرهاب والتطرف والاتجار بالمخدرات والتهديدات السيبرانية.

وهناك رابط طبيعي في الثقافة والعلاقات بين الشعوب في البلدين. ويحظى المحتوى السينمائي والتلفزيوني الهندي بشعبية كبيرة في المملكة العربية السعودية، كما يشهد التعاون في قطاعي الإعلام والترفيه نموًا متزايدًا، بما في ذلك الإنتاج المشترك. وقد اكتسبت اليوغا شعبية في المملكة، بدعم قوي من حكومة المملكة العربية السعودية. وتوسعت التبادلات الأكاديمية. وبدأنا أنشطة بحثية مشتركة في الأرشيفات التاريخية. وهناك اهتمام متزايد بلعبة الكريكيت بين المواطنين السعوديين. ويشارك عدد أكبر من اللاعبين الهنود في بطولات الرياضات الإلكترونية في المملكة العربية السعودية. كما ازدادت أعداد السياح القادمين من كلا الاتجاهين في البلدين بشكل مطرد. كما نرحب بقرار المملكة العربية السعودية الانضمام إلى التحالف الدولي للقطط الكبيرة (IBCA).

والجالية الهندية النابضة بالحياة في المملكة العربية السعودية جسرٌ حيٌّ يربط بلدينا، نُقدّر تقديرًا عميقًا دور القيادة السعودية في رعاية رفاهية 2.7 مليون هندي مقيمين في المملكة العربية السعودية، كما نُهنئ القيادة السعودية على تنظيم موسم الحج هذا العام بنجاح.

ولا تُرسّخ الهند والمملكة العربية السعودية شراكةً ديناميكية فحسب، بل تُرسّخان أيضًا رؤيةً جريئةً للمستقبل. ونحن معًا على أهبة الاستعداد للعب دورٍ محوريٍّ في صياغة السلام والتقدم والازدهار، ليس فقط لشعبينا، بل للعالم أجمع.

وبالنيابة عن حكومة وشعب الهند والجالية الهندية في المملكة، أغتنم هذه الفرصة لأُعرب عن أطيب تمنياتي لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، متمنياً المزيد من التقدم والازدهار المستدامين للمملكة العربية السعودية.

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
اترك تعليقاً