في ظل تغيّرات لافتة يشهدها المشهد المالي في سورية، يبرز دخول تقنيات البلوكشين والويب 3 فرصةً فريدةً لإعادة وصل السوريين بالاقتصاد العالمي، بعد سنوات من العزلة والعقوبات.

في هذا الحوار، يسلّط المدير الإقليمي لبينانس في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا بدر الكالوتي، الضوء على فرص وتحديات هذا التحوّل، والدور الذي يمكن أن تلعبه بينانس في دعم الأفراد والشركات ضمن بيئة اقتصادية تبحث عن بدائل حقيقية.

فرصة فريدة

• لماذا يعد الدخول إلى السوق السورية فرصة فريدة لحلول البلوكشين والويب 3؟

•• يبلغ عدد سكان سورية نحو 24 مليون نسمة، ولا يزال جزء كبير منهم يعتمد على المعاملات النقدية ويواجه صعوبات في الوصول إلى الخدمات المصرفية التقليدية. وقد وفّر هذا الواقع فرصة حقيقية لتقنيات البلوكشين ومنصات الويب 3 لتجاوز الأنظمة المالية التقليدية، خصوصاً بعد رفع العقوبات.

• هل يمكنك شرح تأثير العقوبات؟ وكيف تغيّر الوضع أخيراً؟

•• طوال أكثر من عقد، تسبّبت العقوبات في عزل سورية إلى حد كبير عن النظام المالي العالمي. فمنذ عام 2011، فُرضت قيود شملت حظر النفط وتجميد الأصول ومنع الصادرات، مما أدى إلى شلّ الاقتصاد بالكامل وصعوبة تحقيق أي فرص عبر الحدود. لكن الأمور بدأت تتغيّر أخيراً مع تعليق العقوبات الأمريكية، ومنح إعفاءات وتراخيص لبعض المعاملات المحدودة. وفي يوليو الماضي، صدر أمر تنفيذي أزال عدداً من القيود طويلة الأمد، مما منح السوريين فرصة حقيقية لإعادة التواصل مع الاقتصاد العالمي.

• ماذا يعني هذا المشهد المالي الجديد للسوريين؟

•• أصبح بإمكان السوريين اليوم الوصول إلى مئات الأصول الرقمية، والتداول الفوري والمستقبلي، إلى جانب منتجات الادخار والكسب والعملات المستقرة وخدمة “Binance Pay” للتحويلات عبر الحدود. ويمثل ذلك خطوة مهمة؛ لأنها تفتح المجال لشمول مالي أوسع ومشاركة حقيقية في النظام المالي العالمي بطرق لم تكن متاحة من قبل.

ريادة الأعمال

• ما الفوائد الأخرى التي يمكن أن تقدمها تقنيات البلوكشين للأفراد والشركات في سورية إلى جانب التحويلات المالية؟

•• تتجاوز الآثار المحتملة نطاق التحويلات المالية بكثير. إذ يمكن للشركات الصغيرة البدء في قبول المدفوعات الرقمية والارتباط بالأسواق الإقليمية والعالمية وتقليل الاعتماد على النقد والائتمان غير الرسمي. كما يمكن للمطورين الشباب والطلاب والمبدعين الوصول إلى منصات الويب 3، وتعلّم مهارات جديدة ومتابعة مسارات مهنية كانت بعيدة المنال في السابق. ونظراً لأن غالبية سكان سورية من الشباب، فقد تكون هذه الأدوات بمثابة شرارة تُشعل روح ريادة الأعمال والابتكار، وتعزز الارتباط باقتصاد المعرفة العالمي.

• ما مدى أهمية الثقة في تعزيز تبني هذه التقنيات؟

•• تُعد الثقة عنصراً أساسياً. ففي بلد فشلت فيه الأنظمة الرسمية مراراً في تلبية حاجات الناس، تُقدّم تقنيات البلوكشين بديلاً قائماً على الشفافية والاستقرار. وبالنسبة للسوريين، يعني ذلك أن المدخرات والتحويلات تتم بطريقة آمنة، ما يُشكّل أساساً قويّاً لتوسيع نطاق تبنّي التمويل غير المركزي.

• ما الدور الذي يلعبه التعليم في هذا التحوّل؟

•• يُعد التعليم والتوعية من العوامل الجوهرية. فالكثير من الناس ما زالوا حديثي العهد بتقنيات البلوكشين والويب 3، ويُشكّل بناء الثقة خطوة أساسية بالنسبة لهم. وتُساهم منصات مثل أكاديمية بينانس، التي تُقدّم أدوات تعليمية مجانية، بدور محوري في تشجيع اعتماد البلوكشين والحد من العقبات التي تمنع الدخول إلى هذا المجال.

• ماذا يُمثّل دخول بينانس إلى سورية، إضافةً إلى فرصة الدخول إلى سوق جديدة؟

•• هذه الخطوة هي أكثر من مجرّد خطوة توسعية. فوجود بينانس في سورية لا يقتصر على انضمام لاعب جديد إلى السوق، بل يُعبّر أيضاً عن الاعتراف بدور تقنيات البلوكشين جسراً لمن حُرموا سابقاً من الأنظمة المالية التقليدية. وفي بلد عانى طويلاً من العوائق الاقتصادية، تُعد هذه الخطوة أكثر من مجرد تقدم تقني، فهي تحمل دلالة عميقة تتجاوز حدود التكنولوجيا نفسها.

• كيف ترون تفاعل السوريين حتى الآن؟

•• لقد فاق مستوى التفاعل توقعاتنا. ومنذ انطلاق المنصة في سورية، شهدت أعداد التسجيل ارتفاعاً كبيراً بفضل خدمات التداول من نظير إلى نظير، وحلول الإيداع والسحب. كما ارتفعت أحجام التداول الشهرية بشكل ملحوظ، وسجّلت مبيعات “Fan Token” نمواً غير مسبوق. ولا تعبّر هذه الأرقام عن بيانات فحسب، بل تعكس شغف مجتمع ظلّ لسنوات ينتظر الفرصة المناسبة للدخول إلى عالم العملات الرقمية.

• ماذا عن المستقبل؟ وما أبرز التحديات والفرص المقبلة؟

•• يتطلّب الطريق إلى الأمام وقتاً وجهوداً مستمرة في مجالي التثقيف وبناء الثقة، لكننا وضعنا اللبنة الأولى. والأهم الآن هو المنفعة الفعلية في الحياة اليومية، أي توفير أدوات حقيقية تساعد الناس على التعامل مع التحديات المالية التي عجزت الأنظمة التقليدية عن معالجتها. فبالنسبة للسوريين، لا تُعد الأصول الرقمية مجرد أدوات استثمار، بل وسيلة لإعادة الارتباط بالاقتصاد العالمي. ورغم استمرار وجود بعض العقبات، إلا أن الأبواب التي فُتحت تمثل خطوة فارقة إلى الأمام.

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
اترك تعليقاً