اختير فيلم “فلسطين 36” للمخرجة آن ماري جاسر ليمثل فلسطين في سباق جوائز أكاديمية فنون وعلوم الصورة (الأوسكار) الـ98 عن فئة أفضل فيلم دولي غير ناطق بالإنجليزية، والمقرر تنظيمه في 15 مارس/آذار 2026.

الفيلم المقرر عرضه العالمي الأول في الدورة الخمسين من مهرجان تورنتو السينمائي الدولي خلال سبتمبر/أيلول 2025، قبل مشاركته بعدها في العديد من المهرجانات الدولية والعالمية، ثم عرضه تجاريا في دور العرض السينمائية تم ترشيحه بعد جلسة تقييم عقدتها وزارة الثقافة الفلسطينية بصفتها الجهة المخولة بتقديم الترشيحات إلى أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة.

واعتبر وزير الثقافة الفلسطيني عماد حمدان أن ترشيح فيلم “فلسطين 36” يمثل دليلا على قدرة السينما الفلسطينية على حمل الرواية الوطنية وصون الهوية في مواجهة الإبادة المتواصلة ومحاولات الطمس المستمرة منذ عقود. وأوضح أن الفيلم استطاع أن يقدّم رؤيته بوضوح، عبر العودة إلى جوهر الحكاية الفلسطينية التي لم تكن يوما صراعا دينيا أو عرقيا، وإنما شكلا من أشكال العنف الاستعماري المدعوم بتحالفات خارجية، مع الحفاظ على مستوى فني واحترافي يعكس مكانة فلسطين.

وشدد حمدان، في بيان نشر عبر الصفحة الرسمية للوزارة على فيسبوك، على أن وزارته تسعى باستمرار إلى دعم المبدعين الفلسطينيين وتعزيز حضورهم في الساحة الدولية، لافتا إلى أن هذه المشاركات تشكل نافذة لتسليط الضوء على الحقيقة الفلسطينية ونقلها إلى العالم رغم قسوة الظروف والتحديات.

 

جاء اختيار الفيلم لتمثيل فلسطين في الأوسكار استنادا إلى تعمقه في جذور المأساة الفلسطينية، وكشفه للدور الذي لعبته القوى الاستعمارية، وعلى رأسها بريطانيا، في صياغة واقع جيوسياسي خانق للفلسطينيين. كما يوثق العمل مرحلة تاريخية مفصلية تداخلت فيها قسوة الاستعمار مع المقاومة الوطنية وما رافقها من تبعات إنسانية قاسية، حيث مهّد الدعم البريطاني للمليشيات الصهيونية وقمع ثورة 1936-1939 الطريق أمام استمرارية النكبة.

ويعتمد الفيلم على لغة بصرية تمزج بين الأرشيف والسرد التاريخي، فيما تتشكل شخصياته بصورة تعكس تنوع المجتمع الفلسطيني وتعدديته.

من جانبها، أوضحت المخرجة آن ماري جاسر أن فكرة تناول ثورة 1936 كانت تراودها منذ زمن، لكنها أرادت تقديمها برؤية إنسانية واقعية تحمل بعدا شخصيا. وأشارت في بيان صحفي إلى أن القصة تتابع مجموعة من الشخصيات التي وجدت نفسها وسط أحداث لم تخترها، بينما يخيّم على مصائرها قدر أكبر وأعمق. وأضافت أن العمل يسعى إلى التقاط تلك اللحظات الفارقة التي يُجبر فيها الإنسان على اتخاذ قرار مصيري يترك أثرا لا يُمحى في حياته

ورأت جاسر أن خوض هذه التجربة الإبداعية كان بمثابة مغامرة استثنائية، لافتة إلى المفارقة في أن العام الماضي، الذي اتسم بالعنف والدمار، هو ذاته العام الذي أنجزت فيه فيلما صنعته جهود جماعية.

إنتاج دولي مشترك

ويسلط الفيلم الضوء على أحداث ثورة عام 1936 ضد الانتداب البريطاني، من خلال رحلة شخصية يوسف، الشاب الذي يتأرجح بين قريته الريفية ومدينة القدس المشتعلة بالأحداث. وفي قلب هذه الأجواء المليئة بالاضطرابات، يجد نفسه أمام واقع تتقاطع فيه انتفاضات القرى مع تزايد تدفق المهاجرين اليهود الفارين من أوروبا الفاشية. ومع اشتداد المطالب الوطنية بالحرية، يقترب المشهد من مواجهة مصيرية ترسم حدود علاقة الفلسطينيين بالإمبراطورية البريطانية وتحدد مسار المنطقة لعقود تالية.

الفيلم إنتاج مشترك لفلسطين، قطر، بريطانيا، فرنسا، الدانمارك، السعودية والأردن، ويضم طاقم التمثيل العديد من الأسماء، منهم الممثل البريطاني الحاصل على الأوسكار غيرمي آيرونز، والممثلة الفلسطينية هيام عباس، والممثل الفلسطيني كامل الباشا، وصالح بكري، وياسمين المصري، جلال الطويل، ظافر العابدين.

وبترشيح فيلم “فلسطين 36” هذا العام، تكون فلسطين قد رفعت عدد مشاركاتها في هذه الفئة إلى 18 فيلما منذ أول ترشيح عام 2003، مؤكدة حضورها المستمر في واحد من أبرز المحافل السينمائية العالمية.

ومن المقرر أن تعلن أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة في 16 ديسمبر/كانون الأول المقبل عن القائمة الطويلة للأفلام المؤهلة لمسابقة أفضل فيلم دولي في جوائز الأوسكار 2026، على أن تكشف عن القائمة القصيرة المكونة من 5 أفلام في 22 يناير/كانون الثاني. أما الحفل الختامي للدورة الـ98 فسيقام في 15 مارس/آذار 2026.

شاركها.
اترك تعليقاً